الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك

الحرب تبدأ فـــي العقــــول... والسلام كذلك

المغرب اليوم -

الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك

بقلم - عريب الرنتاوي

الحرب تبدأ في العقول، والسلام أيضاً ... ومن يتتبع ما يدور في عقول القادة العراقيين من عرب وكرد، لا يستبعد خيار الحرب أبداً ... مسعودة البرزاني يريد أن يرسم حدود الإقليم بالدم، وهو يستعير من «الإسرائيلي» عبارته، حدودنا حيث تقف دباباتنا ... والجماعة الحاكم في بغداد، داخل الحكومة ومن خارجها، تبقي كافة الخيارات على الطاولة، في استعارة مستوردة من قاموس «العم سام»، ودائماً في إشارة للغة السلاح، وعندما يبدأ الحوار بالدم والدبابات وخيار القوة، فمن غير الحكمة استبعاد خيار المواجهة وإراقة الدماء بين الجانبين.
الرؤوس «الحامية» كثيرة، وعلى ضفتي معادلة الانقسام العربي – الكردي ... الشوفينية العربية، باتت مطعمة بأبعاد دينية ومذهبية ... من العروبة الطاردة، إلى الإسلام السياسي الطارد كذلك ... فيما الشوفينية الكردية، بنت إرثها التاريخي على خطاب المظلومية، وبهذا فهي أشد خطراً وعدوانية على ما عداها من أقليات قومية ودينية، وقد لاحت في الأفق بوادر كاشفة عن مضمون ومحتوى هذه الشوفينية، ومن المتوقع أن تتفاقم وتصبح أشد خطراً في المستقبل.
في غياب العقل والحوار والحلول السياسية، تصبح الكلمة العليا لهؤلاء الشوفينيين، ومن تتبع خلال الأيام والأسابيع القليلة الفائتة، حرب التصريحات والاتهامات على مختلف الشاشات والموجات وصفحات الجرائد، يدرك تمام الإدراك، معنى المقولة التي بدأنا بها هذه المقالة: الحرب تبدأ بالعقول والسلام يبدأ بها كذلك.
الطرفان، وبعد سنوات من الاشتباك مع داعش، أخذا يستعيران بعض مفرداته: تمجيد الشهادة والتضحية بالدماء والأرواح ... يتحول المواطنون إلى جثث لا يمكن لمشاريع الآخر إلا أن تمر فوقها ... بناء الأوطان وحفظ سيادتها ووحدتها، دونه المال والبنون ... مثل هذه اللغة لا تنتج عيشاً مشتركاً، ولا تبني أوطاناً ولا تعبد طريقاً للمستقبل ... مثل هذه اللغة، تجعل خيار الوحدة، كما خيار الانفصال، مدمراً في مختلف الحالات والسيناريوهات ... إذ كيف سيتعايش هؤلاء جنباً إلى جنب إن استمر العراق موحداً، وأية علاقة ستكون بين الطرفين في حال الانفصال أو الاستقلال وفقاً للتعبير المحبب للكرد العراقيين.
قلنا من قبل، ونقول اليوم، أن طلاقاً توافقياً حضارياً، أفضل بكثير من وحدة قسرية ... يبدو أن العراقيين ما زالوا بعيدين عن كلا الخيارين، فلا الطلاق الحضاري وارد في قاموس العراقيين عرباً وكرداً ... ولا يبدو أن الوحدة القسرية خياراً يسيراً على بغداد، فزمن «الأنفال» ولّى ... ولكلا الطرفين جيوشاً من الأصدقاء والحلفاء ... والأرجح أن يدخل الجانبان في دوامة الاحتراب والتدمير الذاتي لسنوات عديدة قادمة، ما لم يتدخل المجتمع الدولي والإقليمي بكامل ثقله، ويضع حداً لغياب العقل وتغييبه.
لم نفاجئ باندلاع الصراع العربي – الكردي في مرحلة «ما بعد داعش»، قلنا وقال غيرنا، أن هذا الصراع سيتصدر أجندة العراق والعراقيين فور صمت المدافع ... لكن المفاجئ لنا جميعاً أن هذا الصراع قد اندلع بأسرع مما توقعنا وتوقعوا ... وقبل أن تضع الحرب على داعش أوزارها ... لكأنه مكتوب على العراقيين، عرباً وكرداً، ألا يلتقطوا أنفاسهم، وألا يحظوا بهدنة أو وقف لإطلاق النار، منذ عشريات أربع من السنين.
على أية حال، ما زال في الوقت متسع لصوت عاقل يمكن أن يصدر عن المجتمع الدولي ... العقلاء في العراق باتوا عملة نادرة، والكل في المركز والإقليم، منشغل بحساباته الانتخابية وبتجديد شرعيته وبموقعه ومكانته في النظام السياسي الجديد ... صوت العقل يمكن أن يأتي فقط من المجتمع الدولي، إن كان هذا المجتمع معنياً بمستقبل العراق ومصائر شعبه ... وثمة بقية من الوقت لمثل هذه التدخلات، وثمة في الأفق ما يشي بوجود مبادرات ومحاولات لقطع الطريق على الانفجار الكبير، ومنع تداعي الوضع في العراق والإقليم برمته ... ودعونا نأمل أن تستيقظ عقول القادة العراقيين قبل خراب البصرة وكركوك والسليمانية وبغداد وأربيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا سعيدة بإهداء دورة مهرجان القاهرة السينمائي لشادية

GMT 01:36 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"لارام" تلغي الخط الجوي الرابط بين الحسيمة والدار البيضاء

GMT 00:59 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

10 نصائح للفوز بفستان زفاف أنيق يوافق المرأة في سن الأربعين

GMT 23:42 2024 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تُصرح أن جائزة جوي أووردز كانت مفاجأة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

إشبيلية يفشل في تأجيل سفر النُصيري

GMT 16:35 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ديكورات لحفلات الزفاف الخارجية لصيف 2023

GMT 23:09 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

السعودية تجمع 10 مليارات دولار من إصدار سندات

GMT 16:37 2022 الأحد ,09 كانون الثاني / يناير

4 غيابات للأسود في أولى مباريات "الكان

GMT 21:54 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقّعات العرّافة البلغارية العمياء بابا فانغا لعام 2021

GMT 22:53 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروغوياني يعلن إصابة لويس سواريز بـ فيروس كورونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib