«التانغو الأخير» بين عمان وطهران

«التانغو الأخير» بين عمان وطهران

المغرب اليوم -

«التانغو الأخير» بين عمان وطهران

بقلم - عريب الرنتاوي

القرار بشأن العلاقة بين عمان وطهران، ليس من النوع الذي يمكن اتخاذه بيسر وسلاسة ... صانع القرار الأردني، لا شك يجد نفسه محاطاً بكثير من التعقيدات والحسابات، قبل أن يقرر في أية وجهة يريد أن يسير، وضمن أية حدود يتعين ضبط العلاقة مع الجارة الإقليمية  للوطن.
العلاقة مع طهران، كانت موضع جدل ساخن في مؤتمر «الأردن في بيئة إقليمية متغيرة ... سيناريوهات المرحلة المقبلة 2» ... بدا المتحدث الإيراني الدكتور محمد مهتدي مستشار مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لوزارة الخارجية الإيرانية، شديد الحماسة لتطوير العلاقة الثنائية بين بلاده وبلادنا ... قدم إيران بوصفها الشقيقة الكبرى، المنزهة عن أي غرض أو مصلحة، نافياً وجود «مشروع إيراني» في المنطقة، ومندداً بالاتهامات الموجهة لبلاده بالتدخل والسعي للتدخل في الشؤون الداخلية لبلداننا العربية.
لم يأخذ المشاركون الأردنيون هذه المقاربة على محمل الجد، فإيران ليست «جميعة إغاثة» ولا هي «منظمة خيرية»، والأهم من كل هذا وذاك، أنها واحدة من الأطراف الفاعلة في المنطقة التي لا تحترم «قواعد ويستفاليا» الناظمة للعلاقة الدولية والنظام العالمي، مثلها في ذلك، مثل أطراف عديدة في المنطقة، دولاً ومنظمات، لعل أبشعها على الإطلاق «دولة البغدادي الإسلامية» التي جرّفت حدود سايكس – بيكو وأطاحت بمفاهيم ويستفاليا، بالجرافات والمفخخات.
مع أن كثرة من المشاركين والمتحدثين الأردنيين، عبّروا عن رغبة (ومصلحة) في تطبيع العلاقات الأردنية – الإيرانية، حتى أن بعضم رأى أنه من المتعذر على عمان استعادة علاقاتها مع كل من بغداد ودمشق إلى سابق عهدها، ما لم يجر تطبيع العلاقة بين عمان وطهران، لكن العلاقات بين الدول، مثلها مثل «رقصة التانغو» تحتاج إلى طرفين، ولا يمكن لها أن تتطور من جانب واحد.
طوال السنوات، وربما العقود الأربعة الأخيرة، ظلت العلاقات الأردنية – الإيرانية محكومة، أقله من الجانب الأردني، بمحددين رئيسين: الأول؛ ويتمثل في مستوى التأزم والتطبيع في العلاقات الأردنية – الخليجية، والثاني؛ ويتعلق بتطور العلاقات بين طهران وواشنطن ... الأردن لا يمكن له مبدئياً، أن يغرد بعيداً عن سرب حليفيه الاستراتيجيين: واشنطن والرياض.
لكن الأمر لا يخلو من تفاعلات ثنائية، جعلت الأردن دائم القلق والتحسب قبل الإقدام على اتخاذ أية خطوة على مسار تطوير العلاقات الثنائية مع إيران، خصوصاً في السنوات القليلة الماضية، حيث باتت إيران دولة جارة للأردن «»تحده» من الشرق والشمال، وباتت العلاقة معها معياراً من معايير الحكم على تطور العلاقة مع الجارتين العربيتين، سوريا والعراق.
وكلما بدا أن الأردن يريد أن يبعث برسائل «حسن نوايا» لطهران، تعرض للصد والصدمة ... اكتفي بذكر واقعة واحدة، كنت شاهداً عليها، عندما قام وفد أردني رفيع المستوىقبل أشهر معدودات بزيارة لطهران، وعلى رأسه رئيس المجلس عاطف الطراونة، للمشاركة في المؤتمر السادس حول فلسطين ... يومها أجمع الإعلام المحلي والإقليمي، على أن الزيارة محمّلة بالرسائل الإيجابية... 
بيد أن الصدمة للأردن جاءت من حليف موثوق لإيران، ومن على المنصة ذاتها التي جلس عليها رئيس مجلس النواب الأردني، وأعني بذلك الكلمة النارية التي ألقاها أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية- القيادة العامة، والتي حمل فيها على الأردن، وتهدده باجتياح قريب، من دون أن يحرك المضيف الإيراني ساكناً، بل ومن دون أن يراعي هذه المسالة من قبل، كما تقتضي بذلك، الأصول المتعارف عليها بين الدول ... يومها، انشغلت الصحافة ووسائل الإعلام الأردنية بالرد على جبريل، بل التكهن بمستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين.
«التانغو الأخير» بين عمان وطهران، وقع أمس ليلاً عندما سألني صديق لبناني عن «اللواء 313» التابع للحرس الثوري  الذي يجري تشكيله في جنوب سوريا، ومقره بلدة «أزرع» الدرعاوية ... هو قال أنه أقل من لواء، ولا يزيد عن 200 عنصر، إلى أن صدرت الزميلة الغد اليوم (أمس) بتقرير يؤكد ما ذهب إليه صديقي، الذي استذكر، والرواية على ذمة الراوي، أن الرقم 313 هو بعدد نواب الإمام الغائب؟!
يأتي ذلك في ظل مناخات انفراج نسبي تمر بها العلاقة بين عمان ودمشق، وأنباء عن تواصل الجهود لتطبيع الحدود وفتح المعبر واستئناف حركة الأفراد والبضائع عبره، من وإلى سوريا، وعبرها إلى لبنان وأوروبا وربما تركيا في وقت لاحق ...يأتي ذلك أيضاً فيما طهران تعرف تمام المعرفة، وهي أحد الضامنين الثلاثة لمسار أستانا، الموقف الأردني المشدد على ضرورة إبقاء «المليشيات الطائفية» على مسافة أمان من الحدود الأردنية – السورية.
يأتي ذلك أيضاً وأيضاً، فيما المنطقة تقف على «حافة الهاوية»، ولا ينقصها سوى «دفعة بسيطة» أو ربما «صدفة سيئة» حتى تنزلق إلى قعرها ... الأمر الذي يعني أنه كلما تقدم الأردن خطوة على طريق «تطبيع» العلاقة مع إيران، اصطدم بموقف أو سلوك إيرانيين، يجعل أمراً كهذا مستبعداً أو مؤجلاً في أحسن تقدير.
الأردن يريد علاقة طبيعية مع إيران، وليس إيران فقط من يريد علاقة جيدة مع الأردن، لكن الأمر الذي لا يجب أن يغيب عن الأذهان، أن طهران وليس عمان، هي من تجعل مثل هذه المهمة، أمراً متعذراً في المدى المرئي والمباشر على أقل تقدير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التانغو الأخير» بين عمان وطهران «التانغو الأخير» بين عمان وطهران



GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 10:08 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib