إعلان النصـر على «داعش» ومصير الميليشيات العابرة للحدود

إعلان النصـر على «داعش» ومصير الميليشيات العابرة للحدود

المغرب اليوم -

إعلان النصـر على «داعش» ومصير الميليشيات العابرة للحدود

بقلم - عريب الرنتاوي

إعلان النصر على داعش، صدر عن عواصم أربع: طهران وبغداد ودمشق وبيروت ... حسناً، هو نصرٌ مبين بلا شك، وإن كانت أكلافه عصيّة على الاحتمال، وآثاره ليست من النوع القابل للإمّحاء في وقت منظور، أما تهديد التنظيم الأمني، فما زال ماثلاُ، حتى بعد اندثار تهديده العسكري والاستراتيجي الذي ألقى بظلاله الكئيبة والكثيفة على المنطقة والعالم برمته، طوال أزيد من سنوات ثلاث.
ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لهذا البلدان، وتحديداً العربية منها؟
في الأفق، تلوح بوادر حروب متناسلة جديدة (...) واشنطن، ومعها حلفاء عرب وإقليميون، تشن حرباً ضروساً ضد حزب الله ... وهي أعلنت بعض فصائل الحشد الشعبي تنظيمات إرهابية ... والمؤكد أن هذا “المحور” لا يريد أن يرى ميلشيات شيعية في سوريا ... وإذا كانت خطة تأليب اللبنانيين على حزب الله قد سقطت بالنقاط في جولتها الأولى، فليس معنى ذلك أن الحرب عليه قد وضعت أوزارها.
وفي العراق، سيحتدم الجدل حول ميليشيات الحشد الشعبي، واستتباعاً العشائري (السني)، وسينبرى من يدافع عن “منطق الدولة” ومن يرى في المليشيات ذراعاً لها وضمانة لبقائها وديمومتها ... أما في سوريا، فتتولى إسرائيل القيام بدور رأس الحربة ضد بقاء إيران وميليشياتها في سوريا، أقله على مبعدة مسافة أمان من حدود الجولان المحتل ... إذا، الحرب لم تضع أوزارها بعد، والمرحلة التي كان فيها “الأمريكي” يقاتل إلى جانب الحشد الشعبي ضد داعش، انتهت ولن تعود، الأوامر صدرت بنقل البندقية من كتف إلى كتف، وقضي الأمر.
إن كان لحزب الله ما يبرر له الإبقاء على سلاحه في مواجهة التهديد الإسرائيلي للبنان براً وبحرً وجواً ... وأطماع تل أبيب في مائه ونفطه والاحتفاظ بمزارعه المحتلة، فإن الفصائل الأخرى من الحشد حتى تلك التي تسمى “حليفة ورديفة” في سوريا، لن تجد مثل هذا المبرر أبداً، وفي ظني أن المعركة الأخيرة على حزب الله، نجحت في وضع الأخير في سلة واحدة مع بقية الميليشيات، والبحث جارٍ في تسوية واحدة وترتيب واحد، لمعاجلة أمرها مجتمعة.
ما يحتاجه العراق على نحو ملح، ولكي لا تعود داعش ثانية، أو لا تنبثق فصائل وتنظيمات أشد هولاً منها، هو السعي من دون إبطاء لإنجاز المصالحات الوطنية والمجتمعية، وإعادة تصحيح وتصويب مسار العملية السياسية، وبناء نظام سياسي أكثر اتزاناً وتوازناً في تمثيل مصالح مختلف المكونات العراقية ... مخرج العراق من أزمته المتراكبة منذ العام 2003، لا حل لها بعيداً عن الدولة العادلة والقادرة، والعراق مؤهل لفعل ذلك، ولا مبرر لبقاء أي من الكيانات المسلحة “اللا دولاتية”، سنية كانت أم شيعية، عربية أم كردية.
وسوريا بدورها بحاجة لمصالحة وطنية عميقة، وحل سياسي لا يُبقي أحداً خارجه أو بعيداً عن مساراته ... وربما هذا ما استجوب دعوة الأسد إلى سوتشي على عجل، وعشية القمة الثلاثية للدول الضامنة لمسار أستانا و”خفض التصعيد”، وحده دون أيّ من مساعديه، في لقاء بدا غريباً جداً على الشاشة الروسية: لا علم سورياً، ولا مرافق للرئيس السوري المحاط بالجنرالات الروس من على يمينه وشماله ... كان مشهداً نادراً، ربما بحجم الرسالة التي تبلغها الرئيس من صديقه “القيصر”: سوريا بحاجة لحل سياسي، وبمشاركة الجميع ... سوريا القديمة لن تعود مجدداً، وسوريا اليوم، غير ما كانت عليه قبل سبع سنوات.
لا حاجة للمليشيات التي تكاثرت في سوريا بعد اليوم، الحرب على داعش تكاد تضع أوزارها، وبقية الفصائل المسلحة منخرطة أو مرشحة للانخراط في مساري استانا – جنيف، وثمة توافقات تتضح معالمها في اجتماعات سوتشي المكثفة: قمة الأسد – بوتين، اجتماع رؤساء أركان الدول الثلاث، واجتماع قادتها بعده، وقبلها في أنطاليا (وزراء خارجية الدول الثلاث) وأثناءها في الرياض (اجتماعات توحيد المعارضة السورية).
أما في لبنان، فلا حل عسكرياً لمشكلة حزب الله أو للمشكلة معه، بل ولا حل لبنانياً لهذه المسألة ... الحل سياسي إن أريد للبنان أن يتفادى الانفجار والانهيار ... والحل إقليمي، طالما أن حزب الله بات لاعباً على مسرح الإقليم، باعتراف (اتهام – لا فرق) من خصومه قبل حلفائه ... زمن التسويات في سوريا والعراق، يقترب، وبعد إنجازها، وربما بعده فقط، يمكن للبنان الذي تفادى الانزلاق إلى مستنقع الفوضى طوال سبع سنوات، أن “ينزلق” إلى الحل السياسي لمشكلاته الداخلية ومشكلاته مع الآخرين، أو مشكلات الآخرين معه ... ليس هنا يكمن جوهر المسألة.
قد لا تسير التطورات والأحداث في هذا المنحى السلس والمجرد، فهذه المنطقة حبلى بالمفاجآت من كل نوع وعيار، وقد يحصل الانفجار في لبنان قبل أن تنعم سوريا والعراق بالأمن والسلام ... وقد يتعقد المشهد على وقع “مشروع ترامب” و”صفقة القرن” ... وقد يحصل ما لا يمكن التنبؤ به في دول القرار العربي التي تغلي على مرجل المشكلات والصراعات الداخلية والبينية ... كل هذا وارد، بل ووارد جداً، ولكن بعد سنوات من الفشل، تجد البلدان العربية نفسها بمَسيس الحاجة لـ “الدولة”، ويجد الإقليم نفسه بحاجة لـ “ويستفاليا” جديدة، أو بالأحرى للعودة إلى قواعد ويستفاليا القديمة، فالمنطقة دفعت ثمناً باهظاً للسياسات والأدوار والدول والحركات العابرة للحدود، من “داعش” و”النصرة” وما شاكلهما إلى الميليشيات المذهبية إياها، وجميعها تحظى بالرعاية من قبل حواضر إقليمية معروفة، وأحياناً تحظى بتواطؤ دولي يصل حد “التورط” المباشر في دعمها وإسنادها ومدّها بنسغ الحياة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلان النصـر على «داعش» ومصير الميليشيات العابرة للحدود إعلان النصـر على «داعش» ومصير الميليشيات العابرة للحدود



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا سعيدة بإهداء دورة مهرجان القاهرة السينمائي لشادية

GMT 01:36 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"لارام" تلغي الخط الجوي الرابط بين الحسيمة والدار البيضاء

GMT 00:59 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

10 نصائح للفوز بفستان زفاف أنيق يوافق المرأة في سن الأربعين

GMT 23:42 2024 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تُصرح أن جائزة جوي أووردز كانت مفاجأة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

إشبيلية يفشل في تأجيل سفر النُصيري

GMT 16:35 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ديكورات لحفلات الزفاف الخارجية لصيف 2023

GMT 23:09 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

السعودية تجمع 10 مليارات دولار من إصدار سندات

GMT 16:37 2022 الأحد ,09 كانون الثاني / يناير

4 غيابات للأسود في أولى مباريات "الكان

GMT 21:54 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقّعات العرّافة البلغارية العمياء بابا فانغا لعام 2021

GMT 22:53 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروغوياني يعلن إصابة لويس سواريز بـ فيروس كورونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib