هل أسقطت غزة «صفقة القرن»

هل أسقطت غزة «صفقة القرن»؟

المغرب اليوم -

هل أسقطت غزة «صفقة القرن»

بقلم : عريب الرنتاوي

لم تتوقف حملة "التهويل" لنتائج وتداعيات معركة اليومين الأخيرة في غزة عند حد القول إنها ألحقت "هزيمة كبرى" بإسرائيل وأصابتها بـ"الفشل" و"الانهيار"، وإنها أودت بحكومة نتنياهو إلى الهلاك ... الحملة متواصلة، إذ قد أطلّ علينا من يقول إن غزة انتصرت على "صفقة القرن" وأسقطتها ... إن كان الأمر استخفافاً بعقول الناس ومشاعرهم، فتلك مصيبة، وإن كان أصحاب هذه التقديرات المجنّحة مؤمنون بما يقولون فالمصيبة أعظم.

ومن غرائب الصدف والأقدار، أن طوفان التصريحات المحتفية بهزيمة إسرائيل وسقوط صفقة القرن، جاء متزامناً مع تحرك لافت للبيت الأبيض، دعا خلاله الرئيس ترامب أركان إدارته ذوي الصلة، لاجتماعات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على مشروعه المثير للجدل ... وأنه لم يتوقف حتى بعد أن نجح نتنياهو في "توضيب" حكومته، وإعادة الإمساك بزمام الحكومة والانتخابات المقبلة ... هذه التطورات، لا يتوقف عندها على ما يبدو، بعض الذين لا يرون أبعد من أنوفهم.

والحقيقة أن "صفقة القرن" قائمة فعلاً، ويجري تنفيذ فصولها الرئيسة على الأرض، قبل إعلانها ... وسواء أتم الكشف عنها قريباً أو بعد حين، فإن أخطر ما في هذه الصفقة، هو أنها تشق طريقها في ملفات القدس واللاجئين و"الأونروا" وما يعد لغزة ذاتها، من حلول إنسانية، لا تزيد على كونها غطاء لأخطر الحلول السياسية، حيث "التهدئة مقابل الغذاء والدواء والكهرباء"، يراد لها وبها، أن تكون مدخلاً لتحويل الانقسام إلى انفصال، وتأبيد حالة "ازدواج السلطة" وانفصالها، فيما تمضي إسرائيل قدماً، ومن دون رادع تقريباً، في تنفيذ أوسع مخططات الزحف الاستيطاني في الضفة، وأشمل عمليات التهويد والأسرلة للقدس.

كيف لمسؤول فلسطيني أن يدّعي بأن مواجهة محدودة في الزمان والمكان، لم تلحق تلك الخسائر البشرية والمادية المؤلمة بإسرائيل، قد نجحت في إسقاط مشروع ترامب وإحباط مراميه؟ ... وإن كان الأمر كذلك، فهل نحتاج لأكثر من بضع مواجهات على هذه الشاكلة، لكي ندحر إسرائيل ونستعيد فلسطين التاريخية؟ ... ولماذا الإصرار والحالة كهذه، على طلب التهدئة، وضبط عمليات إطلاق النار، وتوخي الحذر وأدق الحسابات في اختيار الأهداف عند الرد على العدوان الإسرائيلي؟ ... لماذا لا نشعلها حرباً شاملة، فنريح ونستريح، وندفع بالجملة ما يتعين علينا دفعه بالتقسيط من خسائر في الأرواح والممتلكات؟

هل هذا ما يريده الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل والمحاصر والشتات؟ ... هل نحن بحاجة لاستعادة خطابات أحمد سعيد، أم أننا بحاجة لخطة استنهاض وطني شامل، عاقلة ورشيدة، تلحظ مواطن القوة والضعف عندنا وعند عدونا؟ ... إن كنا في ذروة الحصار والانقسام قادرين على التسبب بهزيمة إسرائيل وإسقاط صفقة القرن، فما حاجتنا للوحدة الوطنية، وما حاجتنا للمصالحة، وما حاجتنا للوسيط المصري أو الأممي أو للمال القطري؟ ... ما حاجتنا لبذل الجهود المضنية على مسار الوساطات والوسطاء تارة للتهدئة وطوراً للمصالحة؟

أيها السادة! .... غزة صمدت وقاومت، وحماس أبلت بلاء حسناً في التصدي لعملية خان يونس اللئيمة، أو في الرد على الغارات الإسرائيلية ... غزة لم تعد لقمة سائغة للاحتلال ولا طريقاً مفروشاً بالحرير لجنوده وضباطه ... هذه حقيقة يلمسها القاصي والداني، ولا ينكرها إلا كل خائب أو مكابر.

لكن شتان بين كسب معركة تكتيكية مع الاحتلال، وإعلان النصر المشفوع بادعاءات لا يقبلها عقل ولا يصدقها عاقل ... المشاعر الجيّاشة مطلوبة، لكن العقل البارد مطلوب أكثر في هذه المرحلة، حتى لا يختلط حابل الأوهام بنابل الشعارات البرّاقة، التي ينطفئ مفعولها قبل أن يجف حبرها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل أسقطت غزة «صفقة القرن» هل أسقطت غزة «صفقة القرن»



GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 10:08 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:02 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
المغرب اليوم - دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib