«انتفاضة المهد»

«انتفاضة المهد»

المغرب اليوم -

«انتفاضة المهد»

بقلم - عريب الرنتاوي

للأقصى انتفاضته، تدرأ عنه طوفان التهويد و”الأسرلة” ... وللمهد في جواره، انتفاضته أيضاً، تذود عنه وعن فلسطين برمتها، مخاطر “التسريب المشبوهة” لأراضي الكنيسة الفلسطينية ... والفلسطينيون في كلتا الانتفاضتين، يقفون صفاً واحداً، مسلمين ومسيحيين، يداً بيد وكتفاً بكتف، دفاعاً عن هوية بلادهم الفلسطينية – العربية – المسلمة – المسيحية.
أمس، كان يوماً تاريخياً، حين أحال مسيحيو فلسطيني احتفالاتهم بعيد الميلاد المجيد (بالتوقيت الشرقي) إلى نقطة انطلاق لانتفاضة في وجه من لم يمنعه وقار موقعه وجلال منصبه، من الانزلاق في واحدة من أكثر الأعمال خسة وإثارة لغضب الفلسطينيين وسخطهم: بيع الأراضي للاحتلال والحركة الصهيونية.
خرج مسيحيو مدينة المهد والميلاد، للتصدي لموكب البطريرك ثيوفيلوس المتجه صوب كنيسة المهد لإقامة القداس، ولولا المواكبة الأمنية الاستثنائية، لما أمكن للبطريرك، من دخول الكنيسة والصلاة فيها ... عاصفة من الهتافات العنيفة  والبيض الغاضبة .
“انتفاضة المهد” لم تكن حدثاُ منبتّاً، بل تتويجاً لمسار طويل من الكفاح ضد سلوك البطريرك اليوناني، فمسلسل التفريط بأراضي الكنيسة لم يبدأ اليوم، ولا مع هذا “البطرك”، ولم يقتصر على كنيسة بعينها ... فقد نجحت إسرائيل والحركة الصهيونية، في اختراق بعض القيادات الكنيسية، ودفعها لتوظيف موقعها ومكانتها الرمزية والروحية، من أجل تسريع عمليات وضع اليد على أراضي الفلسطيني ومصادرتها وتهويدها.
أدرك المسيحيون مخاطر هذه المؤامرة، فـهبوا إلى نزع “القداسة” عن المتورطين فيها، ونعتوهم ورجموهم بما استحقوا ويستحقون ...هبوا دفاعاً عن أرضهم وحقوقهم، وعن سمعة كنيستهم وشرفها، اللذين حاول “البعض” تلطيخهما وتدنيسهما بعلميات “بيوع الأراضي” المشبوهة، والتي تتزامن وتتكامل مع مسعى إسرائيلي، مدعوم أمريكياً لأول مرة على هذا النحو الصلف والاستفزازي، لجعل القدس “عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل”، وهو المسعى / المشروع، الذي يواصل الشعب الفلسطيني برجاله ونسائه، شيوخه وشبابه، التصدي له بكل ما توفر له من عناصر القوة والمقدرات.
لقد تكشفت مواقف وأطروحات، قيادات المجتمع الفلسطيني المسيحي، عن وعي عميق لأهمية “تعميق” البطريركية، بعد ستة قرون من إخضاعها لسيطرة الكنيسة اليونانية وهيمنتها ... فأهل هذه الأرض، هم عرب فلسطينيون، وكنيستهم ركن ركين من هوية هذا الشعب وإرثه، ومسيحيوها هم ملح هذه الأرض وبارودها ... وقد آن أوان أن يكون للمؤمنين من أبناء الشعب الفلسطيني، بطريرك منهم.
وحسناً فعل الرئيس عباس، إذ ألغى مشاركته في العشاء المقرر بهذه المناسبة مع ثيوفيلوس، لكن ذلك وحده لا يكفي، وعلى السلطة أن تضم صوتها لصوت شعبها، المندد بالجريمة والمطالب بتعريب الكنيسة، وهو أمر يبدو الأردن، ومن موقعه الخاص وبحكم مسؤولياته، القديمة منها والجديدة، مطالب بدعمه من إطار “الرعاية الهاشمية” ومن ضمن الجهود التي يبذلها لحفظ القدس وصون عروبتها ودعم الحق العربي – الفلسطيني فيها.
وعلى الحكومات والأنظمة، ومؤسسات العمل العربي المشترك، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، أن  تبادر بدورها، إلى ضم ملف “المهد والقيامة والكنيسة الفلسطينية والوقف المسيحي”، إلى ملف القدس والمقدسات الإسلامية فيها، وأن تدرك أن مهمة الذود عن هذه المقدسات، مهمة عربية قومية بامتياز، وأن تحرص على أن تتصدر هذا المهمة، جدول أعمال منظمة التعاون الإسلامي كذلك، فمخطط ابتلاع القدس وتهويدها، لا يقتصر على الموروث الإسلامي للمدينة، بل ويطال إرثها المسيحي، ودائماً من ضمن مشروع “تصفوي” للقضية الفلسطينية، لم تعد معالمه خافية على أحد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«انتفاضة المهد» «انتفاضة المهد»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تمزج الأناقة بالرياضة وتحوّل الإطلالات الكاجوال إلى لوحات فنية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:01 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

النجمة غادة عبد الرازق تنشر صورة تكشف إصابتها في قدمها

GMT 10:17 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 4

GMT 00:32 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

عموتة ينفي صلته بقرار إبعاد المياغري عن فريق الوداد

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 03:49 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فاطمة سعيدان تكشف أن "عنف" استمرار لتقديم المسرح السياسي

GMT 07:51 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

Red Magic تطلق حاسوبها المحمول للألعاب Titan 16 Pro

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

نوال الزغبي بإطلالات مُميزة بالأزياء القصيرة

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib