لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة

لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة؟!

المغرب اليوم -

لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة

بقلم : عريب الرنتاوي

قفزت حماس إلى صدارة عناوين الجدل المحتدم بين دول خليجية وعربية، وصار القطع والقطيعة معها، شرطاً يتقدم لائحة المطالب والشروط الواجب على قطر الأخذ بها من دون قيد أو شرط، إن هي أرادت تفكيك أطواق العزلة المضروبة حولها، واستعادة علاقاتها الطبيعية مع جاراتها الخليجيات ... من بين عشرة شروط قيل إن الوسيط الكويتي تبلغها من الرياض، هناك شرطان يخصان حماس (طرد قادتها وتجميد أرصدتها)، تقدما على المطلب/ الشرط الأخير، الذي جاء بصياغة عامة وفضفاضة وينص على التزام قطر بالتوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية.

حتى الآن، لم يصدر رسمياً عن الوسيط أو الأطراف المتورطة في الأزمة الخليجية الداهمة، ما يؤكد أو ينفي صحة "الشروط العشرة" التي تداولتها مصادر إعلامية مقربة من الرياض وأبو ظبي والقاهرة على حد سواء، لكن ما يجعلنا نميل لتصديقها، أن معظم هذه الشروط، إن لم نقل جميعها، سبق وأن وردت في التصريحات الرسمية لقادة سعوديين وإماراتيين، وفي وسائل إعلام البلدين، خصوصاً البنود المتصلة بضرورة طرد قادة حماس والتوقف عن دعمها.

والغريب أن من بين الدول الأربع التي أعلنت القطع والقطيعة مع قطر، ليست هناك دولة واحدة تُدرج حماس رسمياً في عداد قوائمها السوداء للمنظمات الإرهابية ... مصر استقبلت في اليوم ذاته، وفداً رفيعاً من حماس برئاسة يحيى السنوار، قائد حماس (الصقري) الجديد في قطاع غزة، والسعودية هي من استقبلت خالد مشعل في حوارات مكة، وقبلها وبعدها، وهي وإن كانت لا تخفي انزعاجها من الحركة، إلا أنها لا تعتبرها إرهابية، وكذا الحال بالنسبة للإمارات، التي يجاهر رجلها القوي في فلسطين محمد دحلان، بصلاته الحمساوية، وتنسيقه مع الحركة في بعض المجالات، في القطاع وخارجه.

من أين هبط هذا المطلب إلى لائحة الشروط المطلوب من قطر الوفاء بها، ولخدمة من على وجه التحديد؟ ... وما الذي يضير بعض العواصم العربية من وجود قادة لحماس في الدوحة، سيما وان هؤلاء يبدون حماسة لافتة في استئناف علاقاتهم مع هذه العواصم، خصوصاً الرياض، ولا يتركون مناسبة من دون أن يشيدوا فيها بدعم المملكة لفلسطين، حتى وهم يردون على تصريحات الوزير عادل الجبير المطالبة بطردهم من الدوحة، كانوا أشد حرصاً على الإشادة بالمملكة والتذكير بدورها المساند لفلسطين والفلسطينيين.

قد يقول قائل، أن هذا الموقف إنما يمثل انتصاراً للسلطة وفتح والمنظمة والرئيس عباس، باعتبارهم يمثلون معسكر الاعتدال الفلسطيني، في مقابل حماس التي تمثل معسكر التطرف والتشدد وفقاً للتصنيفات الرائجة في الخطاب السياسي والإعلامي العربي ... لكن ما يدحض هذا القول، أن ثلاثاً من الدول الأربع التي أطلقت حرب التطويق والعزل ضد قطر، سبق وأن خاضت معركة مع "الاعتدال الفلسطيني"، قبل المؤتمر السابع لحركة فتح، وبهدف فرض قيادة "أكثر اعتدالاً" على الشعب الفلسطيني، كما وسبق لها أن سعت إلى وضع المواقف في فم القيادة الفلسطينية عشية قمة البحر الميت العربية، زاعمة بأن الرئيس عباس سيتقدم بمبادرة جديدة، تعيد صياغة مبادرة السلام العربية، وتهبط بسقوفها، وهو أمرٌ نفته السلطة بكل قوة، وأظهرت وقائع القمة أنها كانت مناورة لإحراج القيادة الفلسطينية، واستخدامها لتمرير مواقف وتنازلات بدأت تتضح معالمها بعد القمة وقبل أن يجف حبر البيان الختامي الذي صدر عنها.

وقد يقول قائل آخر، بأن حماس تدفع ثمن علاقتها "العضوية" بجماعة الإخوان المسلمين ... حسناً، لا جديد في الأمر، ولكن على الدوام، ميّز العرب بين حماس والجماعة، وآثروا التعامل مع الحركة بوصفها جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية، وقد جاءت الوثيقة الأخيرة لحماس، لتؤكد على هذا المنحى، ولتشدد على كون الحركة جزءاً من حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وتقبل بحل الدولتين إن تطلب الأمر، ولا تمانع في تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل... وبدل تشجيع الحركة على الاعتدال، يجري توصيفها بالإرهاب ... بدل التقاط اللحظة لإبعاد الحركة عن إيران ومحورها، والبناء على وثيقتها الجديدة، تجري شيطنتها رسمياً، كما لم يحدث من قبل، حتى وهي تتبنى ميثاق 1988 المرعب في مفرداته ومرجعياته، وحتى وهي تطيح بعملية السلام بعملياتها الانتحارية في أواسط تسعينات القرن الفائت ... يجري العمل على دفع الحركة دفعاً للحضن الإيراني، حتى وهي تتردد في الاقتراب من هذا المحور والعودة لأحضانه بعد أزيد من خمس سنوات من القطيعة شبه الكاملة مع أركانه.

والحقيقة أنه لا يمكن تفسير الموقف المفاجئ والتصعيدي من الحركة الإسلامية الفلسطينية، بمعزل عن خطاب دونالد ترامب في القمة العربية – الأمريكية الذي أدرج فيه حماس إلى جانب داعش والنصرة وحزب الله في قائمة الإرهاب، وفي ظل صمت وتأييد واسعين من قبل أطراف عربية وإسلامية مشاركة، وإذا كان مفهوماً إن ترامب يسعى في خدمة الأجندة الإسرائيلية في هذا الصدد، فأية أجندة تخدمها بعض الحكومات العربية، عندما تتماهى مع الموقف الأمريكي من حركة حماس؟

وأخشى ما يخشاه المراقب لانعكاسات الأزمة الخليجية على المشهد الفلسطيني، أن يقابل هذا الموقف العدائي الشديد من حماس بترحيب وارتياح من قبل فتح أو رام الله، دون الأخذ بحكمة الثور الأبيض الذي أكل يوم أكل الثور الأسود، فـ "اليوم حماس وغداً عباس" ... عباس الذي كان بالأمس القريب، ولا يزال، هدفاً لسباق محموم بين المحاور الإقليمية المتنازعة على الورقة الفلسطينية، سيظل في دائرة الاستهداف، خصوصاً إن هو استمسك بحلم الدولة المستقلة على حدود 67، فالتسويات الكبرى التي يجري إعدادها في الأروقة، وبمشاركة نشطة من بعض العواصم العربية، هبطت بسقف المبادرة العربية للسلام، وهي سائرة في طريق التطبيع مع إسرائيل، بلا ثمن، وإن كان ثمة من أثمان يتعين دفعها لتنشيط الحضور الأمريكي في التحالف الشرق الأوسطي الجديد، أو حتى لجذب إسرائيل إليه، فغالباً ما سيدفع من "الكيس" الفلسطيني، وطالما أن إيران هي العدو الأول والأخير، ستصبح إسرائيل حليفاً محتملاً إن لم نقل مرجحاً.... في هذا السياق، وفي هذا السياق وحده، يمكن فهم هذا الزج المفاجئ بحماس في ملف الصراعات البينية العربية والخليجية المحتدمة حالياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة



GMT 14:36 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

انتقام... وثأر!

GMT 14:29 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 14:20 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 13:58 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

بايدن والسعودية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 00:26 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة بوسي تكشّف أسباب ابتعادها عن الأدوار الكوميديا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib