حول الجدل الدائر بخصوص «العقد الاجتماعي»

حول الجدل الدائر بخصوص «العقد الاجتماعي»

المغرب اليوم -

حول الجدل الدائر بخصوص «العقد الاجتماعي»

بقلم - عريب الرنتاوي

أن يعبّر نفرٌ من الأردنيين عن رفضهم لفكرة «العقد الاجتماعي» من منظور أن دستور المملكة هو عقدها الاجتماعي، فهذا أمر مفهوم ومقبول، ويفتح الباب رحباً على الدوام، لاستحداث ما يلزم من تعديلات عليه، تكفل منظومة الحقوق والواجبات، وتعيد تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، وتفصل في صلاحيات السلطات الثلاث ومبدأ فصلها، وتضع الترتيبات الكفيلة بعدم تغوّل إحداها على الأخرى.

وأن يرى نفرٌ آخر من الأردنيين، أن ما ورد في كتاب التكليف والرد عليه والبيان الوزاري من أحاديث عن العقد الاجتماعي، إنما جاء مختصراً وغامضاً، وأن المسألة بحاجة لمزيدٍ من الاستجلاء والتوضيح، فهذا أيضاً مفهوم ومقبول أيضاً، سيما أن «نبرة» الحديث عن العقد الاجتماعي، اختلفت بين الرد على كتاب التكليف والبيان الوزاري.

لكن أن يعتقد نفرٌ ثالث منهم، أن فكرة العقد الاجتماعي، تترجم «صفقة القرن» الأمريكية، وتتساوق مع نظرية الوطن البديل الإسرائيلية، وأنها قد تفتح الباب رحباً أمام حلول وتسويات على حساب الأردن، وطناً وشعباً وهوية وطنية، فذلك نمط من «الإقحام» و»الفوبيا» لا أجد له تفسيرا، ولا يمكن أن يكون مفهوماً ومقبولاً بحال من الأحوال.

هي مدرسة في التفكير السياسي الأردني، جعلت من «نظرية المؤامرة» نمط تفكير وحياة ... فإن أنت قلت إصلاحاً اقتصادياً، جاءك من يقول بـ»تدمير عصب الدولة» .... وإن أنت قلت إصلاحاً سياسياً، جاءك من ينعى الهوية الوطنية ... وإن أنت قلت «مواطنة فاعلة ومتساوية»، جاءك من يذكرك بحكاية «الحقوق المنقوصة» ... وإن أنت قلت «أبناء الأردنيات» ردّ عليك من يرفع فزاعة التوطين عالياً ... وإن أنت تحدثت عن أقاليم تنموية ثلاثة، جاءك من يتساءل عن «الإقليم الرابع»، في إشارة إلى الضفة الغربية ومشروع الفيدرالية ... أسوأ ما في هذه «الفزّاعات» ليس استخدامها من قبل بعض المشتغلين باستنفار الرأي وتهييجه، لحسابات شخصية أو لصالح «قوى الشد العكسي»، بل أن جزءاً منا بات مقتنعاً بوجاهة هذه «النظرية» وجديتها.

لا تقع مشكلتنا مع «العقد الاجتماعي» الذي جاء به الرزاز في بيانه الوزاري في هذا المكان، بل في كونه ورد غامضاً ومبهماً، بل وبسقف خفيض، هبط من ترتيب العلاقة بين المواطن والدولة، إلى العلاقة بين الحكومة والمواطن، تماماً مثلما هبط سقف الولاية العامة، من حصر الولاية العامة بالحكومة دون غيرها، إلى حصر الصلاحيات بالوزير في كل ما يختص بعمل قطاعه ... مشكلتنا مع المفهوم، أنه فقد الكثير من ألقه وبريقه، من وظيفته ورسالته، خلال فترة قصيرة نسبياً، لا تزيد عن المسافة الزمنية بين الرد على كتاب التكليف وتقديم البيان الوزاري للحكومة ... هنا الوردة فلنرقص هنا.

نحن من أنصار «العقد الاجتماعي»، ولدينا على هذا الصعيد، تصور من مستويين: الأول؛ وهو الأفضل والأصلح، ويتصل بالدستور أساساً، الذي يشكل وعاءً وسقفاً لهذا العقد، ونريد له أن يمضي على نحو أوضح وأوسع في تأطير العلاقة بين المواطن والدولة، ووضع أسس الانتقال لملكية دستورية، شرحت مضامينها الأوراق النقاشية، ويؤسس لحكومات برلمانية وديمقراطية قائمة على التعددية الحزبية، وتداول سلمي للسلطة.

لكننا، ومن موقع الإدراك لمصاعب الوصول إلى «السقف الأعلى»، نقترح طريقاً متدرجاً، وسقفاً أدنى بعض الشيء، كأن نعيد انتاج «ميثاق وطني جديد»، بعد أن تقادم الميثاق الوطني الأخير، يرسم قواعد اللعبة السياسية في البلاد، ويؤطر منظومة الحقوق والواجبات (فوق الدستورية)، ويرسي أسس ومبادئ نظامنا الاقتصادي – الاجتماعي، ويؤسس لانتقال جديد، على طريق التحول الديمقراطي في البلاد.

لا يمتلك الميثاق الوطني الجديد قوة الدستور ولا هيمنته وسيادته، بيد أنه كما الميثاق القديم، يمكن أن يؤسس لمرحلة انتقال جديدة، تطمئن خلالها مختلف الأطراف والافرقاء، إلى سلامة القواعد والسرائر، وتستعيد المؤسسات بعضاً من ألقها وثقتها المفقودين، وندلف من خلاله عتبات مرحلة جديدة، فهل نحن فاعلون؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول الجدل الدائر بخصوص «العقد الاجتماعي» حول الجدل الدائر بخصوص «العقد الاجتماعي»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

GMT 06:01 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

النجمة غادة عبد الرازق تنشر صورة تكشف إصابتها في قدمها

GMT 10:17 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 4

GMT 00:32 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

عموتة ينفي صلته بقرار إبعاد المياغري عن فريق الوداد

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 03:49 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فاطمة سعيدان تكشف أن "عنف" استمرار لتقديم المسرح السياسي

GMT 07:51 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

Red Magic تطلق حاسوبها المحمول للألعاب Titan 16 Pro

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

نوال الزغبي بإطلالات مُميزة بالأزياء القصيرة

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib