وقائع الساعات الـ «12» على الحدود بين الكوريتين

وقائع الساعات الـ «12» على الحدود بين الكوريتين

المغرب اليوم -

وقائع الساعات الـ «12» على الحدود بين الكوريتين

بقلم - عريب الرنتاوي

حدثنا السفير الكوري (الجنوبي) في فيينا، ومندوب بلاده لمنظمة حظر الانتشار النووي التي تتخذ من العاصمة النمساوية مقراً لها، عن وقائع الساعات الاثنتي عشرة، التي قضاها الزعيمان الكوريان في المنطقة الفاصلة بين بلديهما، ففاض واستفاض في شرح المناخات الإيجابية للقاءات الزعيمين، وكيف أنهما تبادلا اجتياز “الخط الوهمي” الفاصل بين شطري كوريا، في دلالة رمزية على رغبتهما الصادقة في تطبيع العلاقات وبناء السلام وتوحيد شبه الجزيرة ... كما أنهما وزوجتيهما، قضيا وقتاً في مشاهدة العروض الفولكلورية والاستماع إلى الموسيقى والغناء الشعبيين.
هذا في الشكل والمناخ العام للمحادثات غير المسبوقة، لكن في المضمون يبدو أن الزعيمين قررا السير في محادثاتهما على ثلاثة خطوط متوازية:
الأول؛ ويتصل بالعلاقات الكورية – الكورية، وهنا تقرر وقف كافة مظاهرة العسكرة والأعمال العدائية، براً وبحراً وجواً، واستئناف العمل بالمصانع الكورية الجنوبية المتوقفة عن العمل في شمال كوريا منذ بدء الاختبارات النووية والصاروخية قبل ثلاثة أعوام ... فضلاً عن لم شمل العائلات الكورية، أو من تبقى منها على قيد الحياة بعد خمسة وستين عاماً من التقسيم، إلى غير ما هنالك من إجراءات بناء ثقة، من نوع: المشاركة في الألعاب الأولمبية المقررة في سيئول وفي طوكيو من بعدها، بفريق واحد، يحمل علم شبه الجزيرة... 
ومن أطرف ما سمعت، أن الرئيس الكوري الشمالي دعا نظيره الجنوبي لزيارة بيونغ يانغ، على أن يأتيها جواً، بالنظر لحالة “الانهيار” التي تعيشها الطرق والبنى التحتية في بلاده.
الثاني؛ ويتعلق بإجراءات خفض التصعيد وتحويل شبه الجزيرة إلى منطقة خالية من السلاح النووي، ووقف تجارب النووي والصاروخية، وهنا قال السفير، أن الرئيس الكوري الشمالي أعطى تعهدات صارمة بهذا الخصوص، بل أنه دعا اليابان والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، لزيارة موقع إجراء التجارب النووي والتأكد من تقيد بلاده بتعهداتها، لكن هذا المسار يبدو معلقاً بنتائج القمة التي ستجمع الرئيس الكوري الشمالي بنظيره الأمريكي، فالمسألة النووية الكورية باتت عالمية بامتياز، وهي تحل في واشنطن وليس في سيئول أو بيونغ يانغ.
الثالث؛ ويتعلق بالتوافق على آلية دائمة لمراقبة حظر الانتشار وتطبيع العلاقات وبناء السلام وتوفير المظلة الدولية المناسبة، هنا جرى الاتفاق على توسيع هذه المظلة من ثلاثية (الكوريتين بالإضافة إلى الولايات المتحدة)، إلى مظلة رباعية بإضافة الصين، مع ترك الباب مفتوحاً لتصبح سداسية بضم روسيا واليابان في مرحلة لاحقة ... الطرفان يريدان ضمانات دولية، وكل منهما يريد الزج بحلفائه الدوليين لهذه الغاية.
من وجهة نظر السفير، لم يكن لدى الزعيم الكوري الشمالي خيارات كثيرة، فقد استثمر كل شيء في برامج التسلح، وبلده من أفقر البلدان في العالم، وهي معزولة تماماً عن العالم الخارجي، وقدرتها على التحمل والممانعة باتت في أدنى حالاتها، ثم أن الزعيم الشاب، وصل إلى استنتاج مفاده أن البديل عن السلام ونزع السلاح النووي، هو الحرب المدمرة التي قد لا تبقي في بلاده حجراً فوق آخر.
لا أحد يبدو متأكداً من أن “عودة الروح” للسلام بين الكوريتين ستنجح هذه المرة، بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة والإخفاقات السابقة ... لكن الجميع على قناعة بأن الفرصة هذه المرة، أكبر من سابقاتها، وأن البديل عن السلام، هو حرب لا يريدها أحد، ولا يرغب بها، ولن يقوى على تحمل تبعاتها... ولا أحد لديه وهم، بأنها ستكون عملية قصيرة تنجز بين عشية وضحاها، بل هي مسار معقد، قد يستغرق بضع سنوات للوصول إلى خواتيمه.
هنا، أدرك السفير الكوري الصباح، وتوقف عن الكلام المباح، وسأعطي لنفسي الحق بتعليق مقتضب من شقين: الأول، أن هذه الفرصة قد تعطي أكلها، أن كف “مجنون البيت الأبيض” على التشدق بحزمه وصرامته وشخصيته الفريدة، وسعى في صياغة صفقة “رابح – رابح” كوريا الشمالية، وليس إلى فرض صك إذعان عليها، كما يمكن أن يُستشف من تغريداته.
والثاني؛ أن إيران قبل غيرها، وأكثر من غيرها، تتابع عن كثب تفاصيل المفاوضات مع كوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي، وهي وإن كانت في وضع مختلف، وسياق مختلف، لا يسمحان بـ”نسخ وإعادة لصق” التجربة الكورية، إلا أن ثمة الكثير مما يمكن التعلم منه والبناء عليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقائع الساعات الـ «12» على الحدود بين الكوريتين وقائع الساعات الـ «12» على الحدود بين الكوريتين



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 13:10 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تاكايشي تعتزم خفض رواتب الوزراء في اليابان
المغرب اليوم - تاكايشي تعتزم خفض رواتب الوزراء في اليابان

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib