تمخض الجبل فولد فأراً

تمخض الجبل فولد فأراً

المغرب اليوم -

تمخض الجبل فولد فأراً

بقلم - عريب الرنتاوي

قرار الرئيس ترامب ضرب سوريا، رداً على هجوم كيماوي مزعوم في بلدة دوما بالغوطة الشرقية، مرّ بثلاث محطات/ “فلاتر”، قبل أن ينتقل إلى حيز التنفيذ: الأولى، داخل الحلقة الضيقة من كبار مستشاريه الأمنيين والعسكريين والسياسيين، حيث لعب وزير الدفاع دوراً مهماً في “عقلنة” القرار، إن جاز لنا استخدام تعبير كهذا، مقابل المواقف المتشددة و”الحربية” لمستشاره لشؤون الأمن القومي جون بولتون، على ما أوردت “وول ستريت جورنال”.
المحطة/ الثانية، في إطار دول “العدوان الثلاثي”، حيث أبدت فرنسا وبريطانيا، رغبة في “ضبط” العملية، وجعلها محصورة بأهداف محددة، خشية انفلات الموقف، وصب مزيد من الزيت على نيران الأزمة مع روسيا، وبوجود انقسام اوروبي حيال الضربة بالأساس، عبرت عنه ألمانيا وإيطاليا بالتغريد بعيداً عن السرب الفرنسي – البريطاني.
أما المحطة الثالثة، فكانت مع موسكو، حيث كان من الضروري، فتح خطوط الاتصال “الحمراء”، وإجراء مكالمة رئاسية مع فلاديمير بوتين، لضمان بقاء العملاقين عن “حافة الهاوية”، والحيلولة دون انزلاقهما إلى قعرها ... ومع كل محطة من هذه المحطات، كانت نزق الرئيس وانفعاليته، يتعرضان لبعض “التبريد”، وكان قرار الضربة يفقد جزءاً من زخمه، إلى أن “تمخض الجبل فولد فأراً”.
ومن باب ادعاء الحكمة بأثر رجعي، عاد صقور العواصم الثلاث، وبالذات واشنطن، لإعادة انتاج وتظهير روايتهم.. فقالوا إن الضربة لم تكن تستهدف إسقاط الأسد ونظامه، وإنها بالقطع، لم تكن تنتوي التعرض للوجود الروسي في سوريا، وأعادوا التأكيد أن الحل السياسي وحده، هو طريق سوريا للخروج من أزمتها التي طالت واستطالت، حتى أن فرنسا، وقبل أن يهدأ غبار صواريخها، بادرت للقول إنها تريد استئناف المسار السياسي “فوراً”.
ليس هذا فحسب، فمصادر واشنطن، عادت للحديث عن أن قواتها في سوريا ستبقى لفترة محدودة، وأن عدوها الأول، وربما الأخير هناك، هو تنظيم داعش، وأنه لا تغيير على أولويات الاستراتيجية الأمريكية لسوريا وأهدافها، فكل ما أراده ثلاثي الحرب والعدوان، هو “تأديب” الأسد، ومنع قواته من استخدام السلاح الكيماوي.
لتتضح أكثر من أي وقت مضى، أن الضربة الفائضة عن الحاجة، والتي لا معنى لها ولا أهداف من أي نوع، ولا تربطها بما قبلها أو بعدها من الإجراءات والسياسات الأمريكية في سوريا، أي رابط، إنما كانت تعبيراً عن حاجة الرئيس ترامب الشخصية، لصرف الأنظار عن مسلسل الفضائح التي تطارده، وهو مسلسل من النوع الطويل والممل، على طريقة الدراما التركية ومن قبلها المكسيكية.
لكن حسابات “الحقل الأمريكي” لم تأت متطابقة مع حسابات البيدر، فمسلسل الفضائح الرئاسية لم ينقطع سوى لسويعات قلائل، إذ عاودت السي إن إن التركيز على تحقيقات مولر، والكتاب الجديد لجيمس كومي الذي قال فيه في وصف ترامب، ما لم يقله مالك في الخمر، يحظى بتغطية إعلامية متزايدة ... فيما الرئيس الأسد، استأنف “دوامه” المعتاد في قصر الشعب، بعد سويعات كذلك، من انتهاء الضربات الصاروخية.
بمقدور ترامب أن يدعي النصر، وأن يطلق العديد من التغريدات التي سيحرص فيها على تمييز شخصيته الحازمة والقوية عن شخصية سلفه باراك أوباما الضعيفة والمترددة ... لكن ما لن يستطيع ترامب أن يتغاضى عنه، هو أن هذه الضربة قد أكسبت الأسد مزيداً من الشعبية، وأسقطت تحفظات كثيرين في سوريا والعالم العربي، عليه وعلى نظامه، بدلالة ما صدر من ردود أفعال عن قوى وفصائل وشخصيات، سورية وعربية، منددة بالضربة، ومتضامنة مع سوريا، وهي التي اشتهرت بمواقفها المناوئة لنظام الأسد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمخض الجبل فولد فأراً تمخض الجبل فولد فأراً



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
المغرب اليوم - نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 13:10 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تاكايشي تعتزم خفض رواتب الوزراء في اليابان
المغرب اليوم - تاكايشي تعتزم خفض رواتب الوزراء في اليابان

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:32 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

محلات " زنوبيا " تكشف عن مجموعة جديدة من الألبسة التقليدية

GMT 06:17 2015 الخميس ,30 إبريل / نيسان

"سَهام للعقار" تطلق أول مشروع سكني في "ألماز"

GMT 13:08 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

عالجي التواء كاحلك بالكركم

GMT 10:16 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

اكتشاف أقدم نجم بحر بخصائص فريدة عمره 480 مليون سنة في المغرب

GMT 16:51 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق شامل ليوم واحد في الأسبوع لكبح تسارع "كورونا" في المغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib