سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عددًا من القرى والبلدات في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة برج كونتي التاريخي في العاصمة الإيطالية روما يتعرض لإنهيار جزئي ما أسفر عن إصابة عمال كانوا يعملون على ترميمه وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 26 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات فوق الأراضي الروسية مقتل سبعة متسلقين وفقدان أربعة في إنهيار جليدي غرب نيبال رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان أكثر من 3.2 مليون مسافر أميركي يتأثرون بتعطّل الرحلات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وسط تداعيات الإغلاق الحكومي منظمة الصحة العالمية تنشر فرق إنقاذ بعد وقوع بلغت قوته 6.3 درجة شمالي أفغانستان مقتل 7 بينهم أطفال وإصابة 5 آخرين جراء استهداف مسيرة لقوات الدعم السريع مستشفى كرنوي للأطفال الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل محمد علي حديد القيادي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله الهند تطلق أثقل قمر اصطناعي للاتصالات بنجاح إلى مداره الفضائي
أخر الأخبار

سليمان تقي الدين: تحية قبل أن يطير..

المغرب اليوم -

سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير

طلال سلمان

 ولقد طوى العصفور الذي نزل من الجبل جناحيه وغادر بقايا غصن الشجرة ملقياً علينا التحية قبل أن يطير.
لم ينهِ سليمان تقي الدين خطابه الذي كان يضج به فكره وقلبه وقلمه، بل لعله كان في ذروة احتدام معركته ضد التسليم بالهزيمة، ضد الصمت بذريعة اليأس أو خيبة الأمل.
لا يأس مع الحياة. لكن الحياة أقصر من أن تكفي لهزيمة أسباب اليأس. تجربته الغنية تشهد. عليك أن تناضل، بلا هوادة، لإعادة صياغة حياتك وجعلها لائقة بكرامتك كإنسان. لا استسلام أمام الهزيمة. عليك أن تنهض، دائماً، من جديد. عليك أن تتعلم من تجربتك فتكمل مسيرتك دون أن تنحرف عن الطريق أو تنحرف بك. عليك أن تنتزع غدك الأفضل انتزاعاً من أيدي الذين يحاولون مصادرته بتزيين الانحراف أو بإيهامك أنك قد فعلت ما عليك، فاترك للأجيال القادمة أن تكمل الرسالة... بالتغيير.
هذا النظام جبار، عاتٍ، راسخ أكثر من الأرز. ثم إن مغرياته لا تحد. إنه يغرقك في عطاياه، إن دخلته، حتى الموت صمتاً، ويغرقك في اليأس إن واجهته مستكبراً لأن شراسته لا تحد. ثم، ما سلاحك؟ قلم وشيء من الأفكار؟! أتظنه هزيلاً إلى هذا الحد؟ أنظر إلى العالم من حولك.. لقد استسلم الجميع وليست أمامك الفرصة حتى من أجل أن تكون دون كيشوت! ماذا سلاحك؟ قلم وأفكار؟ لكن الأقلام كتبت ملايين الصفحات عبر الدهور. الفلاسفة، المفكرون، الدعاة، المبشّرون بالغد الأفضل، المبدعون.. كلهم كتبوا. لقد استهلكت أنت ذاتك ألف ألف كتاب، بينها العديد مما كتب أسلافك في العائلة التي كبرت بالعلم والثقافة قبل السياسة وبعدها. ثم أنك كتبت وكتبت وكتبت كثيراً. حاضرت وناقشت ونظمت «الرفاق»، وقاتلت المرتدين والهاربين من النضال إلى المناصب والمكاسب التي رفضت حتى أن تناقش عرضها عليك.
سليمان تقي الدين... إنك تقاتل بماضيك حاضراً اختطف منك ومستقبلاً صودر من قبل أن يولد. عليك أن تقر بهزيمتك، أيها المتوهم أن الأفكار أقوى من الدولار ذي الطلقات القاتلة... والمفترض أن الإنسان بصموده أمام إغراء السلطة، فكيف إذا كانت ذات أنياب؟
سليمان تقي الدين، ابن بعقلين، المتحدر من سلالة علماء وفقهاء أجلاء ومؤرخين وكتاب وشعراء، والمحامي الذي كاد يهجر المحاماة ليتفرغ للنضال بالفكر والعمل من أجل غد أفضل.. وحين خاب أمله في «التنظيم» لم يذهب إلى اليأس بذريعة العجز عن التغيير، بل حمل قلمه وجعله مشعلاً، وانطلق يحرّض مستولداً كل فجر أملاً جديداً إيماناً منه بقدرات الجيل الجديد وحقه في أن يصنع غده... شرط أن نترك له بعض الشموع تهديه إلى الطريق.
لقد خرج سليمان تقي الدين من وعلى كل الأطر التقليدية وناطح صخر الغلط فشق جبينه وما ارتدع.. ورفرف بجناحيه في آفاق الثقافة والأفكار، شرقاً وغرباً، تراثاً وتجديداً. قرأ كثيراً كثيراً، وكتب كثيراً، خطب كثيراً وحاضر كثيراً، ورعى جيلاً من الطامحين إلى كسر التقليد والتبعية، حرّض وقاتل مقاوماً الغلط بالشراسة التي قاتل بها العدو الإسرائيلي.
هذه لحظة للحزن، فقد فَقَدَ لبنان بعض إشعاعه، وفَقَدَ العمل الوطني، كما الفكر التقدمي، قلماً مضيئاً في ظلمة عصر الطوائف المقتتلة وإن اتحدت جميعاً على من يحاول الخروج من حظيرتها إلى آفاق النور وكرامة الإنسان...
.. وفقدت الثقافة مبشراً بالغد الأفضل، عنيداً في الحق كمن قُدَّ من صخر، ليناً في الحوار حتى إفحام مجادليه الذين يهربون منه خوفاً من أن يغويهم فيتغيّروا.
.. وفقدت «السفير» قلماً مضيئاً، ورفيق سلاح لم يهن ولم يضعف، لم يجبن ولم يهادن، وظل يقاوم الغلط والانحراف حتى النفس الأخير...
إن العصفور الذي نزل من الجبل قد طوى الآن جناحيه وغادر بقايا غصن الشجرة ملقياً علينا التحية قبل أن يطير.
سلاماً أيها الذي صحبنا بعض الرحلة في قلب الصعب، ثم غادرنا قبل أن يتم كلامه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير



GMT 23:14 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة فاشلة؟

GMT 23:11 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 23:09 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«أبو لولو»... والمناجم

GMT 23:07 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ونصيحة الوزير العُماني

GMT 23:05 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سراب الوقت والتوأم اللبناني ــ الغزي

GMT 23:00 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا يكره السلفيون الفراعنة؟!

GMT 22:56 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الحرية تُطل من «ست الدنيا»!

GMT 22:54 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من القصر إلى الشارع!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib