هل كامب ديفيد لتسويق اتفاق إيران

هل كامب ديفيد لتسويق اتفاق إيران؟

المغرب اليوم -

هل كامب ديفيد لتسويق اتفاق إيران

عبد الرحمن الراشد


إن كان الرئيس الأميركي باراك أوباما بمهارة الحواة، فإن مؤتمره الذي دعا إليه قادة دول الخليج العرب، قد لا يطيب الخواطر ويهدئ الغضب من اتفاق البرنامج النووي الإيراني، وحسب، بل يتجاوزه ليفتح صفحة جديدة إيجابية في تاريخ المنطقة. إنما المهمة من الضخامة والصعوبة والتعقيد بما يدفعنا للتشكيك. وفي جميع الأحوال تبقى القمة خطوة جيدة من أوباما، بعد سلسلة من الخطوات السلبية التي يعتقد الخليجيون أنه ارتكبها ضدهم، في إطار مفاوضاته مع النظام الإيراني، دون مراعاة للمخاطر الهائلة التي قد يتسبب فيها الاتفاق على دول المنطقة.
وفي رأي أحد الكتّاب المدافعين عن سياسة الانفتاح الأوبامية، يقول إن سياسة الرئيس إنهاء الملفات القديمة ليست خاصة بإيران، بدليل أنه انفتح على كوبا بعد قطيعة نصف قرن، ودون أن يملي شروطًا على هافانا.
والحقيقة أنها مقارنة خاطئة بين إيران وكوبا؛ فإيران بكتيريا سلبية نشطة، أما كوبا فهي بكتيريا ميتة لم تعد تمثل خطرًا على أحد. آيديولوجيا النظام الديني في طهران تقوم على التغيير والهيمنة، وهي طرف في العنف في العراق، وسوريا، ولبنان، والبحرين، وغزة، واليمن، والسودان، ووسط أفريقيا، وبلغت نشاطاتها جنوب شرقي آسيا، وكان لها يد في تفجيرات في الأرجنتين! أما كوبا، فقد توقفت نشاطاتها العسكرية والسياسية العدائية منذ بداية الألفية، أي منذ عقد ونصف العقد.
وصعوبة لقاء كامب ديفيد تكمن في جانبي النوايا والقضايا؛ فالخليجيون يخشون أن الاتفاق الوشيك يقلم أظافر إيران نوويًا، لكنه سيترك لها باب القفص مفتوحًا لتعيث في المنطقة، وتهدد وجودهم! وإذا كان عراب الاتفاق الأميركي يريد طمأنة الجميع، فإنه سيسمع عن قائمة طويلة من القضايا المرتبطة بإيران. لها تدخلات عسكرية مباشرة في سوريا والعراق، وغير مباشرة في اليمن ولبنان والبحرين وغزة وغيرها. وهناك احتمالات صدام معها كثيرة في البر والبحر نتيجة الفراغ المحتمل بعد توقيع الاتفاق النووي، إن قلصت الولايات المتحدة وجودها العسكري، أو قررت البقاء على الحياد. وبالتالي يمثل الاتفاق المزمع توقيعه أكبر خطر على دول المنطقة، وليس مصدرًا للأمن والاستقرار، كما يقول البيت الأبيض.
الأمر الإيجابي أن الرئيس الأميركي قرّر مواجهة هذه المخاوف والاعتراضات في منتجع كامب ديفيد، حتى يسمع قادة الخليج العرب من فم الحصان مباشرة إجاباته حول طبيعة الاتفاق الغامض مع إيران، وانعكاساته عليهم، الذي يخشى منه، ومن فكرة قمة كامب ديفيد تحديدًا، أن تكون مجرد حملة علاقات عامة يريد منها أوباما تسويق مشروعه دون تقديم التزامات حقيقية تجيب عن التحديات الخطيرة التي سيخلفها الاتفاق الغربي الإيراني.
فما الالتزامات التي يمكن للحكومة الأميركية تقديمها بمشاركة الدول الغربية الأخرى، لضمان أمن منطقة الخليج واستقرارها؟ الحقيقة لن تكفي مبيعات السلاح، ولا الدرع الصاروخية المقترحة، بل الأهم منها انتزاع التزام صريح يرسم خطًا في الرمل والبحر ضد أي هجوم إيراني، أو حليف لها، على دول الخليج. فمثل هذا الاتفاق نجح في العقود الخمسة الماضية في جعل منطقة الخليج مستقرة، إلا من حرب واحدة، عندما غزا صدام الكويت. وبسبب الوجود والالتزام الأميركي لم تتجرأ إيران على عبور مياه الخليج إلى الضفة الأخرى بشكل جاد. الالتزام ليس مفيدًا لاستقرار الخليج، وضمان إمدادات النفط للأسواق العالمية، فقط، بل مهم لإيران نفسها التي تعيش تنازعًا داخليًا بين مؤسساتها وقياداتها. في إيران جناحان؛ متشدد يؤمن بالتوسع والهيمنة خارجيًا، وآخر يريد الالتفات إلى الإصلاح الداخلي والانتهاء من المغامرات الخارجية. الموقف الأميركي القوي ضد استغلال إيران للاتفاق النووي بالالتزام بأمن منطقة الخليج سيعزز من موقف القيادات الإيرانية المعتدلة، وسيدفع إيران نحو التصالح والمنطقة إلى الاستقرار.
للحديث بقية...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل كامب ديفيد لتسويق اتفاق إيران هل كامب ديفيد لتسويق اتفاق إيران



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib