تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها

تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها

المغرب اليوم -

تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها

بقلم : عبد الرحمن الراشد

كنت كتبت هذا المقال قبل الحسم الذي أعلن في البيانات السعودية بإعلان وفاة الزميل جمال خاشقجي رحمه الله. كان عندنا بصيص أمل، أن يظهر وانطفأ. وما أعلن من تفاصيل وعقوبات شملت قيادات وجهازاً أمنياً رفيعاً مثل الاستخبارات العامة، يقسم الجميع إلى فريقين. الذين يريدون حل القضية بمعاقبة المخطئ والانتقال إلى مرحلة أخرى، والذين يريدون استغلالها ضد السعودية.
في أزمة خاشقجي انقاد كثير من الحكومات والمؤسسات وتبنت مواقف قاسية ضد السعودية، ولا شك أن أزمة خاشقجي كلفت المملكة الكثير. مع هذا، ورغم المواقف والانسحابات، والاعتداء الإعلامي المستمر، ستبقى السعودية دولة محورية مؤثرة وستبقى لها أدوار وعلاقات واسعة، وسيدوم نفوذها الإقليمي. ستتأثر لكنها لن تتعطل، تمليها المصالح العليا للدول ورغبة السعودية أيضاً. أولاً، لا يمكن الاستغناء عن البترول السعودي، مصدر الحياة للاقتصاد العالمي، الضروري والأكبر تصديراً في العالم. لا يمكن إلغاء تأثيرها الجيوسياسي في المنطقة، فالجغرافيا هي الحقيقة الثابتة في عالم السياسة. ولا يمكن إلغاء نفوذها الديني كونها قبلة أكثر من مليار مسلم. كما أنه لا يمكن إلغاء دورها الإقليمي لاعتبارين مهمين؛ واحد أن المنطقة منقسمة إلى معسكرين أساسيين، وآخر أنها ممول لكثير من دول ومؤسسات المنطقة التي لن يكون سهلاً على الآخرين التكفل به. باختصار شديد، إضعاف السعودية سيوسع دوائر القلاقل والفشل في المنطقة.
بعد أن كنا مصدومين من اختفاء خاشقجي صرنا مصدومين من الحملة والاستهداف للسعودية. يمكن تفهم المطالب بالتحقيق، لكن ليس إلى درجة استباقها بالعقوبات مثل الانسحابات والمقاطعة السياسية. نتفهم أن المجتمع الدولي ينظر الدول ويصنفها وفق مراتب مختلفة، وهم يعتقدون أنهم يحاسبون السعودية على سمعتها الأفضل من كثير من دول المنطقة، وهي الأزمة الأولى من نوعها منذ السبعينات، وإن ما هو متوقع منها أكثر بكثير من نظام مثل طهران أو دمشق. مع أنها مقاييس لا تضع في الاعتبار طبيعة المنطقة المتوحشة والدسائس الخطيرة المستمرة تبقى مقبولة، لو أنها لم تضخم وتحول إلى قضية عالمية.
وإذا استثنينا الجانب الجنائي، كلنا نرى كيف تم تضخيم أزمة خاشقجي بدرجة تجعل حتى بعض الذين يختلفون مع السعودية يشككون في أهداف الحملة، وإلى أين يراد بها أن تصل. والأرجح أن هذا الإفراط الشديد في التسييس والهجوم، والخلط بين القضايا، سيدفع كثيراً من الدول والمؤسسات إلى التضامن مع السعودية في نهاية المطاف. ستتحول القضية ضد الذين يقومون بإدارة المعركة وتوسيعها ضد السعودية.
في السعودية نظام سياسي راسخ ولن تفلح هذه الهجمات في التأثير فيه. وبالحقائق المعروفة عن مصادر قوة الرياض، فإنها في النهاية ستكون معركة خاسرة للأطراف التي أرادت تسييس قضية خاشقجي إن كان هدفها إضعاف وإقصاء السعودية.
والثمن سيكون مكلفاً في حال استمر الضغط. إقليمياً، إضعاف السعودية سيضعف تباعاً القوى المماثلة لها في المنطقة، سيقوي إيران و«حزب الله» والحوثي والقاعدة و«داعش». هذه نتائج متوقعة. إضعاف السعودية سيقوي الأطراف التي يطالب العالم بلجمها.
لهذا ليس غريباً أن القوى المتطرفة وحليفاتها في المنطقة تستخدم قضية خاشقجي وتنفخ في نارها.
ولهذا قلت إن هذه المبالغة في الهجوم، والتضخيم والاستغلال المفرط، هي التي ستفسد على أصحابها أهدافهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها تكاليف أزمة خاشقجي ومآلاتها



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد

GMT 13:22 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت وأصول التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 18:11 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حادث سير مروع تسفر عن مقتل عشريني في مراكش

GMT 13:03 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر "Rose Synactif Shiseido" يضم مزيجًا مميزًا لعاشقات الورود

GMT 05:07 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

جافي يكشف عن معاناته البدنية وسبب استبداله
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib