موسم انفراط التحالفات

موسم انفراط التحالفات

المغرب اليوم -

موسم انفراط التحالفات

محمد الأشهب

يصعب على الفاعليات الحزبية في المغرب أن تقطع نصف العام الذي يفصلها عن الاستحقاقات الاشتراعية، من دون أن ينفرط عقد تحالفاتها في الموالاة والمعارضة على حد سواء. وليس مثل المنافسات الانتخابية ما يفضح هشاشة التحالفات، إذ تنقلب إلى صدام ومواجهات.
في الاشتراعيات السابقة لأوانها للعام 2011، تحالفت أحزاب في الغالبية مع فصائل معارضة، بهدف الاستئثار بأوضاع مريحة لإنتاج غالبية يشكل «تجمع الأحرار» و «الأصالة والمعاصرة» و «الحركة الشعبية» عمودها الفقري، على حساب «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي»، فكانت النتيجة مفاجئة، إذ عصف الحزب الإسلامي «العدالة والتنمية» بكل التوقعات وفرض نفسه قوة سياسية حازت الصدارة، وأقبره تحالف ما عرف بالأحزاب الثمانية التي سرعان ما تلاشت استراتيجيتها.
وفي استحقاقات تشرين الأول (أكتوبر) المقبل تنحو أحزاب وتيارات باتجاه خلط الأوراق واختراق الحدود الفاصلة بين مكونات الغالبية والمعارضة، من منطلق أن الأوضاع التي رافقت الاستحقاقات السابقة تغيرت إلى حد ما. وربما كان الفارق هذه المرة أن الحراك الشعبي الذي قادته حركة «20 فبراير» الشبابية، تحاول مركزيات نقابية وفصائل معارضة الإمساك بزمامه للقول ان حكومة رئيس الوزراء عبدالإله بن كيران عجزت عن معالجة مشاكل اجتماعية واقتصادية خانقة.
يتعين الإقرار بأن ما من حكومة مغربية استطاعت أن تصمد في مواجهة انفلات المسألة الاجتماعية، كما حال السلطة التنفيذية الراهنة. ولعلها المرة الأولى التي أقرت فيها المراجع الرسمية إجراءات غير شعبية، من قبيل الاتجاه نحو إلغاء دعم الدولة المواد الاستهلاكية مثل الدقيق والسكر ومشتقات المواد النفطية، وزيادة سن الإحالة على المعاش وطرح إشكالات التقاعد، من دون أن تنجم عن ذلك قلاقل واضطرابات. بل إنها سابقة في الصراع السياسي والاجتماعي أن تتحالف المركزيات النقابية الأكثر نفوذاً في مواجهة الحكومة، ولا تقوى على زعزعتها كما كانت الحال في تجارب سابقة أدت في أقرب تقدير إلى طلب حجب الثقة بعد إضراب العام 1990.
يقول منطق الأعراف إن الأمطار التي تجود بها السماء في مواسم الزراعة الجيدة تؤثر في معادلات تدبير الشأن السياسي. وعلى رغم أن المغرب لم يعد بلداً زراعياً بامتياز، في ضوء تنويع مصادر الثروة، فإن صراعاته الداخلية والخارجية تتأثر دائماً بالإنتاج الزراعي. حتى أنه أغلق الباب في وجه الحوار مع الاتحاد الأوروبي شريكه المحوري في الاقتصاد والتجارة، عندما وضع حواجز أمام منتجاته الموجهة إلى الأسواق الأوروبية. ثم بدأ فصلاً جديداً في المفاوضات الواعدة.
لكن منطق المقارنة يذهب باتجاه آخر، ففي الخلاصة أن نعمة الاستقرار صارت أهم برنامج سياسي واقتصادي يمكن أن يلتف حوله الناخبون ويدعمونه بقوة، إذ ينظرون إلى مسار تجارب عربية مغايرة. وتستطيع حكومة عبدالإله بن كيران الذي كان حزبه يرفع شعار التغيير في إطار الاستقرار أن تجد مزيداً من الأعذار والمبررات إزاء رزنامة الإصلاحات الاجتماعية التي أقرتها، أو تلك التي لم تفلح في الاقتراب إليها، لاعتبارات بنيوية عميقة.
غير أن هذا المعطى ليس برنامجاً انتخابياً. تماماً كما أن إزاحة إسلاميي «العدالة والتنمية» من السلطة التنفيذية لا ترتقي إلى مستوى التطلعات السياسية. وما بين الحالين ستزيد الهوة بين الفرقاء الحزبيين، والشاطر من يقدر على النفاذ إلى عقول وقلوب الناخبين.
لا أحد يجاهر في المغرب بأن الحملات الانتخابية بدأت قبل أوانها، لكن من قال إن هذه الحملات تركت للسلطة التنفيذية فرصة التقاط الأنفاس من نهاية العام 2011 إلى مشارف اشتراعيات العام 2016.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم انفراط التحالفات موسم انفراط التحالفات



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:55 2025 الإثنين ,01 أيلول / سبتمبر

أهم الصفقات في اللحظات الأخيرة من سوق الانتقالات

GMT 16:38 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 19:48 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

654 رياضياً في تحدي المرفأ للجري والدراجات

GMT 11:37 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

سائق سلسلة ناسكار جاهز بعد تعافيه من كورونا

GMT 01:59 2020 الأربعاء ,27 أيار / مايو

أفكار مميزة لديكورات البلكونة الصغيرة

GMT 14:16 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

اتيكيت الزوجه الذكيه للتعامل مع الزوج البخيل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib