الانتخابات الأميركية بين الضاحكة والمتجهم

الانتخابات الأميركية بين الضاحكة والمتجهم

المغرب اليوم -

الانتخابات الأميركية بين الضاحكة والمتجهم

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

هذا المقال كُتب قبل ظهور النتائج الأخيرة للانتخابات الأميركية 2024. المؤشرات تقول إن دونالد ترمب هو الفائز، وذلك يشكّل اختلافاً عن التقاليد والأعراف الديمقراطية الأميركية من عدد من النواحي؛ رجوع رئيس سابق تفصله عن دورته السابقة دورة أخرى لخصومه، وكذلك رئيس عليه قضايا في المحاكم، بعضها قد تم الفصل فيه لغير صالحه.

الاختلاف هو احتمال أن يكون سلوكه السياسي هذه المرة مختلفاً؛ لأنه لم يعد بحاجة لاسترضاء ناخبين؛ فهي حسب القانون الدورة الأخيرة.

الرأي العام العربي مختلف، أيهما أصلح لقضايا الشرق الأوسط؟ وقد سمعنا الكثير من التحليلات من متحدثين وكتّاب، وإن كان المؤشر في هذا الاختلاف هو الموقف من إسرائيل وسياستها، فكلا الحزبين، لأسباب داخلية وقوى ضاغطة وعلاقات تاريخية، تتقارب سياستهما تجاه هذا الملف، إن لم تكن متطابقة، وهو يعني في جزء منه استمرار هذه القضية الشائكة «فلسطين» لتسمم الأجواء السياسية والاقتصادية على نطاق الشرق الأوسط على الأقل.

الانتخابات الأميركية، وخاصة الرئاسية، مختلفة عن كل الديمقراطيات الغربية، ليست في الشكل فقط، ولكن في المضمون؛ أي إن هناك «ماكينة» لصنع الرئيس؛ فهو ليس الشخص الذي يحقق مصالح الدولة العليا، بل هو الشخص القابل «أن يُنتخب»، ويبدو أن شخصية ترمب هي التي جعلت زعماء الحزب الجمهوري تلتف حوله؛ لأنه جاذب للأصوات.

تزامن صدور كتاب بوب ودورد، وهو كاتب استقصائي، بعنوان: «الحرب»، يسعى إلى كشف خلفيات حربين في العالم اليوم؛ الأولى هي حرب روسيا – أوكرانيا، والثانية إسرائيل – «حماس» – «حزب الله». في هذا الكتاب عدد من الإيضاحات التي قد يكون بعضها صادماً؛ لأنها موثقة بالكثير من الدقة.

يبدأ الكتاب بتذكّر أول لقاء بين الكاتب وترمب عام 1989، والأخير وقتها كان لديه 45 سنة، تاجر عقار، وأصدر تواً كتاباً عنوانه: «الصفقة»، في ذلك اللقاء أكد ترمب أن ما يدفعه لاتخاذ أي قرار هو «الغريزة»، ويضيف أن «قلة من الناس لديهم الغرائز المناسبة»، ومن شخصية الرجل أنه يصدّق ما تقوله له غريزته، فهو يقاوم أي حقيقة تختلف عنها، يقول الكاتب نقلاً عن ترمب: «إذا علم الناس أنك شخص تتراجع فسوف يلاحقونك». وعند نهاية رئاسته الأولى في فبراير (شباط) 2021 أصر على ذلك المبدأ: «الانتخابات سُرقت» منه دون دليل قانوني، واقتنع بذلك، وردّده في الحملة الانتخابية الأخيرة. يضيف الكاتب: «إن كل خسارة بالنسبة له هي خسارة يمكن تجاوزها، حتى خسارة الانتخابات»! وعنده أن «الهجوم على الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021 هو لإنقاذ أميركا»! في التحقيق اللاحق قالت اللجنة: «إن ترمب أقنع عشرات الملايين من الأميركيين أن الانتخابات سُرقت منه». ينقل الكاتب عن السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام، عندما التقى ترمب في منتجع الأخير في فلوريدا: «عندما تذهب إلى مارا لاغو (منتجع ترمب) تشعر أنك في كوريا الشمالية (الجميع يقف ويصفّق في كل مرة يدخل فيها ترمب)»! غراهام هو الذي حرّض على ضرب غزة بالنووي!

هذه بعض ملامح من الكتاب الذي وصف فيه ليس شخصية ترمب فقط، ولكن أيضاً جو بايدن، والذي يجعل القارئ يذهب إلى أن هناك تغيّرات عميقة في العمل السياسي الأميركي وعلاقته بالعالم، مفارقة لكل التقاليد السابقة.

يرى الكاتب أن فلاديمير بوتين أقام قراره باجتياح أوكرانيا في فبراير 2022 (بجانب طموحه الشخصي) على افتراضين؛ الأول هو الانشطار السياسي الداخلي الأميركي، والذي أثر سلباً تجاه الشؤون العالمية، وقد كان الأميركان يفخرون في السابق أن خلافاتهم الداخلية تنتهي عند شاطئ البحر (كناية عن وحدتهم تجاه مشكلات العالم)، والثاني أن أميركا ليس لها «معدة» لهضم حروب، بعد انسحابها «المذل» من أفغانستان. على الرغم مما يؤكده الكتاب من كم من المعلومات التي تراكمت لدى أجهزة المخابرات الأميركية (بما فيها مصادر خاصة من داخل الكرملين) بأن هناك نية حقيقية لاجتياح أوكرانيا؛ اعتبر فريق ترمب حرب أوكرانيا لا أكثر من «نزاع حدودي»!

على الجانب الآخر، يؤكد الكاتب أن إسرائيل كان لديها معرفة بخطة «حماس» قبل تنفيذها بعام على الأقل، إلا أن استراتيجية نتنياهو هي أن وجود «حماس» يقلل من الضغط عليه لقبول «حل الدولتين»؛ لذلك سهّل لها وصول المال وتصاريح العمل للغزيين في إسرائيل تحت شعار: «شراء الهدوء»، وإن القلق الإسرائيلي كان منصباً على سلاح «حزب الله»، وما إن انفجر الصراع في 7 أكتوبر (تشرين الأول) حتى اتصل نتنياهو ببايدن، وقال له: «يجب أن تُظهر أميركا الآن لـ(حزب الله) أن أي اعتداء علينا هو اعتداء على أميركا»؛ وعليه تم إرسال البوارج التي قللت من المخاطر.

ثلاثة أشهر خطرة تفصلنا عن تسلم الإدارة الجديدة، سيكون فيها تقريباً «كل شيء مباحاً»، وهي نافذة سياسية تستحق أن يُفكر فيها بعمق.

آخر الكلام: لم يعد العالم كما كان، إنه في مرحلة تحوّل خطرة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأميركية بين الضاحكة والمتجهم الانتخابات الأميركية بين الضاحكة والمتجهم



GMT 15:13 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

وثائق وحقائق

GMT 15:11 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

متى يصمت المحللون والمعلقون؟!

GMT 15:10 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا»

GMT 15:08 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة

GMT 15:05 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

قسمةُ ملايين

GMT 15:03 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

جهة أخرى يعلمها الله!

GMT 15:02 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

إعلان إفلاس

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib