الدخان الرمادي في غزة

الدخان الرمادي في غزة!

المغرب اليوم -

الدخان الرمادي في غزة

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

يبدو أن ثمة دخاناً رمادياً مرتقباً من مجموعة المفاوضين حول حرب غزة، وهو ليس دخاناً أبيض! بعد أن تدفقت مياه كثيرة ودماء غزيرة في نهر الصراع. زبدة الاتفاق المتحدث عنه، أن لا «حماس» في غزة، وأمن شخصي لمن يبقى من قياداتها، وقوة محايدة لإدارة غزة، مع بقاء قوة عسكرية إسرائيلية، وإطلاق الرهائن من غزة، وبعض الأسرى عند إسرائيل إلى خارج أرض فلسطين!

بعد انطلاق «طوفان الأقصى» بأربعة أشهر كتب كاتب هذه السطور في هذا المكان، مقالاً بعنوان: «غزة: الأمور بخواتيمها!»، ونُشر في 4 فبراير (شباط) 2024. بعض فقراته كما يلي:

في المقدمة كان القول: «من الطبيعي أن لكل حرب نهاية، ويبدو أن حرب غزة قد وضعت لها (الخريطة الزرقاء) سيناريو مشهد نهايتها، تلك الخريطة تم الحديث عنها منذ أسابيع في الغرف الخلفية، وتم الإشارة إلى بعض خطوطها علناً، وهي خطة تشترك فيها جميع الأطراف، سواء كانت فلسطينية (من خلال وسطاء عرب) أو إسرائيلية أو أميركية وغربية، وقد ذهبت بريطانيا العارفة بمنطقة الشرق الأوسط للتلويح بالجزرة، حيث قال وزير خارجيتها المخضرم: (نحن نفكر بالاعتراف بدولة فلسطين)»!

أما صلب الفكرة في ذاك المقال فقد كان كالتالي:

«الخطوط العريضة للخطة كما سربت هي هدنة لشهرين أو أكثر بين المتحاربين، وخلال تلك الفترة يجري إطلاق سراح الرهائن، وهم أكثر قليلاً من مائة شخص، مع إطلاق عدد معقول من سجناء فلسطينيين في سجون إسرائيل، بدءاً بصغار السن والنساء، والأكثر محكومية والأقدم من السجناء.

بعد تلك الفترة أو قرب انتهائها يترك زعماء (حماس) العسكريون وكبار القادة القطاع إلى ملاذ آمن، في الغالب عربي وبعيد جغرافياً، وتم اقتراح أكثر من بلد لاستقبال هؤلاء، في سيناريو يشابه خروج ياسر عرفات من لبنان وإن كان أقل زخماً، مع منع أي نشاط لـ(حماس)، سياسي أو غيره، في القطاع، ويسلم القطاع في مرحلة انتقالية لإدارة مشتركة قد تشترك فيها بعض الدول العربية المجاورة، ثم تأتي المرحلة الثالثة بعد المرحلة الانتقالية لإعلان دولة فلسطين التي تضم أراضي الضفة والقطاع على الخطوط العريضة التي تم بها اتفاق أوسلو مع بعض التحويرات، يصاحب ذلك اعتراف عربي أوسع بإسرائيل».

السابق بالضبط ما نُشر في 4 فبراير 2024؛ أي قبل أكثر قليلاً من أحد عشر شهراً من اليوم، وكان عدد الضحايا في غزة لم يبلغ مجموعهم عشرين ألفاً، والمدن الغزية معظمها قائم، لم يكن هناك رؤية وقتها لاستخلاص العبر من صراع دامَ حتى ذلك الوقت أربعة أشهر بقبول الاقتراحات المطلوبة، كان الاعتماد على «الأم الساخنة»؛ محور المقاومة، فظهر أنها «أم باردة»!

استمر الصراع المرير وغير المتكافئ بعد ذلك، وخلّف عشرات الآلاف من الضحايا، بما فيهم بعض كبار قادة «حماس» سواء في بيروت أو غزة، بل حتى في طهران، وانتهى لبنان و«حزب الله» بما انتهيا إليه، وتغيرت سوريا إلى اختفاء الأسد إلى الأبد! وهُدمت غزة على رؤوس أصحابها، ولكن الأهم أن ما كان مطروحاً وفي متناول اليد وقتها، لم يعد اليوم كذلك؛ لم يعد بقاء «حماس» كجسم سياسي في غزة ممكناً اليوم، ولم يعد انسحاب إسرائيل من غزة أو معظم أرضها مطروحاً، والأكثر من ذلك أنه اختفى الحماس الدولي لإقامة دولة فلسطينية، بل يهدَّد الآن الفلسطينيون في الضفة الغربية من أجل توسيع رقعة إسرائيل، واستمر صراع الإخوة على أشده!

لقد انطبق على القيادة الحماسية ما انطبق على الثوريين العرب، وهو «تفويت الفرص». أهم درس نخرج به من كل ملفات السنة ونيف التي مرت بتاريخنا العربي المعاصر هو قدرة هائلة في تفويت الفرص، وقد جاءت تلك القدرة من مخزون فكري هو تغليب الأدلجة على الواقع، وفقر مدقع في الخيال السياسي، وقراءة خاطئة لإمكانات العدو، وبأي وسيلة يمكن مواجهته؛ هو يعتمد على العلم، والآخرون يغلبون العواطف المحملة بشعوذة سياسية، ويفتقدون الحوار الداخلي الحر فيما بينهم في كيفية المواجهة أو طريق المفاوضة.

في نهاية الأمر ونحن نقترب من الدخان الرمادي، نجد أنه دخان ملوث يفتقد البصيرة وعدم القدرة على مقاربة الواقع الإقليمي والعالمي، وثمة خسارة مؤكدة وتضحيات هائلة لم تنتج إلا الحسرة.

آخر الكلام: سوف يحصل الغزيون على غزة منقوصة الجغرافيا، ومن دون سيطرة «حماس»، والكثير من المقابر الجديدة، ومع ذلك سنجد من يتحدث عن «الانتصار»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدخان الرمادي في غزة الدخان الرمادي في غزة



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib