أزمة المُتلقي العربي
وزارة الخارجية الأميركية تدين "الفظائع" في الفاشر وتحذر من خطر يهدد آلاف المدنيين جيش الإحتلال الإسرائيلي يعلن عن عمليات لتطهير رفح وتدمير بنى حركة حماس التحتية قلق في تل أبيب من إنتقال عدوى مرضى الحصبة إلى الأطباء مع تفشي المرض في مناطق عديدة في إسرائيل سلطات الطيران النيبالية تعلن سلامة ركاب طائرة إثر هبوطها إضطرارياً في مطار جاوتام بوذا الدولي غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد فشل تسليم جثث الرهائن وتل أبيب تؤكد أن الجثامين لا تعود للمحتجزين الجيش الأوكراني يعلن تنفيذه عملية معقدة لطرد جنود روس تسللوا إلى مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك بشرق البلاد خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين قوات الاحتلال تواصل القمع وتقتل فلسطينيين وتصيب آخرين بالضفة وغزة ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 68858 شهيداً بينهم أطفال ونساء مصرع ثلاثة عشر شخصا في انهيار أرضي غرب كينيا بسبب الأمطار الغزيرة
أخر الأخبار

أزمة المُتلقي العربي

المغرب اليوم -

أزمة المُتلقي العربي

محمد الرميحي
بقلم : محمد الرميحي

 

استقر رأي الكثير من الساسة على حقيقة التغير الجذري في وسائل الحرب، كانت الحروب بالسيف، ثم البندقية ثم الطائرة، واليوم الحروب تخاض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتلخص الفكرة طبيعة التحول الجذري في مفهوم الصراع في القرن الحادي والعشرين، إذ لم تعد المعركة تدور حول الأرض أو السلاح، بل حول العقل والرأي والوعي.

ما يجعل هذا التحول أكثر خطورة في الفضاء السياسي العربي هو هشاشة المناعة الثقافية لدى المتلقي العربي، مما يجعله مستقبلاً يسمح للأفكار والمقولات التي قد تكون غير ناضجة أو غير حقيقية أو ملفقة أو خاضعة للهوى، أن ترسخ في عقله دون مقاومة فكرية أو تحليل نقدي.

الحرب الحديثة لم تعد فقط عسكرية، بل تحولت إلى حرب الإدراك، والهدف فيها ليس تدمير الجيوش بل توجيه العقول، وصناعة الرأي العام بما يخدم أهدافاً سياسية واقتصادية وآيديولوجية، ومع ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، وهي الساحة الأوسع لهذه الحرب، حيث يتم عبرها بث الشائعات والأقوال وتركيب المشاهد وتشكيل المواقف وتحريك الغضب أو الإعجاب الجمعي، بل وصناعة السرديات كاملة حول أحداث ربما لا تكون قد وقعت.

السباق في هذا الفضاء سباق سريع، فتقول لنا بعض الدراسات إنه خلال فترة قصيرة من اليوم، سوف يكون بث الإنترنت من الفضاء، أي ليس للحكومات أي قوة لمنع هذا التواصل الاجتماعي الذي سوف يصبح عالمياً وعابراً للحدود.

في عالمنا اليوم هناك أناس يسمّون المؤثرين، بعضهم بوعي وبعضهم دون وعي، يجهدون في إعادة تشكيل وعي الجمهور وفق مصالح القوى التي تدير الفضاء الرقمي، أو تدفع لهؤلاء للقيام بذلك.

المعضلة التي تواجهنا غياب التربية الإعلامية والنقدية، مما جعل المتلقي العربي عرضة للتصديق السريع، والانفعال الفوري، كثيرون يتلقون الخبر لا بهدف الفهم، بل بهدف التفاعل أو المشاركة، دون تمحيص أو تحقق، لذلك تجد انقسامات حادة أفقية وعمودية في مجتمعاتنا في القضايا المطروحة.

سوف أضرب مثلاً في هذا الأمر، عندما قررت جائزة نوبل للسلام تقديم الجائزة للسيدة ماريا ماتشادو في فنزويلا، بدأت وسائل التواصل الاجتماعي العربي تدين تلك السيدة، لأنها متعاطفة مع إسرائيل، دون أن يتوقف المتابع، أنها تطبق المثل المعروف (عدو عدوي صديقي، وصديق عدوي عدوي)، حيث إن الحكم في فنزويلا مناصر للقضية الفلسطينية واعترف بدولة فلسطين 2009، وحول مكتبه إلى سفارة في عام 2023، وصوت في الأمم المتحدة مع الحق الفلسطيني، وبما أنها معارضة لذلك الحكم، فهي تأخذ الموقف المغاير، ذلك تفسير لا تبرير، من أجل أن نطلع على فهم ما يدور حولنا بشكل نقدي.

وسائل التواصل الاجتماعي أشاعت تراجع القراءة النقدية لصالح التصفح السريع، والمحتوى المختصر، مما جعل الثقافة العامة سطحية، تتشكل في الغالب من العناوين، لا من المضامين، لذلك أصبح لدينا مفهوم جديد هو (مثقف العناوين)! ويتكاثرون حولنا!

يزيد الأمر بلاءً في غياب المرجعيات الفكرية المستقرة، في الماضي كانت الصحف، وهي وسائل إعلام لها ما يعرف بـ«حارس البوابة»، أي أن هناك أناساً تدقق في الخبر وتتأكد منه، كانت تلك توجه الرأي العام الجمعي. اليوم وسائل التواصل الاجتماعي ألغت تلك المرجعيات، فصار كل فرد مصدراً للمعلومات والرأي في آن واحد، مما أوجد فوضى فكرية، وأصبح التلاعب بالرأي العام سهلاً، سواء من جهات داخلية أو خارجية، ثم يأتينا عامل آخر هو تسييس الوعي الجمعي عبر الأخبار المفبركة التي تدغدغ مشاعر الأشخاص، فيتم تصديقها على الفور، نتيجة لتغلغل ثقافات شعبوية وسطحية، هنا تتفكك الهوية الثقافية للمجتمع، وتدخل شرائحه في صراع تضيع معه الحقيقة.

أمَّا المؤسسات الإعلامية التقليدية فهي عاجزة عن ربح هذا السباق، تكبلها البيروقراطية، بل إن بعضها يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي في مصادرها، فهي تتبعه ولا تسبقه.

الحلول ليست صعبة أو بعيدة المنال، قيلت وكررت كثيراً، من خلال تطوير مناهج التعليم بشكل جذري وتحويلها من الحفظ والتسميع، إلى النقد والبحث، ومقارنة المعلومات، وإعطاء الطالب أدوات يستطيع أن يميز بها بين الرأي والمعلومة، والرأي الصحيح والرأي غير الصحيح، إنها منهجية تدرس.

لا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال تشجيع ثقافة القراءة النقدية، والأخيرة تبدو أمامها عقبات، لأن الكتب التي تنحو نحو النقد، في الغالب تجد أمامها عقبات للوصول إلى القارئ، إما عقبات بيروقراطية وإما عقبات سياسية.

أيضا تآكل النخبة الفكرية، فالمجتمعات التي لا تملك مفكرين يُصغى إليهم، تدار أمورهم بواسطة الصدى الجماهيري، هنا تأتي أهمية إعادة بناء الثقة بين المثقف والمجتمع، وإعطاء المثقف مساحة وحرية في الفضاء العام كي يخاطب الجمهور بالحقيقة.

ما يزعج في الأمر أنك عندما تتابع النقاش على وسائل التواصل الاجتماعي تجد أن ثقافة الحوار والتعددية تكاد تكون صفرية في فضائنا العربي، وأن هناك انغلاقاً على الفكرة، وعدم قدرة على المقارنة والتحليل بحرية.

آخر الكلام: حروب اليوم لا تقتل الأجساد، بل تغزو العقول، ولا تحتل المدن بل تحتل الوعي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة المُتلقي العربي أزمة المُتلقي العربي



GMT 22:12 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عارك وحدك

GMT 22:05 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تجعلوا من النكره نجمًا

GMT 22:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن أنور السادات

GMT 21:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق التاريخ... مُنتعشة!

GMT 21:56 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الخليج... والنمو الاقتصادي المطلوب

GMT 21:53 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة عقود على إعلان «نوسترا أيتاتي»

GMT 21:51 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

استراحة فاروق جويدة!

GMT 21:48 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

من نحن.. فراعنة أم عرب أم ماذا؟!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 12:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب
المغرب اليوم - دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب

GMT 02:12 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أضرار ممارسة الضغط على الأبناء في الدراسة

GMT 20:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تؤكد أن 4 أنماط فقط للشخصيات في العالم

GMT 04:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

التكنولوجيا الحديثة تجلب ضررًا كبيرًا في المدارس

GMT 16:13 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستدعي سفراء الدول العظمى بسبب قرار دونالد ترامب

GMT 00:17 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ماذا عن الحمل بعد الأربعين؟

GMT 23:59 2022 الخميس ,10 شباط / فبراير

7 مباريات قوية وحاسمة للوداد في شهر

GMT 12:44 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيا تطرح نسخا شبابية قوية وسريعة من سيارة Ceed الاقتصادية

GMT 02:07 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

فساتين خطوبة باللون الأحمر لعروس 2020

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib