غزة الريفييرا و«الدحديرة»

غزة... الريفييرا و«الدحديرة»!

المغرب اليوم -

غزة الريفييرا و«الدحديرة»

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

أربك الرئيس دونالد ترمب الجميع، بالمنطقة، والعالم، والداخل الأميركي، بسبب طرحه «فكرة» تهجير أهل غزة إلى الأردن ومصر، وإعادة إعمارها تحت ملكية أميركية، وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».

وما زالت الربكة مستمرة؛ لأن الرئيس ترمب لا يزال يطور ويبلور فكرته غير القابلة للتنفيذ، التي تتطلب إرسال قوات توازي ثلاثة أضعاف ما تم إرساله لإطاحة نظام صدام حسين. كما تتطلب أموالاً طائلة لا يمكن أن تتكفل بها واشنطن ترمب، أو دول المنطقة.

ومفهوم ومبرر حجم الغضب العربي الرافض والمستهجن، لـ«فكرة» تهجير أهل غزة، لكن علينا تذكُّر أن الرئيس ترمب نفسه هو من يريد ضم كندا للولايات المتحدة، وكذلك «غرينلاند»، واستعادة قناة بنما، وإعادة تسمية خليج المكسيك، أي تغيير خرائط العالم!

وهذا أمر غير قابل للتحقيق، وكل ما يمكن أن يحدث هو مزيد من الربكة الدولية، وإلا فكيف «تمتلك»، أو تستولي، أميركا على غزة، وتحاول ضم كندا، و«غرينلاند»، أي «أرض الناس»، ثم تحارب وأوروبا روسيا بسبب أوكرانيا، وتعادي الصين بسبب تايوان؟

صحيح هي «فكرة» خطرة ومجنونة، أي تهجير أهل غزة، لكن هل هي الفكرة المجنونة الوحيدة تجاه غزة؟ الأكيد لا. فهناك أفكار أخطر نفذت، وتنفذ، ومنذ أعوام، ودون ردود فعل صاخبة. تعالوا نقارن.

أيهما أخطر، تهجير أهل غزة، أم تدميرها، والتسبب في مقتل قرابة 50 ألفاً، وإصابة أكثر من 96 ألفاً، وبنسبة مبان مدمرة ومتضررة بلغت 60 في المائة، وما لا يقل عن 5 أعوام لإعادة الإعمار؟ التهجير أخطر أم وقوع 5 حروب على مساحة 360 متراً مربعاً، وعدد سكان يتجاوز مليوني نسمة؟

أيهما أخطر، تهجير أهل غزة، أم استمرار الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني، وتبديد حلم الدولة؟ أيهما أخطر، التهجير، أم أن تكون غزة خاضعة لحكم ميليشيا «حماس»، ونصفهم بالخنادق، والنصف الآخر بالفنادق، وأهل غزة تحت سماء مفتوحة لعربدة الطائرات الإسرائيلية؟

أيهما أخطر، التهجير، أم أن يحاك قرار غزة بـ«غرفة بيروت» وبأوامر إيرانية تحت إشراف حسن نصر الله وقتها، وقبله قاسم سليماني؟ وأيهما أخطر «فكرة» ترمب المجنونة، أو أن تقول السلطة أن لا خطة لليوم التالي قبل وقف الحرب؟

أيهما أخطر؛ مفاوضة إيران من أجل غزة، أم مفاوضة ترمب على «فكرة» التهجير؟ الإجابة بسيطة جداً: كلها خطر، سواء «فكرة» ترمب، أو ما فعلته وتفعله «حماس»، وكذلك قصر نظر السلطة وعدم ارتقائها لحجم الحدث، وإدراك خطورته على مسار القضية برمتها.

وعليه، فلا بد أن يكون رفض جميع الأفكار المجنونة بصوت واحد، وغضب متساو، وضرورة الشروع بخطة اليوم التالي الآن. وأول بنودها، وقبل التفكير بإعادة الإعمار، أو اكتمال وقف إطلاق النار، هو أن تحكم السلطة غزة، وتعيد إصلاح نفسها ليتسنى إصلاح وإعادة إعمار غزة.

عدا ذلك ما هو إلا دوران في حلقة مفرغة، وتشريع الأبواب لمزيد من «الأفكار» المجنونة المدمرة لكل القضية، لا غزة وحدها. ولكيلا يكون واقع غزة والقضية مثل المثل الشعبي: «من حفرة لدحديرة»، أي الانحدار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة الريفييرا و«الدحديرة» غزة الريفييرا و«الدحديرة»



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib