سوريا أولاً

سوريا أولاً

المغرب اليوم -

سوريا أولاً

سوسن الشاعر
بقلم: سوسن الشاعر

ماذا رأيت، وماذا سمعت في لقاء الرئيس أحمد الشرع مع مجموعة من الصحافيين العرب بعد عرض أجزاء من اللقاء الذي تم مؤخراً في دمشق؟ سمعنا كلاماً يقال للمرة الأولى في سوريا علناً ومن رئيسها.

ها هي «الدولة الوطنية» يُعاد لها الاعتبار بعد أن طالها من التقريع والذم والقدح الكثير في سوريا التي عابت على كل من تبنى هذا الفكر السياسي الذي يضع دولته الوطنية أولاً، وقبل أي شيء آخر فوق أي اعتبار، كان ذلك الفكر عائقاً وسداً أمام وحدة الأمة العربية وبعثها من جديد، حين كان الفكر قومياً شعاراً لبعثها أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، أو أمة إسلامية واحدة حين رفعتها جماعة «الإخوان المسلمين» المعارضة في سوريا، فيأتي على سوريا تحديداً يوم وفي عقر رواد القومية العربية يعلن فيها رئيسها أن سوريا دولة وطنية هي أولاً في الاعتبار، وثانياً وثالثاً، فلا ضم ولا وحدة إجبارية ولا توسع ولا أحلام من هذا القبيل، بل واقعية نرضى بها ونقف على أرضها الصلبة.

هذه هي سياسة الممكن لا المفروض، وهذه كانت سياسة فكر دول الخليج العربي منذ تأسيسها كمشيخات ثم إمارات ثم دول ومملكات، حيث قامت منذ تأسيسها إلى اليوم على فكرة «الدولة الوطنية» المستقلة ذات السيادة والمعنية بداخلها أمنياً واقتصادياً، وتعنيها هويتها الوطنية أولاً ووحدة شعبها وأراضيها، دون أن يعني ذلك انسلاخها من هويتها العربية. كم كنا قد اختصرنا على أنفسنا هذا الطريق الشاق من المكابرة ولي الحقائق والاندماج بالجبر وبالضم وقيام الوحدة ليلاً بالبيان رقم واحد، وفضها نهاراً بالبيان رقم 2، كم كنا قد قطعنا شوطاً ونحن نهتم بشؤوننا الخاصة ونمونا وكبرنا وقويت شوكتنا، وإن كنا صغاراً ودويلات، كي لا نكون قسراً أمة عربية واحدة ولو بالقوة، كم كنا قد اختصرنا طريق النهضة لو تعامل الشمال العربي كله بهذا التفكير المنطقي الذي عابوه علينا وكان مذمة لنا في ما مضى.

اليوم يأتي رئيس خاض الحروب منذ صغره من أجل «الأمة»، وكان يحلم بجمع الدول العربية تحت راية واحدة فيما مضى، حتى إذا ما كبر واستوعب الحقائق الصادمة، لم يجد غضاضة في مراجعة هذا الفكر والعودة للحق.

الرئيس السوري يقول إنه يريد أن يهتم ويعنى بالشأن السوري ويبني علاقات سليمة وصحية مع كل دول الجوار، ويريد أن يطبق النموذج الخليجي في التنمية الاقتصادية، ويريد أن يتخلص من الرغبة الانتقامية وعدم الانشغال بها وبالحروب التي لا تنتهي أبداً.

يريد أرقاماً لا شعارات، يريد تقارير اقتصادية لا بيانات تعبوية، يريد أن يعد لسوريا فرصة كي يعود المغتربون إليها طوعاً وحباً وأمناً وسلاماً وبلداً فيه رزقه، باختصار، تلك هي الدولة الوطنية التي آمنت بها، ولم تخجل منها، دول الخليج العربي، ولم تستسلم لجميع أنواع الابتزازات والاتهامات بأننا نتخلى عن عروبتنا بهذا الفكر السياسي.إنها سياسة الممكن والوقوف على أرض واقعية صلبة، وإن كانت جرداء قاحلة، أفضل ألف مرة من التحليق في الفراغ الوردي فيدوي سقوطنا.

الرئيس أحمد الشرع يقود سوريا الجديدة إلى بر الأمان، ونتمنى له ولسوريا الحبيبة كل التوفيق والنجاح، وأن تكون نموذجاً يُشار إليه بالبنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا أولاً سوريا أولاً



GMT 20:27 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

حسن الخطاب من أدب المقام

GMT 20:22 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

متى يتقاعد السياسيون ؟!

GMT 20:19 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

لِمَ يتوحش الكيان أكثر على الصحافيين الفلسطينيين

GMT 20:15 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

لِمَ نشر الخصوصيات في وسائل التواصل ؟!

GMT 20:11 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

أميرة السودان... هذا جناه أبي عليّ!

GMT 20:04 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

ليبيا من وجع سبتمبر إلى أوجاع فبراير

GMT 19:58 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

الإفراج عن جاردن سيتي

GMT 19:51 2025 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

الخيال المميت

ليلى أحمد زاهر تلهم الفتيات بإطلالاتها الراقية ولمساتها الأنثوية

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:18 2025 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

محمد صلاح يظهر في ليفربول لأول مرة بعد وفاة جوتا

GMT 20:42 2025 الإثنين ,11 آب / أغسطس

توتنهام يمدد عقد مهاجمه الشاب مور
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib