كرة القدم نقطة تجمع وطني

كرة القدم... نقطة تجمع وطني

المغرب اليوم -

كرة القدم نقطة تجمع وطني

سوسن الشاعر
بقلم: سوسن الشاعر

في دولة متعددة الأطياف كمملكة البحرين بها تعدديات طائفية وعرقية رغم صغر مساحتها الجغرافية، فإن «الهوية الوطنية الجامعة» تكون من ضرورات الحياة لاستقرارها وأمنها... كلما كانت الهوية الوطنية العامة بارزة وواضحة المعالم ومحددة، كانت قادرة على أن تصهر الفوارق وتذيب الاختلافات بين الهويات الخاصة.

ثبت أن «الهوية الوطنية» تحتاج لتدخل بشري من أجل أن تخلق نقطة تجمّع تشد إليها كل الأطياف بإرادة ذاتية لا بفرض أو بقانون، تحتاج إلى ما يتفق عليه الجميع ويذيب الفروقات، وقد شهد شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في البحرين، نقطتي تجمّع لجميع الأطياف البحرينية، عززتا من تلك الهوية الوطنية العامة التي نتحدث عنها في وقت نحن أحوج فيه إليها من أي وقت مضى، خصوصاً ونحن نرى تلك الصراعات التي تجري بين الجماعات في العالم بأسره، حتى الدول التي ظنت أن «الديمقراطية» نجحت في تذويب الفروقات بين تعددياتها كالدول الغربية، فإذا بالنزاعات العرقية بين المهاجرين والسكان الأصليين تصعد من جديد، مهددة هويتها الوطنية العامة.

نجح منتخب البحرين في إيجاد نقطة التجمع التي نبحث عنها للمجتمع البحريني بتعددياته الطائفية والعرقية، فكان الدعم والتشجيع للفريق بحرينياً خالصاً حتى النخاع من جميع الأطياف، وإذا بالاختلافات الطائفية بين اللاعبين بعضهم وبعض تذوب، وبينهم وبين الجمهور بجميع أطيافه تختفي تماماً، نجحت كرة القدم بسخونة أجوائها فيما عجز عنه كثير من المحاولات الباردة، فشهدنا ملحمة وطنية شجع فيها الجمهور السني حارس المرمى الشيعي ودعمه، فكان ابناً لكل أم بحرينية؛ سنية كانت أم شيعية، حصنته وقرأت عليه المعوذات قبل وأثناء اللعب، لم يبرز اللون الطائفي في نقطة التجمع هذه، لم يجد له وقتاً ولا مكاناً، كان اسم وعلم البحرين هو المهيمن والمسيطر، فتمثلت «الهوية البحرينية الوطنية» بأجمل صورها في سيطرة العلم البحريني بكل مكان؛ من الكويت مكان إقامة الدورة إلى كل بيت بحريني، معززاً أسمى معاني الهوية الوطنية التي اجتمع عليها الجميع بحب، ولا يعرف قيمة هذه اللحظة وتجلياتها التاريخية إلا بلد يخاف على نفسه من انقسامات وتعدد الهويات.

ولحسن الحظ تزامنت الدورة الخليجية مع احتفالات البحرين التي اختارت أن تكون «النوستالجيا» نقطة التجمع الثانية التي شدت لها أهل البحرين بجميع طوائفهم، فجاءت احتفالية «ليالي المحرق» واحتفالية «ريترو المنامة» لتعيدنا إلى فترة البراءة والعفوية للتدين الفطري السمح الذي كان ديدن أهل البحرين منذ الأزل، وإلى ما قبل نصف القرن الأخير، والذي كان جامعاً لكل المذاهب والأديان في بقعة ومساحة صغيرة جداً كالبحرين بتعايش مذهل، حيث استدعت تلك الاحتفالات ذكريات ذلك الماضي القريب، حين كانت المنامة والمحرق خليطاً من جميع الألوان ممثلة لأصالة أهلها وسماحتهم وهويتهم الحقيقية القادرة على الانصهار بسلاسة ويسر، لذا كانت هذه الاحتفاليات نقطة تجمع ثانية في ذات الوقت والزمن مع فوز المنتخب البحريني، عاشت فيها البحرين أجمل تجليات الاعتزاز والفخر بالهوية الوطنية البحرينية.

خلاصة القول أن الهوية الوطنية تحتاج إلى تدخل بشري من أجل تعزيزها وتقويتها وإبرازها وغرسها، فلا تترك لتنمو عشوائياً، فهناك تجارة وسوق كبيرة من بائعي الهويات ينتظرون غفلتنا لخطف الأجيال وإلباسهم هويات غريبة عنهم، وإن لم تكن الدولة تمتلك رؤية واضحة واستراتيجية شاملة وبرامج وميزانيات و و و...، تجعل من «الهوية» مشروعاً تتكفل به الدولة، فإنها تغفل عن أكبر ثغرة لألف حصان وحصان طروادي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كرة القدم نقطة تجمع وطني كرة القدم نقطة تجمع وطني



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:34 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها
المغرب اليوم - إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 13:22 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

مانشستر يسعى للتعاقد مع فاران في أقرب فرصة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرفي على طرق ترتيب المنازل الصغيره

GMT 03:36 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

ديكورات شقق طابقية فخمة بأسلوب عصري في 5 خطوات

GMT 14:30 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حسن يوسف يشتري الورود لشمس البارودي في عيد ميلادها

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي منتجعات تضمن لك صيفا لا يُنسى

GMT 06:36 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

كاتي هولمز تتألق في فستان رقيق بلون البرقوق

GMT 22:37 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الهنود يستهلكون كميات أقل بكثير من الكالسيوم

GMT 20:28 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ماسبيرو زمان" تعيد عرض برنامج جولة الكاميرا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib