أشر من الشر ذاته

أشر من الشر ذاته

المغرب اليوم -

أشر من الشر ذاته

سوسن الشاعر
بقلم: سوسن الشاعر

تجري السلطات الإيطالية تحقيقاً حول ما ورد في فيلم وثائقي، عُرض السبت الماضي، أظهر لنا جانباً جديداً من جوانب الشر، يُسمى «القنص البشري». الفضيحة التي عرضها الفيلم الوثائقي كانت عن رحلات سفاري قام بها مغامرون أثرياء من دول أوروبية إلى سراييفو في التسعينات، أيام الحصار الذي استمرّ 3 أعوام، ودفعوا ثمناً لرحلاتهم السياحية مبالغ مالية من أجل نقلهم إلى مواقع قرب البوسنيين المسلمين المَحاصَرين في سراييفو، مواقع قريبة تمكّنهم من قنص البشر المدنيين!

يذكر التحقيق أنه كانت لكل مدني يُقتَل تسعيرة يدفعها السائح للمرشد، وتبلغ الذروة في تسعيرة قتل الأطفال، إذ كانت أعلى من تسعيرة قنص الكبار، ومنهم طفلة في عامها الأول قُتلت على يد قناص إيطالي دفع ثمن مغامرته!

السلطات الإيطالية تجري الآن تحقيقاً حول ادعاءات ذُكرت في هذا الفيلم على ألسنة ذوي الضحايا، وأخرى مع جنود صرب اعترفوا بأنهم صاحبوا «سيّاح الحروب»، ومنهم إيطاليون، وصرب تلقوا مبالغ نتيجة قيامهم بدور «المرشد السياحي»!

للتو أفقنا من صدمة ما تُسمى «الشبكة المظلمة» أو «الدارك ويب»، وهي مواقع على الإنترنت يمارِس فيها البشر المرضى نفسياً عُقدَهم الغريبة، فتتم فيها تعاقدات على بيع وشراء أفلام واقعية عن جرائم قتل وتقطيع أجساد، واستخراج أحشاء، واعتداءات جسدية وجنسية على أطفال... إلخ من الأمور المقزِّزة التي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتحمل مشاهدتها أي إنسان طبيعي، فما بالك أن يستمتع بمشاهدتها ويدفع مبالغ مالية لشرائها، وهي تُبَثُّ على الهواء مباشرةً خلال ارتكاب الجريمة؟

أما القنص البشري، فكلنا نعرف أنه لم يحدث في سراييفو فقط، بل جرت عمليات القتل من أجل الاستمتاع وإشباع شهوات نفسية مريضة في غزة مؤخراً، حيث مارَس الجنود الإسرائيليون «هواية» القنص البشري على الأطفال وهم يضحكون ويتبادلون النكات!

سجون صيدنايا في سوريا مثال آخر تروي جدرانها حكايات التعذيب الجنونية التي تَفنَّن فيها السجانون هناك، قصص لا تحتمل حتى مجرد سماعها، فما بالك بمشاهدتها أو ما بالك أكثر بممارستها والاستمتاع بارتكابها.

تبدو دروس حقوق الإنسان وورش العمل والمحاضرات والمواثيق الدولية وسائلَ ترفيهيةً تافهةً، تتناول الجانب الترفيهي من حقوق الإنسان في الوقت الذي يعيش فيه بشر بين ظهرانينا مظهرهم مثلنا، ويلبسون ويأكلون ويشربون مثلنا، لكن نفوسهم البشرية ليست مثلنا، عن أي حقوق يتحدثون والقنص البشري له سياحة، والأعضاء البشرية لها سوق تباع فيها، ومشاهد التقطيع البشري لها مشاهدون يطلبون الجزء البشري الذين يودون مشاهدته وهو يُنزَع؟!

يبدو أن هناك جانباً في النفس البشرية مجهولاً، حفرة عميقة جداً لا يصل إليها العقل البشري العادي الطبيعي، حفرة تخفي شياطين أو مخلوقات شريرة فيها، لا يمكن أن تكون بشرية، تتحرَّر حين تُفتَح هذه الحفرة وتنطلق لتتحكم فيمن يصل إليها من البشر، فترتكب أفعالاً لا يستوعبها العقل الطبيعي، حفرة أعمق من حفر السادية بكثير، وترتكب شراً أكبر منها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشر من الشر ذاته أشر من الشر ذاته



GMT 18:28 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

مفاوضات لبنان وإسرائيل في إطار «الميكانيزم»... ماذا تعني؟

GMT 18:24 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

من باريس إلى الصين

GMT 18:19 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

المشهد من موسكو

GMT 18:14 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

طارق السويدان وزمان «الإخوان»

GMT 18:10 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

لبنان دولة للضيوف لا لأهلها

GMT 18:03 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أم كلثوم و«الست» منى زكي!

GMT 18:01 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«أم كلثوم» فى «البحر الأحمر»!!

GMT 17:57 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

جائزة الفيفا فى النفاق

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 15:14 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا
المغرب اليوم - لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا

GMT 11:21 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

هاني سلامة يعود إلى السينما بعمل جديد بعد غياب 14 عاما
المغرب اليوم - هاني سلامة يعود إلى السينما بعمل جديد بعد غياب 14 عاما

GMT 15:54 2024 الجمعة ,09 شباط / فبراير

هجوم صاروخي على مطار المزة في دمشق

GMT 13:17 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

زهير مراد يفضّل الأوف وايت والزهري لفساتين الزفاف

GMT 08:18 2015 السبت ,13 حزيران / يونيو

شاطئ طنجة يلفظ حوت ضخم مصاب بالرصاص

GMT 14:10 2020 الجمعة ,20 آذار/ مارس

رصد 4 إصابات جديدة بفيروس كورونا في سبتة

GMT 04:59 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

المصري حسن حسني يكشف عن أمنيته في العام الجديد

GMT 03:25 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار طائرة من طراز فريد على هيئة جناح فندقي

GMT 02:54 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الفالح يعلن أن السعودية تخطِّط لزيادة إنتاجها النفطي

GMT 19:16 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد سعد يطرح أحدث أغانيه "أنا الأصلي" على محطات الراديو

GMT 09:43 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

اتحاد طنجة يتعاقد مع هداف الدوري الكاميروني

GMT 13:15 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

Mercedes AMG تكشف رسميًا عن G63 2019

GMT 02:55 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

​مدينة سلا تشهد جريمة مُروّعة تنتهي بمقتل لص وإصابة آخر

GMT 05:29 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

دونالد ترامب يبحث استخدام "نغمة متوازنة" مع بيونغ يانغ
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib