ما بين الحرب والدبلوماسية

ما بين الحرب والدبلوماسية

المغرب اليوم -

ما بين الحرب والدبلوماسية

الكاتبة سوسن الشاعر
سوسن الشاعر

إيران تحتاج الوقت لاستكمال مشروعها الرئيسي، وهو التمدد عبر وكلائها وصولاً للبحرين الأحمر والأبيض، لذلك فإن إلهاء المفاوضين أطول فترة ممكنة بلعبة تخصيب اليورانيوم هو أداتها، ويبدو أن الغرب يسايرها في لعبتها!!
قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في «حوار المنامة»، الذي عقد قبل أسبوعين بخصوص إيران، إنه «يستبعد التدخلات العسكرية»، مؤكداً أن «الأسلحة وحدها لا يمكن أن تحقق السلام»، موضحاً «أهمية القيادة بالدبلوماسية».
أكاد أرى سمات الارتياح والاسترخاء على وجه علي خامنئي، وهو يرى غمزة من رئيسها «رئيسي» الذي شارك بإعدام 33 ألف إيراني عام 1988 بعد سماعهما هذا التصريح، فذلك يمنحهما الكثير من الوقت.
ورغم أن دول المنطقة تتشاطر مع الولايات المتحدة في استبعاد خيار الحرب، فليست دولاً معتدية، ولا في تاريخها ولا حاضرها أطماع توسعية، إنما الحروب التي دخلتها المنطقة في العقود الأخيرة كانت إيران دائماً طرفاً معتدياً فيها بشكل من الأشكال، لهذا هي تواجه نظاماً ذا أطماع توسعية مثبتة في دستوره ومثبتة واقعياً بتزويد وكلائه بالسلاح للحرب نيابة عنه، هي حروب استنزافية إيران المسؤولة عنها بتهريب السلاح لوكلائها، منذ تولى هذا النظام الحكم في إيران والمنطقة من حرب إلى أخرى، وذلك ما يؤكد ما ذهبنا إليه في بداية المقال، بأن هذا التمدد هو مشروعها الرئيسي.
أما ترجمة الاستراتيجية الأميركية المعلنة، فإنها تعني لإيران مزيداً من تهريب للأسلحة التي تمر تحت سمع وبصر الأجهزة الأميركية، وعلى صعيد آخر بيع دول المنطقة المنظومة الدفاعية، التي أكد وزير الدفاع لويد أوستن، أنه بفضلها نجحت المملكة العربية السعودية بصد أكثر من 90 في المائة من الهجمات التي تعرضت لها، وبذلك تكون كل العصافير قد قضي عليها بضربة واحدة، وتستمر عملية «إدارة الصراع» لا إنهائه بتحقيق المكاسب الأميركية، دون أن ترجح كفة الصراع لأي طرف!!
إيران لا تحتاج أكثر من هذا التصريح، لتستمر بعملية استنزاف المنطقة وإشغالها بالرد طوال الوقت على الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، أما الحديث عن الخيارات الأخرى التي طرحها جميع المسؤولين الأميركيين، وتنحصر في الدبلوماسية، فالترجمة الإيرانية لها أنها مزيد من الوقت، وفرص أكبر لتهريب السلاح ودعم ميليشياتها.
عبر العديد من المسؤولين الخليجيين في حوار المنامة عن مخاوفهم من «انسحاب» القوات الأميركية في القواعد الموجودة في منطقة الخليج كضمان للأمن والاستقرار، لدرجة أن بريت ماكجورك المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي لهزيمة «داعش»، قال «سئلت عدة مرات عما إذا كانت الولايات المتحدة ستغادر الشرق الأوسط، اسمحوا لي أن أكون واضحاً، الولايات المتحدة الأميركية لن تذهب إلى أي مكان».
ثم اضطر أن يؤكد على كلامه، فقال «إن بلاده لا تعطي وعوداً كاذبة بشأن أي اتفاق مستقبلي مع إيران، ولن نوقع اتفاقيات تعرض الشركاء للخطر».
الحقيقة أنه بوجود أو عدم وجود القوات الأميركية على أرضنا، تستطيع الولايات المتحدة الأميركية - إن أرادت - أن تبدأ حرباً، أو تصد هجمات من دون الحاجة لوجودها على أرضنا، فالحروب الآن تجري عن بعد، بل من الفضاء لو استدعت الحاجة، ليس وجود القواعد أو عدم وجودها هو الضمانات التي نبحث عنها.
كما أن مقولة «إننا لن نوقع اتفاقيات تعرض الشركاء للخطر» غير دقيقة بتاتاً، فالاتفاق الأولي عام 2015 تسبب في وقف العقوبات وتزويد إيران بمليارات الدولارات التي استخدمتها كما هو معروف لدعم «حزب الله» و«الحشد الشعبي» والحوثيين، فكان الاتفاق الأولي الذي استثنى واستبعد البرنامج الصاروخي الباليستي خطراً علينا مثلما سيكون الثاني.
الخلاصة ما بين الحرب والدبلوماسية الأميركية مسافة كبيرة مملوءة بالخيارات التي تتعاطى معها الولايات المتحدة ببرود تام يمنح إيران الوقت الذي تحتاجه، إذ كان من المفروض أن الاستراتيجية الأميركية ستساهم في ردع إيران، ولكن ما يحدث على أرض الواقع أنه بعلم إيران أن خيار الحرب غير وارد، والدبلوماسية بالنسبة لها لعبة تفاوضات، فإن المستفيد اثنان؛ إيران بتمدد نفوذها، وصناع السلاح في الولايات المتحدة بمزيد من صفقاتها.
لو كانت الاستراتيجية الأميركية ناجحة، فبالمبلغ الذي تتحصل عليه الخزينة الأميركية + «الدبلوماسية»، أيما كانت تعني تلك الكلمة، كان المفروض أن يلقي الحوثي سلاحه، وينخرط في الحل الدبلوماسي، وكذلك يفعل «حزب الله» و«الحشد الشعبي»، لتستقر المنطقة، ونتفرغ للتعامل مع الملف النووي الذي لم ولن يكتمل - بالمناسبة - إذ ليس في نية إيران امتلاك قنبلة نووية، كما تحاول أن تصور لنا، فذلك يعني قتلها للدجاجة الذهبية التي تلاعبكم بها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين الحرب والدبلوماسية ما بين الحرب والدبلوماسية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib