بايدن ومتلازمة ترمب

بايدن ومتلازمة ترمب

المغرب اليوم -

بايدن ومتلازمة ترمب

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

«عقدة ترمب» هي المحرك الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية، وتقف حائلاً بين هذه الإدارة وبين المصالح الأميركية، بل ممكن أن تقف حائلاً أحياناً بين الأمن الأميركي ومقتضياته وبين هذه الإدارة.
فالتراجع عن كل ما أقره ترمب هو خط السير الذي اختطته لنفسها، ترمب وضع الحوثي على قائمة الإرهاب، الإدارة الجديدة نسفت القرار، ترمب قرر الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، الإدارة الجديدة قررت العودة له، ولولا ضغط من الجمهوريين لرفعت هذه الإدارة العقوبات على إيران فقط لمعارضة ومخالفة ترمب.
وصلت إدارة بايدن للسلطة وأمامها هدف واضح، معاكسة ترمب وإثبات أنه كان مخطئاً في إدارته لملف الشرق الأوسط والملف الروسي، وفي الاثنين تلمس هذه الإدارة يومياً صوابية قرارته قياساً بما تقتضيه المصلحة الأميركية وأمنها، لكنها رغم تلك الشواهد التي تعيد الفضل لترمب، فإنها لم تتراجع وقررت الاستمرار حتى لو اصطدمت بالحائط ومهما كان الثمن.
فحتى لو نجح الحوثي في إصابة قاعدة «الظفرة» في أبوظبي بصاروخ باليستي إيراني، فإن إدارة بايدن لن تتراجع عن تقديم المزيد من التنازلات من أجل إتمام الاتفاق النووي مع إيران، فلا شيء يعد أهم من هذا (الإنجاز) بالنسبة لهذه الإدارة الآن بعد أن مزقه ترمب. بل إن تصميمها وإصرارها على إثبات خطأ ترمب جعل هذه الإدارة الأميركية لا تضع في اعتبارها رغبة إيران الحقيقية في العودة للاتفاق أم لا، حين تفاوض فريقها، إنما تضع رغبتها وحاجتها هي كإدارة فحسب، وتركز على هذا الهدف الذي تظن أنه مشترك مع إيران، وفي حين أن لا أحد يرى أي نور في الأفق مع هذا النظام الثيوقراطي الذي يؤمن أنه مسير بقوة إلهية، فلا حاجة له بالتفاوض، بل إن مهندس الاتفاق الأول جواد ظريف أقر بعد توقيعه بأنه كان مجرد خطوة لتحقيق الهدف الأكبر وهو المشروع الإيراني، فلم يكن الاتفاق يوماً بالنسبة لإيران هدفاً بحد ذاته بقدر ما هو وسيلة، كلنا نعرف ذلك إلا أن هذه الإدارة مصرّة على أنه يوجد نور لكن لا أحد يراه غيرها.
لذا فإن سلسلة التنازلات التي تقدمها الإدارة الأميركية لم تتوقف، ولن تتوقف حتى لو ضرب الحوثي قاعدة «الظفرة»، وحتى لو قُتل جنود أميركيون، فإن هذه الإدارة ستجد لصمتها وسكوتها وتغاضيها مخرجاً دبلوماسياً يقيها ولا يجبرها على ردة الفعل، ألم تصمت الإدارة الأميركية السابقة في عهد أوباما عن الإهانة التي طالت الجنود الأميركيين الذين أجبروا على الركوع أمام الضباط الإيرانيين؟ وهذه الإدارة امتداد لتلك، فلن يزيد الأمر على بعض التصريحات الإعلامية الشديدة، إنما لن تتخذ أي إجراء تأديبي يحفظ مكانة وهيبة الولايات المتحدة التي هي على المحك الآن في أكثر من موقع ومنها الأوروبي في أوكرانيا، وفي هذا الملف فإن تصريحات بايدن كانت مأساوية أهدر فيها الكثير من تلك الهيبة، ما اضطرت بعده الإدارة إلى تدارك أخطائه.
وفي الشرق الأوسط تحاول هذه الإدارة أن تحفظ ما تبقى لها من ماء الوجه الذي أهدر بالانسحاب المخزي في أفغانستان، فإن هي قررت الرد على الصاروخ الإيراني تظن هذه الإدارة أنه سيكون سبباً لإيران لتراجعها عن المفاوضات، في حين أن إيران لم تجلس أصلاً للتفاوض إنما لكسب الوقت، وهذا ما لا تريد الإدارة الأميركية أن تراه أو تعترف به، وإلا سيكون قرار الرئيس الأميركي السابق (ترمب) بالانسحاب من الاتفاق قراراً صائباً وحكيماً، وهنا تتركز عقدة هذه الإدارة.
فلم يبقَ تنازل لم تقدمه هذه الإدارة مجاناً للنظام الإيراني حتى تعرّضت هيبة الولايات المتحدة الأميركية للإهانة، ما اضطر نائب المبعوث الأميركي لإيران ريتشارد نيفيو للاستقالة، بعد أن رأى بعينيه كيف تهدر الكرامة الأميركية، ويتعرض أمنها ومصالحها للخطر فقط حتى لا يقال إن ترمب كان على حق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن ومتلازمة ترمب بايدن ومتلازمة ترمب



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:09 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival
المغرب اليوم - سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival

GMT 15:40 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

جمهور "الرجاء" ضمن أفضل عشرة مشجعين في العالم

GMT 02:22 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "DFSK" تطرح السيارة "K01" في مصر بـ46 ألف جنيه

GMT 10:13 2023 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يُؤكد أنه يقف بنسبة 100 بالمئة إلى جانب إسرائيل

GMT 16:52 2022 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

منتخب البرازيل يعلن مدة غياب نيمار عن الملاعب

GMT 18:23 2022 الإثنين ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يعلن اكتشاف كمية مهمة من الغاز قبالة سواحل العرائش

GMT 06:33 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تضاعف الاستثمارات الخارجية للمغرب 5 مرات مع نمو الصادرات

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 06:05 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

أحذية رجالية بتصاميم استثنائية من "ستيف مادن"

GMT 20:18 2020 الإثنين ,27 إبريل / نيسان

مطعم أسترالي ينقل البيتزا بالطائرة دليفري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib