محمد أركون في التشكيل البشري للإسلام
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 57 ألف شهيد والأمم المتحدة تحذر من انهيار غذائي شامل إرتفاع عدد ضحايا فيضانات تكساس إلى 82 شخصا واستمرار عمليات البحث والإنقاذ إنتحار وزير النقل الروسي رومان ستاروفويت بعد ساعات فقط من إقالته بقرار من الرئيس فلاديمير بوتين. الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عمليات واسعة في غزة وتدمير مواقع لحركة حماس شمالاً وجنوباً مقتل أربعة أشخاص وإصابة 36 آخرين في هجمات روسية متفرقة على أوكرانيا إلغاء عشرات الرحلات الجوية من وإلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان ضخم في البلاد حركة حماس تصر على تعديلات الاتفاق والمفاوضات مع إسرائيل بلا تقدم في الدوحة انتشار مفاجئ لأعراض هضمية يثير القلق ومخاوف من موجة فيروسية جديدة ضواحي الناظور الحوثيون يعلنون استهداف مطارات وموانئ إسرائيلية ويؤكدون استمرار دعم غزة إرتفاع عدد قتلى الجيش التركي في العراق إلى اثني عشر جندياً بسبب استنشاق غاز الميثان أثناء مهمة عسكرية
أخر الأخبار

محمد أركون في التشكيل البشري للإسلام

المغرب اليوم -

محمد أركون في التشكيل البشري للإسلام

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

البروفسور محمد أركون، من المحطات الكبيرة في الفكر العربي والإسلامي المعاصر. أعطى حياته للعلم مبكراً. غاص في التاريخ والفقه الديني الإسلامي وتبحّر فيما كتبه السابقون. لأركون تكوين فريد في شخصيته منذ البداية، حيث وُلد في منطقة جبلية صعبة بالجزائر يسكنها الأمازيغ، ويتحدثون لغتهم في حياتهم اليومية، ولهم تقاليدهم وثقافة منطقتهم الخاصة. كان الاستعمار الفرنسي يسيطر على الجزائر منذ عقود، لكنه لم يتدخل في تفاصيل الحياة بالمناطق الأمازيغية الجبلية، التي حافظت على تقاليدها ولغتها ونسيجها الاجتماعي التقليدي. لم يكن هناك بوليس فرنسي أو ضرائب. كانت منطقة المزاب شبه معزولة بالكامل عن سائر البلاد. قال محمد أركون، كان في مدرستنا الابتدائية، خليط من اللغة الفرنسية والقبائلية والعربية، لكن اللغة القرآنية ذات مكانة فريدة والقدسية المتعلقة بتلاوتها الشعائرية. لا ننسى اسمه محمد بحمولته الدينية الكبيرة. محمد أركون تكوّن مبكراً في دنيا إسلامية موصوفة من حيث الزمان والمكان وظروف الاستعمار، والبيئة الاجتماعية والدينية والثقافية واللغوية. كانت الجزائر الفرنسية، تضم مسيحيين بكنائسهم ويهوداً بمعابدهم مع المسلمين في مساجدهم التي تملأ كل حي وشارع في كل البلاد، وتلقّى تعليمه بالجزائر على أيدي أساتذة فرنسيين. رحل إلى فرنسا طلباً للعلم بعد إنهاء دراسته الجامعية بالجزائر.
إذن، الرجل كان نتاج تكوين فريد في كل شيء. عرف المتفق عليه كما عرف المختلف عليه، بل عاشه مبكراً. هو أمازيغي وعربي مسلم في الوقت ذاته ثقافة وتكوينا ودينا، عرف الغرب الاستعماري، وعرف اليهود والمسيحيين مبكراً وعاش معهم في بلاده المستعمرة.
درس الفلسفة والتاريخ في جامعة السوربون، واطلع على فلسفة الغرب في عصر النهضة والتنوير وما قبلهما، ودرس التاريخ والفقه الإسلامي، وتابع التطورات السياسية والتحولات الفكرية التي عاشتها المنطقة العربية والمغاربية بعد أن نالت استقلالها. هذا محمد أركون الفيلسوف والمؤرخ للفكر الإسلامي، والمؤسس لعلم الإسلاميات التطبيقية. قال أركون في كتابه «التشكيل البشري للإسلام» وهو تفريغ لحوار طويل أجراه معه عدد من المفكرين والمثقفين الأوروبيين «بعد ما نالت بلدان شمال أفريقيا استقلالها، رحت أتساءل، ماذا سيحصل لنا نحن الجزائريين؟ وعندئذ أحسستُ فوراً بالمشكلة التي سيطرحها الإسلام وبالسياسات التي سوف تقاد بسببه أو بفضله». ويضيف أركون، أنه انشدَّ إلى خطابات الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة التي توافقت مع أفكاره، ورأى فيها الكثير من الأمل، في حين رأى في الخطاب السياسي المغربي اتجاهاً محافظاً. حلقة مرحلة الاستقلالات المغاربية وما رافقها في دول إسلامية أخرى، دفعته إلى نقده للعقل الإسلامي المنغلق على ذاته، وإن كان هذا النقد جريئاً، لكنه حذر في الوقت ذاته. أفكار محمد أركون كانت إجابات عميقة عن أسئلة يطرحها واقع له جذور عميقة امتدت في زمن موروث طويل سحيق في حياة الشعوب الإسلامية.
في الصفحة 183 في كتاب «التشكيل البشري للإسلام» وُجّه له السؤال التالي: أثناء محاورتنا عن سورة التوبة، قلت لنا بإن السياسة تتحكم في الدين، أو تستخدمه لصالحها، ولكن ألا يُعتبر التحدث عن العلاقات بين السياسة والدين في زمن تشكل القرآن نوعاً من الإسقاط أو المغالطة؟
أجاب الدكتور محمد أركون: للرد على هذا السؤال، ينبغي التذكير بأن حياة البشر تتحقق عادة داخل فضاء اجتماعي سياسي. حيث إن السياسة تحيلنا إلى مفهوم (polis). وهي كلمة إغريقية تعني المدينة السياسية.
وانطلاقاً من هذا المعنى، فهي تعني المجتمع السياسي بشكل عام، أو الدولة بالمعنى الأكثر اتساعاً. لقد كانت السياسة منذ أيام الفلسفة الإغريقية، مدعومة من قبل تصور معين عن ماهية الحياة السياسية. بهذا المعنى الواسع العام، فإنه توجد أيضاً وبالتأكيد سياسة في الخطاب النبوي عموماً، ليس فقط في القرآن، وإنما في الكتاب المقدس أيضاً بالنسبة لليهود والمسيحيين. أقصد التوراة والإنجيل، فموسى كان يتحدث داخل فضاء اجتماعي، فإنه توجد بوليس، ليس بمعنى المدينة الإغريقية، وإنما مجموعة من البشر يبحثون عن تنظيم حياتهم الاجتماعية بشكل ما.
أعتقد أن هذه الإجابة من محمد أركون، تشكل محوراً أساسياً في قراءته العميقة والموسعة في تشكيل الدين لحياة البشر في مجتمع واحد.
وقف عند التطور السياسي للإسلام، وقال أركون، فيما يخص حالة القرآن، لم تكن هناك دولة طيلة كل فترة ظهور الخطاب النبوي القرآني ونزوله المتتابع. الدولة السياسية المحسوسة ستجيئ لاحقاً في دمشق بعد موت النبي.
يرحل أركون في التطور التاريخي لمراحل الحياة السياسية العربية والإسلامية، في محطاتها الأموية والعباسية، وطرق الوصول إلى السلطة وتداولها، ودور العصبية القبلية والتحالفات والخلافات والتوازنات.
أهم ما يميز مسيرة أركون البحثية العلمية، منهجه المعرفي الأنثروبولوجي الموضوعي، وأنه مسلم غير مصطف إلى طائفة أو مذهب، فلا هو سني ولا شيعي ولا أمازيغي، بل هو عالم مسلم وفيلسوف موسوعي درس بعمق، التاريخ والفقه الإسلامي، والفلسفة اليونانية وكذلك الأوروبية. تعرّض لحملات تفسيق، بل تكفير من رهط يقبعون في حفر الماضي، وغاصوا في طين ما عجنه الزمن السحيق، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء قراءة، ما أبدعه المسلمون الفقهاء والفلاسفة. أركون الفيلسوف أضاف الكثير إلى الفكر الإسلامي ونافح عن العقيدة بالعلم والعقل، وأضاء لهذا الجيل سبل الولوج إلى دنيا يعيشها اليوم، يتسيد فيها الأقوياء بالعقل والعلم الذي يضيف كل يوم صناعات واختراعات.
كتاب «التشكيل البشري للإسلام»، اعتبره من أهم ما تركه لنا الدكتور أركون، فقد كان نتاج حوار طويل وصريح، مع نخبة من المثقفين غير المسلمين، وأجاب عن أسئلتهم بجرأة وعمق وتوسع علمي شامل. لقد أنجز البروفسور أركون 18 عملاً بحثياً علمياً حول الإسلام، وهي تشكل مكتبة أضافت الكثير للإسلام.
هناك اليوم في الأوساط النخبوية الإسلامية، من يرفع شعار العلمانية، يقابله تيار إسلاموي، يرفع شعار الإسلام هو الحل. الشعارات أناشيد رغبوية جامدة، لا تسقي العقل ولا العضل. الفكر الذي ينبت من دنيا الحياة التي نعيشها، مستخلصاً ما في الإسلام من قيم نورانية وتنويرية والتسلح بالعلم التطبيقي الحديث، هي المنقذ من التخلف والسقوط والهزائم.
ما أنجزه المفكر الفيلسوف محمد اركون، يقدم لنا شحنة أمل في زمن يصر فيه بعضهم على ترسيخ وتوسيع آيديولوجيا الظلام والتخلف والعنف باسم الدين الإسلامي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد أركون في التشكيل البشري للإسلام محمد أركون في التشكيل البشري للإسلام



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib