محمد بن عيسى حشدٌ من الرجال والعقول
وزارة الخارجية الأميركية تدين "الفظائع" في الفاشر وتحذر من خطر يهدد آلاف المدنيين جيش الإحتلال الإسرائيلي يعلن عن عمليات لتطهير رفح وتدمير بنى حركة حماس التحتية قلق في تل أبيب من إنتقال عدوى مرضى الحصبة إلى الأطباء مع تفشي المرض في مناطق عديدة في إسرائيل سلطات الطيران النيبالية تعلن سلامة ركاب طائرة إثر هبوطها إضطرارياً في مطار جاوتام بوذا الدولي غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد فشل تسليم جثث الرهائن وتل أبيب تؤكد أن الجثامين لا تعود للمحتجزين الجيش الأوكراني يعلن تنفيذه عملية معقدة لطرد جنود روس تسللوا إلى مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك بشرق البلاد خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين قوات الاحتلال تواصل القمع وتقتل فلسطينيين وتصيب آخرين بالضفة وغزة ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 68858 شهيداً بينهم أطفال ونساء مصرع ثلاثة عشر شخصا في انهيار أرضي غرب كينيا بسبب الأمطار الغزيرة
أخر الأخبار

محمد بن عيسى... حشدٌ من الرجال والعقول

المغرب اليوم -

محمد بن عيسى حشدٌ من الرجال والعقول

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

في السادس والعشرين من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي اجتمع في مدينة أصيلة المغربية حشد من الوزراء والسفراء والدبلوماسيين السابقين، والعشرات من المفكرين والمثقفين والأدباء من مختلف بلدان العالم في منتدى استمر أسبوعاً، في فعالية فكرية عالمية، لتوديع أيقونة سياسية وثقافية محمد بن عيسى الوزير والسفير والمفكر المغربي. جمعتنا معاً سنوات طويلة كانت طوفان زمن إقليمي وعربي وعالمي. كان الراحل مدرسة في الدبلوماسية والثقافة، وهذه حقيقة شهد له بها كل من عرفه وتعامل معه. العلاقات بين دولتينا (ليبيا والمغرب)، رافقها غبار الاختلاف لسنوات طويلة. كنا نلتقي في اجتماعات وزراء الخارجية العرب، وفي اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. مجموعة البوليساريو التي دخلت مبكراً في صراع مع المغرب؛ بهدف إقامة كيان مستقل في الصحراء الغربية، ولقيت دعماً من ليبيا. أدى ذلك إلى تسميم العلاقات بين البلدين. التقيت محمد بن عيسى في القاهرة عندما كنتُ وزيراً للخارجية الليبية. في بداية لقائنا لم يثر الراحل موضوع الخلاف السياسي بيننا، وبدأ حديثه باللغة الإيطالية التي يتقنها عن الوزير والسفير والمؤرخ الليبي خليفة التليسي، الذي عمل سفيراً لليبيا لدى المغرب زمن المملكة الليبية، وترجم أعمال الروائي الإيطالي، لويجي بيرانديلو، وألف القاموس الإيطالي - العربي. استمر الحديث عن العلاقات التاريخية بين ليبيا والمغرب، وفي الختام طلب مني نقل تحياته إلى العقيد معمر القذافي.

بعد عودتي إلى طرابلس قابلت العقيد معمر القذافي وقلت له إنني أريد زيارة المغرب. سألني ماذا ستفعل بها، أجبته بأنني أريد الحديث مع وزير خارجيتها محمد بن عيسى؛ فهو رجل سياسي مثقف ويحب ليبيا، ردَّ العقيد بكلمة «زين». وفعلاً تمت الزيارة، وكان الحديث خلالها أطول وأوسع، وبدأت مرحلة جديدة في العلاقات.

كان محمد بن عيسى عمدة لبلدة أصيلة التي تقع على المحيط الأطلسي لعقود طويلة، وجمع بين عمادته لها وهو عضو بمجلس النواب المغربي ووزير للثقافة، وعند توليه حقيبة الخارجية أسس فيها «منتدى أصيلة الثقافي» الذي تحول محفلاً فكرياً إنسانياً دولياً سنوياً، يشارك فيه سياسيون ومثقفون وأدباء من كل قارات العالم. تحولت أصيلة بفضل جهده وإبداعه، من قرية فقيرة مهجورة إلى معلم فريد يهفو إليه نخبة العرب وغيرهم؛ فهي مزدانة بحدائق تحمل كل واحدة منها اسم شاعر أو أديب أو فنان، وجداريات تزيّن شوارع أصيلة.

السياسي المثقف الفنان محمد بن عيسى، أسس وكتب ورسم مدينة أصيلة؛ لتكون هي هو، بما فيها من دفق إبداع وفن وثقافة وحرية.

في منتدى سبتمبر الماضي بأصيلة، تحدث المشاركون عن شخصية الراحل الموسوعي، وعما أنجزه على امتداد حياته الطويلة، التي تنقَّل فيها بين القارة الأفريقية ضمن بعثة الأمم المتحدة، وطالباً في جامعة القاهرة، وعاملاً بمنظمة الأغذية والزراعة بروما، وسفيراً لبلاده لدى الولايات المتحدة الأميركية. عرف الدنيا وعرفته، أتقن الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية، أما اللغة العربية، فقد كان الراحل العاشق المتيم بها.

في لقاء التوديع الأخير بأصيلة تحدثتُ في كلمتي أمام حشد أصدقائه وزملائه ومحبيه، عن شيء أجزم أن الراحل العزيز ينفرد به، وهو الغوص في أعماق كل مكان حلَّ به. عندما يتحدث عن أفريقيا التي عمل بها سنوات، يفكك التكوين الاجتماعي، بما فيه من عادات وتقاليد متوارثة، والبنى الاقتصادية والحياة السياسية. لقد عشتُ في إيطاليا سنوات طويلة، وأكثر مما عاش بها هو، لكنه حين يتحدث عن «الكولوسيو» حلبة الموت الروماني بمدينة روما، يغرق في تحليل العنف الدموي، الذي يكشف عن ضعف المستبد المريض. مدينة القاهرة كانت الكتاب الذي يقرأه بتعمق ممتع بكل ما فيها من ماضٍ وحاضر إنساني، ومعمار خالد يراكم ما كان عبر العصور. القاهرة الفاطمية عشق كل ما فيها وحملها لوحات لا يعلوها غبار الزمن. الولايات المتحدة الأميركية التي مارس فيها العمل اليدوي بالمزارع وغيرها في شبابه، وعاد لها سفيراً بارزاً، وأقام بها علاقات واسعة مع نخبها السياسية والثقافية والفنية. لقد حمل الراحل محمد بن عيسى شيئاً من كل مكان عاش به، كما يحمل الطائر شيئاً من كل غصن حطَّ فوقه. في قريته أصيلة، التي حولها معلماً معمارياً وفكرياً فريداً، جسَّد ما اكتنزه من إبداع وفكر وفن من ترحاله الطويل، في ربوع الدنيا المختلفة. منقبةٌ فريدة وسمت شخصية محمد بن عيسى، كانت القدرة على امتلاك ذبذبات إنسانية قادرة على مد خيوط الصداقة والمودة والأخوة مع كل ما عرفه أو حتى التقى به في مناسبة عابرة. في الكتاب الذي نُشر بمناسبة وداعه وضم شهادات لعدد من السياسيين والدبلوماسيين والأدباء الذين عرفوه، كتبتُ مقالاً عنه بعنوان «برزخ الزمان الطويل»، كانت سطور مطلعها «الكتابة عن عزيز رحل عن الدنيا بعد عمر ازدحم فيه الزمان بالتحولات الإقليمية والدولية الكبيرة عملية تعجُّ بها الحروف والسطور، ولها حواس تتأوه وتنطق وتتحرك. السياسي الدبلوماسي والمفكر المثقف محمد بن عيسى، كان حشداً من الرجال والعقول، كان ومضات الصمت والكلام».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد بن عيسى حشدٌ من الرجال والعقول محمد بن عيسى حشدٌ من الرجال والعقول



GMT 22:12 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عارك وحدك

GMT 22:05 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تجعلوا من النكره نجمًا

GMT 22:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن أنور السادات

GMT 21:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق التاريخ... مُنتعشة!

GMT 21:56 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الخليج... والنمو الاقتصادي المطلوب

GMT 21:53 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة عقود على إعلان «نوسترا أيتاتي»

GMT 21:51 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

استراحة فاروق جويدة!

GMT 21:48 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

من نحن.. فراعنة أم عرب أم ماذا؟!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:12 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أضرار ممارسة الضغط على الأبناء في الدراسة

GMT 20:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تؤكد أن 4 أنماط فقط للشخصيات في العالم

GMT 04:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

التكنولوجيا الحديثة تجلب ضررًا كبيرًا في المدارس

GMT 16:13 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستدعي سفراء الدول العظمى بسبب قرار دونالد ترامب

GMT 00:17 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ماذا عن الحمل بعد الأربعين؟

GMT 23:59 2022 الخميس ,10 شباط / فبراير

7 مباريات قوية وحاسمة للوداد في شهر

GMT 12:44 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيا تطرح نسخا شبابية قوية وسريعة من سيارة Ceed الاقتصادية

GMT 02:07 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

فساتين خطوبة باللون الأحمر لعروس 2020

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib