هيروشيما تتكلم
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عددًا من القرى والبلدات في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة برج كونتي التاريخي في العاصمة الإيطالية روما يتعرض لإنهيار جزئي ما أسفر عن إصابة عمال كانوا يعملون على ترميمه وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 26 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات فوق الأراضي الروسية مقتل سبعة متسلقين وفقدان أربعة في إنهيار جليدي غرب نيبال رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان أكثر من 3.2 مليون مسافر أميركي يتأثرون بتعطّل الرحلات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وسط تداعيات الإغلاق الحكومي منظمة الصحة العالمية تنشر فرق إنقاذ بعد وقوع بلغت قوته 6.3 درجة شمالي أفغانستان مقتل 7 بينهم أطفال وإصابة 5 آخرين جراء استهداف مسيرة لقوات الدعم السريع مستشفى كرنوي للأطفال الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل محمد علي حديد القيادي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله الهند تطلق أثقل قمر اصطناعي للاتصالات بنجاح إلى مداره الفضائي
أخر الأخبار

هيروشيما تتكلم

المغرب اليوم -

هيروشيما تتكلم

سوسن الأبطح
بقلم - سوسن الأبطح

مؤثرة زيارة هيروشيما، والعالم يستذكر مرور 80 سنة على الكارثة الكبرى. تذهب إليها مشحوناً بذاكرة الموت الجماعي الذي لم تسمع عن شبيه له في أي مكان آخر. لكنك تصدم بأنها لا تختلف عن أي مدينة يابانية بنظافتها، وأناقتها، وتطاول عمائرها، ومجمعاتها التجارية. تشعر بأن أهل هيروشيما، المنتشرين في المطاعم والمقاهي، تجاوزوا تاريخهم الذي هزّ ضمائر البشرية، ودخلوا الحداثة فاتحين لا متسولين، وباتوا في مكان آخر غير الذي يتوافد السياح زرافات، من كل صوب، بحثاً عنه.

لكن مرشدتنا، تنبهنا منذ البدء، وهي تجول بنا في الحدائق العامة، أن مدينتها لم تركع للموت، ولم تبق حبيسة الأمس، وأنها تنظر إلى المستقبل، وبدل أن تندد وتبكي، نصبت أجراس السلام التي يأتي الزوار ليقرعوها ويلتقطوا الصور أمام ساحة النصب التذكاري الضخم لضحايا أول قنبلة نووية في تاريخ البشرية. صحيح أن ناغازاكي استهدفت بقنبلة ثانية بعد ثلاثة أيام فقط، لكن هيروشيما هي التي أصابتها الشهرة الأليمة؛ لأنه صادف وكانت الفاتحة الدموية بها.

يومها قتلت القنبلة ربع سكان هيروشيما على الفور، وبلمح البصر، وربعاً آخر بسبب آثار التسمم الإشعاعي والسرطان. لم يفهم الضحايا حينها ما حلّ بهم. أحد لم يكن على دراية بما رميت به المدينة. هم رأوا أجساداً تبخرت واختفت كلياً، تاركة رسماً شبحياً مكانها، شاهدوا جثثاً محترقة، وأخرى مختنقة، وجراح تنزف من جلود مهترئة لا يعرفون كيف يداوونها. تروي المرشدة وهي تقف مكان إلقاء القنبلة على جسر أيووي المشرف على نهر أوتا، أن القنبلة تسببت بدمار كامل امتد على مساحة قطرها يبلغ ميلاً، أما الخراب فامتد على مدى ميلين اثنين. يبحث الناجون عن ماء يشربون فلا يجدونه، أو طعام فلا يعثرون عليه. هرعوا إلى النهر، وأكلوا ما وجدوه أمامهم، فماتوا أيضاً من التلوث الإشعاعي، وما كان لهم به من دراية أو معرفة.

لم يصمد من عصف القنبلة التي سميت «ليتل بوي» أو «الصبي الصغير» ربما من باب السخرية أو الاستخفاف، سوى مبنى القبة الذي ترك للذكرى، بلونه الأسود المتفحم، وجدرانه المتهالكة. ومكان آخر، هو قبو أو غرفة صغيرة تحت الأرض، تقودنا إليها مرشدتنا، وقد أقيم فوقها مركز تجاري حديث يبيع الماركات الغربية ويعج بالمتسوقين. لكن السياح يدخلون هذا المجمع الأنيق عابرين إلى القبو، ليشاهدوا المكان الذي نزل إليه أحد الموظفين بالمصادفة لحظة إلقاء القنبلة بحثاً عن ورقة احتاج إليها زملاؤه أثناء اجتماع عمل، ماتوا جميعهم، وبقي هو بسبب وجوده في القبو.

ما عدا ذلك، هيروشيما تعيش كداعية سلام، يحجّ إليها نوع من السياح يقرأ التاريخ ويتعظ، يمقت العنف ويخشى الجنون. هناك أيضاً القلقون على البيئة والماقتون للأسلحة، كما الشباب الباحث عن آثار التاريخ الأسود للحروب. لهؤلاء وللتذكير بهمجية الاقتتال، وعبثيتها، أقيم «متحف السلام» الذي تعرض فيه شهادات، ومخلفات القنبلة المحترقة، وزجاجات ذابت بفعل الضغط، وساعة توقفت بيد صاحبها لحظة الانفجار، وصحف، وصور كثيرة مؤلمة. قد لا تكون مصادفة أن تلاحظ تشابهاً لا يمكن إنكاره، بين مشاهد هيروشيما بعد القصف النووي، ولقطات صور غزة المنتشرة اليوم. هذه مفارقة فظيعة، تجعلك تتوقف برهبة أمام المعروضات، وتقشعرّ من المقارنة المفزعة.

للأسف، بالتزامن مع ذكرى مرور ثمانية عقود على مأساة هيروشيما، وتدفق دعاة السلام على المدينة، مؤازرة لرسالتها ودعماً لصوتها، أعلنت أميركا عن تطوير قنبلة نووية جديدة، تفوق في قدرتها التدميرية 24 مرة قنبلة هيروشيما.

لا بل إن التحذيرات تتزايد من تصاعد سباق التسلح النووي، حيث تصل زنة بعض الرؤوس إلى ألف كيلوغرام. التقديرات أن روسيا بحوزتها أكثر من خمسة آلاف رأس، ولأميركا مثلها، وخمسمائة رأس على الأقل في الصين. يقال إن استخدام مائة رأس فقط، كفيل بأن يتسبب بشتاء نووي، يحيل سكان الأرض إلى جوعى لا يجدون بعده ما يقتاتون به. فما مدعاة تصنيع ما يمكنه تدمير الأرض مرات عدة؟

سباق التسلح النووي يشمل دولاً عديدة، بينها بريطانيا، وفرنسا، والهند، وباكستان، ولا ننسى إسرائيل التي سعت حتى قبل تأسيسها لحبك علاقات وثيقة مع فيزيائيين، بينهم أوبنهايمر «أبو القنبلة النووية» الأميركية، لتؤمن سلاحها الفتّاك. ومنذ ذلك الحين تزيد مخزونها بالسر، وتدعي أنها مهددة من جيرانها الذين يقاتلونها بالحجر والرشاش وصواريخ التحضير المنزلي.

هيروشيما ليست مجرد ذكرى، بل هي إنذار حي، ونموذج بدائي وصغير عما يمكن أن يحل بسكان الكوكب. لهذا غالباً إذا زرت المدينة، ستصادف جمعية الناجين من كارثة هيروشيما الـ«هيباكوشا»، ومنهم من لا يزالون أحياء يروون قصصهم.

كان حكيماً ورؤيوياً المهاتما غاندي، حين قال بعد أن علم بما حلّ بهيروشيما وناغازاكي من مقتلة: «ما لم يجنح العالم الآن إلى اللاعنف، فسوف يؤدي ذلك إلى انتحار مؤكد للبشرية». لكن الناس في أغلبهم لا يتّعظون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيروشيما تتكلم هيروشيما تتكلم



GMT 23:14 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة فاشلة؟

GMT 23:11 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 23:09 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«أبو لولو»... والمناجم

GMT 23:07 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ونصيحة الوزير العُماني

GMT 23:05 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سراب الوقت والتوأم اللبناني ــ الغزي

GMT 23:00 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا يكره السلفيون الفراعنة؟!

GMT 22:56 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الحرية تُطل من «ست الدنيا»!

GMT 22:54 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من القصر إلى الشارع!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:56 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تركيا تُعلن استعداد حماس لتسليم حكم غزة إلى لجنة فلسطينية
المغرب اليوم - تركيا تُعلن استعداد حماس لتسليم حكم غزة إلى لجنة فلسطينية

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 09:26 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

"الجاكيت القطني" الخيار الأمثل لربيع وصيف 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib