الفن يطعنه المال
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عددًا من القرى والبلدات في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة برج كونتي التاريخي في العاصمة الإيطالية روما يتعرض لإنهيار جزئي ما أسفر عن إصابة عمال كانوا يعملون على ترميمه وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 26 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات فوق الأراضي الروسية مقتل سبعة متسلقين وفقدان أربعة في إنهيار جليدي غرب نيبال رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان أكثر من 3.2 مليون مسافر أميركي يتأثرون بتعطّل الرحلات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وسط تداعيات الإغلاق الحكومي منظمة الصحة العالمية تنشر فرق إنقاذ بعد وقوع بلغت قوته 6.3 درجة شمالي أفغانستان مقتل 7 بينهم أطفال وإصابة 5 آخرين جراء استهداف مسيرة لقوات الدعم السريع مستشفى كرنوي للأطفال الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل محمد علي حديد القيادي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله الهند تطلق أثقل قمر اصطناعي للاتصالات بنجاح إلى مداره الفضائي
أخر الأخبار

الفن يطعنه المال

المغرب اليوم -

الفن يطعنه المال

سوسن الأبطح
سوسن الأبطح

«لن أتنازل عن أي شيء في العالم، مقابل سنتيمتر واحد من حريتي» تلك هي العبارة المفتاح التي انطلق منها الفنان البلغاري الأصل كريستو فلاديميروف جافاشيف، الهارب من استبداد الحكم السوفياتي إلى فيينا وباريس، ليلتقي برفيقة دربه جان كلود؛ المرأة التي للصدفة ولد معها في يوم واحد، وسيتلازمان ويوقعان أعمالهما الفنية معاً، إلى أن فارقت الحياة عام 2009، وتبعها كريستو عام 2020.

أدرك باكراً، الفنان الذي انتقل بعد ذلك، للعيش في أميركا، أن الشرط الأول لحريته، هو الانعتاق من سلطة رأس المال. عمل جاهداً لكسب قرشه بعرق جبينه. كان يرسم لمدة 16 ساعة متواصلة، كي يؤمّن احتياجات تجهيزاته التي بدأت متواضعة الحجم بتغليف العلب والزجاجات وكل ما يقع تحت يده، لينتقل إلى الجسور والمباني الضخمة، التي تحتاج ملايين الدولارات.
الحلة الجديدة لقوس النصر في باريس هذه الأيام، متشحاً بالأقمشة الزرقاء المفضضة، محزّماً بالحبال الحمراء، هي هديّة فنية كلفت الفنان الراحل من جيبه الخاص 14 مليون يورو، تحقيقاً لحلم راوده عام 1961 لم يتحقق إلا بعد وفاته. وهو واحد من أعمال كثيرة، نفذها الثنائي الشهير في مدن عدة منها برلين ونيويورك وباريس سابقاً؛ حيث غلفا قبل 30 سنة «الجسر الجديد» بقماش بلون رمال الصحراء. حرص كريستو على تمويل تجهيزاته العملاقة من مبيع لوحات تصاميمها الأولى والرسومات التحضيرية، الهدايا التذكارية، النماذج، والطباعة الحجرية، في مزادات تحصد الملايين. مات كريستو وهو يحلم بقوس النصر على جادة الشانزليزيه يلعب بستائره الهواء، كأنما الحياة تدب فيه مع كل نسمة، فخوراً أنه ينجز أعمالاً تعرض لأيام محدودة وتختفي لا يبقى منها غير الصور والذكريات، وما تتركه في القلب من أثر. «أعمالي تخييلية، بمقدوركم أن تعيشوا من دونها، ليست ضرورية لأحد، لكنني بحاجة إليها وكذلك من يعملون معي. لا أحد يستطيع شراءها، ولا أحد يستطيع امتلاكها». الفرجة في قوس النصر بالمجان، مع شروحات، وقطعة من قماش العمل، ذكرى لمن يريد. وبعد أيام يفكك التجهيز وتذهب 25 ألف متر من القماش، و3 آلاف متر من الحبال، للتدوير، حفاظاً على المال من الهدر، وعلى البيئة من التلوث.

حوّل كريستو نفسه إلى مؤسسة متكاملة، تبتكر، وتنتج، وتبني التجهيزات، وتعيد التدوير، وتمول أيضاً. ثمة من يتهم كريستو بإخفاء لعبة مالية غير نظيفة، بتسجيل شركاته في أماكن لا تخضع لضرائب. هناك من يطعن بجمالية أعماله أصلاً وقيمتها الفنية. وقد يكون كريستو وجان كلود نظيفين هفهافين، وقد لا يكونان، لكنهما وضعا معاً نواة لفكرة تمويل ذاتي تستحق الاهتمام والتطوير.

التجهيزات التي تنتمي إلى الفن المفاهيمي، الزائلة، التي لا تقبل أن تحبس في المتاحف وبين الجدران، أعادت الجمال للشارع. فبعد أن حجبت الأعمال الفنية في الصالات، ونقلت الآثار من مكانها في الصحارى وبين الأشجار، إلى المتاحف، وفرضت عليها رسوم الدخول، بات الحاجز بين الناس والفن كبيراً يحتاج إلى ردم الهوة. وكلما أصبحت إقامة معرض عبئاً على الفنان، تفاقمت حاجته إلى المال.
كريستو كانت له إمكانات على قدر أحلامه. النحاتون الثلاثة «عساف» في لبنان نموذج آخر، شرقي وبسيط. ففي المركز الفني الذي شيده هؤلاء النحاتون، من حجارة جبل لبنان المقيمين فيه، والحدائق التي رعوها والمنحوتات التي أنجزوها، سبيل ذاتي إلى حفظ الكرامات وصيانة النفس المبدعة من الانكسار والحاجة. حين تسأل أحدهم إن كانوا يتعاملون مع غاليريهات، يقولون لك إنهم لا يعرفون سوى من يريدون اقتناء عمل فني. هذا يذكّر بنقّاد دائماً ما يخبرون أن كل دخول إلى شبكات الاتجار بالفن، هو عبودية، واستسلام لمن سيتدخل ليس فقط في أسلوبك وموضوعك، ولكن أيضاً بجدول تحركاتك.

تعقيدات عالم الفن، تزن ثقيلاً. لم تعد الأعمال متوارية فقط، رؤيتها مدفوعة واقتناؤها حكر على بعض الذين لا يعرفون قيمتها، بل تحكّم فيها الترويج، فرفع من شأن أناس، وحرم موهوبين من حقهم في الظهور. فلا أحد يعرف اليوم، لماذا يبيع فنانون مثل داميان هيرست، وجيف كونس، وتكاشي موراكامي، أعمالهم بأغلى الأثمان؟ ولماذا يحتكر هؤلاء الذي باتوا يمتلكون شركات للإنتاج والإدارة والتصنيع، وإعادة الإنتاج، الشهرة والثروات معاً؟ مع أن كلاً منهم لا يقدم بالضرورة الجمالية المبهرة، لمتفرجيه بقدر يتحفهم بمجسمات، لدمى أو حيوانات، وأحياناً بالونات، خضعت للتصنيع والتوليف.

النقاشات حارة في باريس حول تغليف قوس النصر، المعْلم التاريخي الأكثر شهرة. أراده نابليون بونابرت رمزاً يخلد انتصارات الجيوش الإمبراطورية، ثم ضم قبر الجندي المجهول إثر الحرب العالمية الأولى، فجاء هذا اللاجئ من بلغاريا ليفرض مشهداً آخر. احتاج تحقيق حلم كريستو 50 سنة من الانتظار، و5 سنوات من الموافقات والتحضيرات، وتوقيع رئيس الجمهورية، وتنسيق كثير من المؤسسات، وتقديم شروحات للنقابات والمتاجر المحيطة، والسفارات المجاورة، وربما إقناع الشعب الفرنسي أن رمز العظمة الوطنية، يمكن أن تكون له حلّة مختلفة ولو لأسبوعين، مع كل التطمينات بأن الفريق الفني لكريستو، يعمل وفق تقنيات ترعى بدقة المنحوتات الرائعة التي تزين هذا الصرح. يبقى أن كريستو مع تمويله العمل لا يزال يلقى النقد ويتهم بأقبح العبارات، وبأنه «مخادع» و«كاذب» و«رأسمالي متخفٍ» وأن «هذا التغليف لقوس النصر يرمز تماماً إلى طبيعة اللحظة النيوليبرالية، المعادية للشعب وقيم الجمهورية، التي تخضع لها فرنسا وشعبها».

الأعمال الفنية، حتى لو كانت زرقاء بلون البحر والسماء، هي موضع جدل، وإثارة أسئلة، وتلك هي أهم أدوارها، وسبب جوهري لوجودها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفن يطعنه المال الفن يطعنه المال



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 15:23 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة
المغرب اليوم - لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib