دراما العلم والبكتيريا الحلزونية

دراما العلم والبكتيريا الحلزونية

المغرب اليوم -

دراما العلم والبكتيريا الحلزونية

خالد منتصر
بقلم - خالد منتصر

أحياناً تكون دراما العلم أكثر جاذبية من دراما السينما والمسلسلات، من ضمن تلك الدراما العلمية قصة اكتشاف البكتيريا الحلزونية (Helicobacter pylori) والتى تُعد واحدة من أعظم الإنجازات العلمية فى مجال الطب الحديث، كيف كانت البداية؟.

فى معظم فترات القرن العشرين، كان يُعتقد أن الإجهاد النفسى والنظام الغذائى الحاد هما السبب الرئيسى فى حدوث قرحة المعدة والتهاباتها، كانت العلاجات تعتمد على تقليل الحموضة باستخدام مضادات الحموضة أو إجراء جراحة فى الحالات الشديدة، لكن المشكلة لم تُحل جذرياً، كانت بداية الاكتشاف فى أوائل الثمانينات، لاحظ الطبيبان الأستراليان بارى مارشال وروبين وارن أن عينات من أنسجة المعدة لدى مرضى القرحة تحتوى على كائنات دقيقة تشبه البكتيريا.

هذه البكتيريا كانت تُرى عادة فى الأماكن شديدة الحموضة بالمعدة، وهو أمر لم يكن متوقعاً لأن الحموضة العالية تُعتبر بيئة قاتلة للبكتيريا، من هنا بدأ التحدى فى إثبات العلاقة لإثبات نظريتهما بأن هذه البكتيريا (التى أُطلق عليها لاحقاً Helicobacter pylori) هى السبب فى التهابات المعدة والقرحة، واجه مارشال ووارن شكوكاً كبيرة من المجتمع العلمى. لم يصدق أحد تقريباً أن كائناً حياً يمكن أن يعيش فى بيئة حامضية قاتلة مثل المعدة، لكن ما هى التجربة الجريئة والمخاطرة الشخصية التى خلقت الدراما؟ فى عام 1984، قرر بارى مارشال إثبات صحة نظريته بتجربة على نفسه. شرب محلولاً يحتوى على بكتيريا H. pylori. بعد فترة قصيرة، ظهرت عليه أعراض التهاب المعدة، وتمكن من عزل البكتيريا من معدته، مما قدم دليلاً قوياً على دورها فى التسبب فى القرحة.

مع التجارب اللاحقة، تأكد أن Helicobacter pylori هى السبب الأساسى فى معظم حالات القرحة المعدية والتهابات المعدة، كما أنها ترتبط بسرطان المعدة. هذا الاكتشاف غيّر طريقة علاج القرحة بشكل جذرى، حيث أصبح العلاج يعتمد على المضادات الحيوية للقضاء على البكتيريا بدلاً من الاكتفاء بتقليل الحموضة، فى عام 2005، حصل مارشال ووارن على جائزة نوبل فى الطب تقديراً لاكتشافهما الذى أنقذ ملايين الأرواح وساهم فى تقليل المعاناة، واليوم، يُعتبر علاج البكتيريا الحلزونية باستخدام العلاج الثلاثى (مضادات حيوية وأدوية تقلل الحموضة) معياراً طبياً عالمياً.

كما أن هذا الاكتشاف ألهم العلماء لاستكشاف العلاقة بين الكائنات الدقيقة وأمراض أخرى، مما فتح آفاقاً جديدة فى مجال الطب الحديث

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دراما العلم والبكتيريا الحلزونية دراما العلم والبكتيريا الحلزونية



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib