مستقبل السياحة في سلطنة عمان

مستقبل السياحة في سلطنة عمان

المغرب اليوم -

مستقبل السياحة في سلطنة عمان

زاهي حواس
بقلم - زاهي حواس

سافرت إلى الكثير من البلدان العربية الشقيقة، مثل المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ولبنان والمغرب وتونس، ووجدت أن هناك عشقًا خاصًّا بمصر وبالحضارة المصرية القديمة.

ومن لحظة أن تطأ قدماى أى مطار بالعالم، سواء فى بلداننا العربية أو حتى الأوروبية، أجد العديد من الإخوة العرب المسافرين يستقبلوننى بترحاب كبير ويلتقطون معى الصور التذكارية، ويسألون عن آخر الاكتشافات الأثرية. ويدل ذلك بالتأكيد على حب الناس للتاريخ والآثار. ولقد زرت فى يناير الماضى سلطنة عمان لحضور ملتقى عن السياحة والاستثمار السياحى وتنميته بالسلطنة، التى هى بحق بلد فريد يُعتبر جنة الله فى الأرض، يمتاز أهله بحب الثقافة والمعرفة والتعرف على الشعوب وحضاراتها المختلفة، وليس هذا بغريب على بلد عرف أهله ركوب البحر والسفر والتجارة والاستكشاف وحب المغامرة، ولقد حباهم الله بوجود الطبيعة الخلابة والمناطق التاريخية والأثرية العديدة.

قد لا يعرف الكثيرون وجود ما يزيد على ألف قلعة وحصن وبرج منتشرة فى ربوع ومحافظات السلطنة بُنيت لأغراض الحماية والحراسة والإشراف على النقاط المهمة سواء للقادمين من البحر أو للقادمين من الصحراء عبر الجبال والسهول، التى لا يوجد مثيل لها فى العالم كله. وترتبط حصون وقلاع سلطنة عمان بقرى وأسواق تجارية كانت أداة للتبادل الثقافى والمعرفى بين الشعوب وليس فقط لأغراض التجارة والمنافع الاقتصادية. إن من أشهر قلاع وحصون السلطنة قلعة الجلالى، التى تطل على ما يُعرف بـ«بحر عمان»، وتقع فى شمال شرق العاصمة مسقط. استكمل البرتغاليون بناءها فى القرن السادس عشر الميلادى، وبعد ذلك قام بتجديدها ووصولها إلى عمارتها الحالية السيد سعيد بن سلطان فى أوائل القرن التاسع عشر الميلادى. وفى عهد المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد تم ترميم وتجديد القلعة وتحويلها إلى متحف. وغير بعيد عن قلعة ومتحف الجلالى، تقع قلعة الميرانى، واحدة من أشهر القلاع بالسلطنة، والتى تم بناؤها أيضًا بواسطة البرتغاليين فى القرن السادس عشر الميلادى.

وهناك قلعة الشهباء بمحافظة الداخلية، وحصن الخندق الذى قمت بزيارته فى محافظة البريمى، وحصن طاقة بمحافظة ظفار، وقلعة الرستاق، وبيت المقدم، وقلعة نخل، وبيت النعمان، وغيرها الكثير من القلاع والحصون التى تحتاج لمؤلفات للحديث عن قصة كل حصن وقلعة وبرج، والتى تحكى تاريخًا عريقًا لبلد نحبه ونعشقه نحن المصريين لطيبة ودماثة خلق أهله.

نعود إلى «الملتقى العربى الأول للسياحة والاستثمار»، الذى عُقد فى يناير الماضى بمحافظة البريمى تحت رعاية الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصى، وزير الإعلام بسلطنة عمان، والذى شرفت بلقائه، وهو رجل متواضع للغاية يتمتع بعلاقات ممتازة مع العديد من الجهات، التى يحرص دائمًا على فتح قنوات الحوار واللقاء معها، ويعلم تمام المعرفة أهمية وخطورة دور الإعلام السياحى فى إحداث الفارق فى صناعة مهمة مثل صناعة السياحة والاستثمار فيها، وهذا ما اتضح فى كلمته الافتتاحية بالمؤتمر، والتى نالت استحسان الجميع.

وقد أهدانى مجموعة من الكتب القيمة التى تُعرف بسلطنة عمان وإمكانياتها. وقبل الحديث عن كلمتى بالملتقى، لابد لى من الإشادة بدور الدكتور سلطان بن خميس اليحياتى، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، على الدور التنظيمى الراقى الذى قام به لإخراج هذا الحدث على درجة عالية من الاحترافية، التى كانت حديث كل المشاركين فى المؤتمر. كان الهدف من الملتقى هو مناقشة الأوراق البحثية والتجارب العملية فى مجال تنمية السياحة والاستثمار المستدام فى تلك الصناعة، ومن هنا كانت كلمتى، التى أشدت فيها بما تتمتع به سلطنة عمان من إمكانات سياحية قد لا تجتمع فى بلد آخر، فالطبيعة ما بين بحر وصحراء وجبال ووديان خضراء توفر فرصًا سياحية فريدة للسلطنة تُرضى جميع الأذواق من محبى السياحة البحرية من يخوت ومراكب شراعية وغوص لاستكشاف الأعماق وزيارة الشعاب المرجانية الفريدة والبيئة البحرية وتنوعها، وكذلك سيجد مُحِبّو الهدوء والطبيعة مبتغاهم فى سياحة السفارى والتخييم وتسلق الجبال، والسباحة فى العيون الطبيعية بين الجبال وفى مياهها الفيروزية.

هناك جبال فى سلطنة عمان يتعدى ارتفاعها 2500 متر، وتغطيها الثلوج فى الشتاء، وجبال تحيط بمناطق خصبة يُزرع فيها الرمان وأشجار اللوز وغيرها من الأشجار. أما مُحِبّو الآثار والمتاحف والمناطق التراثية فسيجدون مئات القلاع والحصون والأسواق التراثية وكذلك المواقع الأثرية التى تحتاج إلى أيام وأسابيع لزيارتها. وفوق كل هذا التنوع السياحى المهم، هناك الأمن والأمان وحسن الضيافة التى تحتل بها سلطنة عمان المركز الأول بلا منازع. لقد أعجبنى حقًّا أسلوب دعايتهم للسياحة، والذى يقول على ما أتذكر: «هل تحب الفخامة والأناقة والرقى؟، أتود أن تشعر بالقرب من الطبيعة؟، أيًّا كان اختيارك المفضل فستكون الفنادق الرائعة والمخيمات الصحراوية والمنتجعات البيئية موطنك»، وبعد ذلك كله يأتى السؤال المهم، وهو ما الذى يجب أن تفعله سلطنة عمان لتوظيف كل هذه الإمكانات وتنمية السياحة للسلطنة؟.

 والإجابة أن السلطنة قد بدأت بالفعل تفعيل عدة محاور للتنمية السياحية، ومنها تفعيل دور الإعلام السياحى والبحث عن الوسائل الفعالة للتعريف بما تملكه البلاد من ثروات سياحية، ويبقى تفعيل استراتيجية موحدة تضم كل الفاعلين فى المجال من جهات حكومية وغير حكومية والبدء فى تنفيذها. وهناك مثال حى فى مجال اختصاصى، وهو الآثار وتطوير المناطق الأثرية، التى لابد لها من برنامج موحد يسمى «إدارة المواقع الأثرية» من خلاله تُطبق سياسات التطوير والترميم بشكل مدروس على كافة مناطق الآثار وإعداد وتأهيل ما يصلح منها للزيارات السياحية بما يضمن حمايتها وبقاءها، وذلك بغض النظر عن مكان وموقع تلك المناطق الأثرية فى أحوزة إدارية تطبق سياسات مختلفة!، فالمطلوب هو استراتيجية إدارة مواقع، مع قائمة بالمواقع البكر التى تحتاج إلى إجراء الدراسات الأثرية والحفائر العلمية، وذلك لتشجيع ودعوة البعثات الأجنبية والوطنية على المشاركة والعمل سويًّا وتحقيق اكتشافات يتم التعريف بها عالميًّا، وهذا من أهم أدوات جذب السياحة الثقافية.

جمعنى لقاء والدكتور عبدالله الحراصى بعد أن ألقيت كلمتى بالملتقى، وأخبرنى بأن ما ذكرته من توصيات سيكون محور نقاش وبحث على نطاق أوسع بعد انتهاء فعاليات الملتقى الذى استمر ليومين من المناقشات والأوراق البحثية. وقد قام المنظمون للملتقى بتنظيم رحلات للضيوف لزيارة معالم محافظة البريمى الرائعة، التى يقوم فيها الدكتور حمد بن أحمد البوسعيدى، محافظ البريمى، بعمل رائع تستحقه هذه المحافظة الرائعة، التى هى من أهم الوجهات السياحية بسلطنة عمان.

انتهت الرحلة الجميلة بسلطنة عمان، وكان يوم الاثنين هو يوم مغادرتى وصديق الرحلة طارق الجندى، وأخذنا الرحلة من البريمى إلى أبوظبى مُمَنِّيَيْن نفسينا بزيارة متحف اللوفر، الذى اكتشفنا أنه يغلق أبوابه يوم الاثنين. ولذلك ذهبنا لتناول الغداء فى أحد مطاعم الأسماك، واخترنا مطعمًا يسمى «جندوفلى»، وفوجئنا بأن جميع العاملين به من مصر!، وقمت بأخذ الصور التذكارية معهم، وأحضروا لنا أشهى وجبة أسماك. نحتاج كبلاد عربية لمزيد من التعاون والتحالف والتآخى الحقيقى فيما بيننا، فلن يخدم بلادنا غرباء أو أجانب مثلما يمكننا أن نفعل!. العالم يتغير، ونحتاج أن نجتمع ونقوى بإمكاناتنا المهولة، قبل أن يجتمع الآخرون علينا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل السياحة في سلطنة عمان مستقبل السياحة في سلطنة عمان



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib