عمر الشريف
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عددًا من القرى والبلدات في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة برج كونتي التاريخي في العاصمة الإيطالية روما يتعرض لإنهيار جزئي ما أسفر عن إصابة عمال كانوا يعملون على ترميمه وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 26 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات فوق الأراضي الروسية مقتل سبعة متسلقين وفقدان أربعة في إنهيار جليدي غرب نيبال رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان أكثر من 3.2 مليون مسافر أميركي يتأثرون بتعطّل الرحلات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وسط تداعيات الإغلاق الحكومي منظمة الصحة العالمية تنشر فرق إنقاذ بعد وقوع بلغت قوته 6.3 درجة شمالي أفغانستان مقتل 7 بينهم أطفال وإصابة 5 آخرين جراء استهداف مسيرة لقوات الدعم السريع مستشفى كرنوي للأطفال الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل محمد علي حديد القيادي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله الهند تطلق أثقل قمر اصطناعي للاتصالات بنجاح إلى مداره الفضائي
أخر الأخبار

عمر الشريف

المغرب اليوم -

عمر الشريف

زاهي حواس
بقلم : زاهي حواس

 

سيظل يوم الجمعة العاشر من شهر يوليو عام ٢٠١٥ عالقًا بذاكرتى، ففى صباح ذلك اليوم جاءتنى مكالمة طارق عمر الشريف ليخبرنى بأن أباه عمر الشريف قد مات!، وحدّثنى «طارق» وقتها عن رغبته في عدم إعلان موعد الجنازة حتى لا يحدث ما حدث في جنازة أمه، سيدة الشاشة العربية، فاتن حمامة، من تكالب الناس والمصورين على النعش، ما أدى إلى سقوطه!، ولذلك اتفقنا على أن تكون صلاة الجنازة في مسجد المشير طنطاوى، وأن يُدفن عمر الشريف بجوار حفيدته في مدافن فهمى باشا، وهى مدافن عائلة زوجة «طارق» السابقة، السيدة شهيرة فهمى، وذلك حسبما أوصى به عمر الشريف.أما عن سبب كتابة ذلك المقال فهو الاتصال التليفونى الذي تلقيته من صديقى، مارك مورانو، الشهر الماضى، وكان لا يزال يشغل منصب القنصل الأمريكى في مصر، وذلك قبل انتهاء خدمته في مصر ونقله إلى العمل بالسفارة الأمريكية ببيروت. وخلال تلك المكالمة أسَرَّ إلىَّ «مارك» برغبته قبل رحيله عن مصر في زيارة قبر عمر الشريف في ذكرى وفاته. وأخبرت «مارك» أننى خارج مصر، وعند عودتى سنقوم معًا بزيارة قبر عمر الشريف، واتفقنا على اللقاء يوم ١٤ يوليو الماضى.

وفى اليوم المحدد تقابلنا وكان معنا صديق أمريكى آخر يدعى «جيف». وكان أول شىء قمت به هو بالطبع الاتصال بالسيدة شهيرة فهمى لكى تساعدنى في ترتيبات الزيارة وفتح المدفن. وبالفعل أعطتنى تليفون الشخص الذي يعرف المكان جيدًا، ومن خلاله حصلت على تليفون التربى المسؤول عن المدفن. وبالفعل وصلنا إلى المدفن ودخلنا نحن الثلاثة. وقبل أن أقص عليكم ما حدث وما شاهدناه، لا بد من أن أُسِرَّ لكم بالحقيقة، وهى أننى من الناس التي تخاف الدخول إلى المدافن الحديثة، فيوم وفاة أبى رفضت الدخول إلى القبر، وأنا أكبر الأبناء، وفضلت الوقوف بعيدًا عن مدخل القبر. وكان المرحوم أنيس منصور يتندّر على ذلك، خاصة وأنا مَن قام بالكشف عن آلاف المومياوات.

لم يعرف بموعد جنازة عمر الشريف سوى عدد محدود، منهم وزير الثقافة في ذلك الوقت، وبعض الأصدقاء المقربين والفنانين، ومنهم الفنان خالد النبوى. وأذكر في ذلك اليوم موقفًا غريبًا من أحد الصحفيين، الذي بادرنى بالسؤال عن ديانة عمر الشريف، وهل هو يهودى؟!. لم أتمالك أعصابى وأَسْمعته ما لا يحب أحد أن يسمعه، ليس لأن الديانة اليهودية عيب أو جريمة!، ولكن لأن هذا إنسان عاش حياته مسلمًا، وتزوج من مسلمة، ومات ويصلَّى عليه في المسجد، وقد أوصى بأن يُدفن بجوار حفيدته بمقابر المسلمين!، فلماذا السؤال، وما الداعى إلى الشائعات؟!.

عند دخولى أنا و«مارك» و«جيف» إلى المدفن وجدناه يعانى من المياه الجوفية، وقد أخبرنى التربى أنهم قاموا بنقل جثمانى «عمر» وحفيدته إلى مقبرة مجاورة داخل المدفن لكيلا تصلهما المياه الجوفية. ومكثنا داخل المدفن لمدة نصف الساعة، وقد قرأت الفاتحة وترحّمت على صديقى عمر الشريف، وكانت لقاءاتنا وأحاديثنا معًا تمر أمام عينى كشريط السينما، وقد أفَقْت على صوت «مارك» يسألنى بتعجب: «زاهى»، كيف يكون هذا هو قبر عمر الشريف، ولا توجد لوحة جنائزية باسمه على المقبرة التي هو مدفون بها؟!، وتنبهت بالفعل إلى أنه لا توجد لوحة تشير إلى موضع دفن «عمر». ولذلك عاودت الاتصال بـ«طارق» مرة أخرى، وسألته عن السبب فقال لى إن المدافن كما تعلم تخص عائلة فهمى باشا، وإن سيف فهمى هو المسؤول عن ذلك الموضوع. وبالفعل تحدثت مع «سيف»، وهو صديق لى، وقد أوضح لى أن المدفن يعانى من المياه الجوفية، ولذلك كان من الصعب عمل أي شىء قبل معالجة المشكلة، وبعدها سيتم وضع اللوحة الخاصة بعمر الشريف، والجاهزة بالفعل منذ وقت طويل.

كان عمر الشريف من أَحَبّ الناس إلى قلبى، إنسانًا بكل المعانى، وأتذكر ذات مرة قبل أن يُصاب بالمرض اللعين أنه وقف أمامى وهو يضحك ويقول لى: انظر لقد تخطى عمرى ٨٣ سنة، ولم يظهر لى كرش، ومازلت أبدو في حيوية شاب في العشرين من عمره. لقد كان المولى عز وجل رحيمًا بـ«عمر»، الذي عانى فقط لمدة عام واحد من مرض الزهايمر، الذي كان يتطور معه بسرعة مخيفة، وكانت المرة الأولى التي أعلم بها بمرضه عن طريق الممثلة العالمية، جاكلين بيست، التي كانت تُكرم معه في أحد المهرجانات بموسكو، واتصلت بى لتخبرنى أن عمر الشريف ليس بخير، وأن تصرفاته ليست طبيعية، بعدها اكتشفنا أنه أُصيب بالزهايمر، وجاء إلى مصر ليعيش بأحد الفنادق، وكنت أصحبه يوميًّا للعشاء والخروج معه، وفى أحد الأيام نظر إلىَّ، وقال إن هناك صديقًا عزيزًا على قلبه يعيش في مصر ويود أن يقابله. وعندما سألته عن اسم ذلك الشخص، نظر إلىَّ وقال إنه لا يتذكر، لكنه يذكر أن صديقه هذا يعمل في التراب والحجارة؟، فقلت له: هل اسمه زاهى حواس؟، فرد علىَّ: نعم!، زاهى حواس.

ظللت الشخص الوحيد الذي يألفه عمر الشريف ويطمئن للخروج معه. وقد حدث خلال الشهور الأخيرة في حياته أن سافرت لمدة أسبوع إلى الفلبين، ووجدت «عمر» يتصل بى ليقول إنه يشعر بالوحدة، وبعدها علمت أن العاملين بالفندق هم مَن قاموا بالاتصال بى لأنهم وجدوه يكرر اسمى مرارًا وتكرارًا.

وأتذكر أنه عند وفاة الفنانة فاتن حمامة نشرت الصحف أخبارًا لا أعلم من أين أتوا بها مفادها أن عمر الشريف حزن كثيرًا على رحيلها والعديد من القصص التي لم تحدث أصلًا!، فلقد أخبرت «عمر» بوفاة فاتن حمامة، فسألنى: مَن تكون؟، فقلت له: فاتن أم طارق، فرد علىَّ: طارق أخى؟!. كانت إقامة «عمر» بالفندق سببًا في العديد من المشاكل مع العاملين هناك بسبب ظروفه الصحية، ولذلك قام «طارق» بنقله إلى فندق آخر يديره إنسان غاية في الاحترام والرقى.

كان أول لقاء لى بـ«عمر» منذ سنوات بعيدة عندما تعاقدت معه شركة LBS لعمل فيلم على الهواء مباشرة من أهرامات الجيزة، وللأسف استطاع أحد المهاجرين المصريين الحصول على عقد يمنحه الحق الحصرى لعمل أي فيلم عن الأهرامات خلال شهر يوليو، وكذلك كان قد حصل على عقد من التليفزيون ليكون صاحب الحق الحصرى في البث المباشر!، وبالفعل رفضت الشركة المتعاقدة مع عمر الشريف التعامل مع هذا الشخص، الذي بدأ في نشر الأكاذيب عنها لابتزازها، وقد روج شائعات مفادها أن الشركة قامت بعمل أفلام عن القمامة في مصر!، وتلك كانت شركة CBS، ولكن للأسف لم يفرق أحد ما بين الشركتين. وخرجت الشركة من مصر، وقامت بعمل الفيلم وإذاaعته من قلعة اللورد كارنارفون، ممول مقبرة توت عنخ آمون، من إنجلترا وليس من مصر. واستطاع الراحل العظيم، وزير السياحة المصرى في ذلك الوقت، فؤاد سلطان، إقناع التليفزيون المصرى وهيئة الآثار بالجريمة التي قام بها هذا المهاجر المصرى. لم أستطع السفر في ذلك الوقت إلى قلعة اللورد كارنارفون لوجود آثار مسروقة بها، ولكن جمعتنى لقاءات عديدة بعمر الشريف خلال تسجيل هذا العمل، ومنها مشهد يدور داخل حجرة الدفن الخاصة بالملك خوفو، وكان «عمر» يقف وبيده نسخة مقلدة من تمثال الملك خوفو الصغير يسألنى إذا كنت أؤمن بتناسخ الأرواح، فمَن من الفراعنة كنت أنا بالماضى؟، وبالطبع قلت له: الملك خوفو.

بعد ذلك انقطعت صلتى بـ«عمر» لفترة حتى قررت الناشيونال جيوجرافيك عمل فيلم Max-I بالتقنية ثلاثية الأبعاد عن مصر، وكانوا يرغبون في قيامى بعمل السيناريو، وجاءت المنتجة ليزا تراوت لمقابلتى في لوس أنجلوس عندما كنت أقوم بتدريس الآثار هناك. وخلال المقابلة طلبت منها أن يقوم عمر الشريف بدور الجد الراوى بالفيلم، حيث كانت الأحداث تدور حول حفيدة تعيش بلندن، وجدّها يأخذها في جولة لزيارة آثار مصر من أسوان إلى القاهرة.

اتفقت «ليزا» بالفعل مع عمر الشريف، الذي وافق وحضرا إلى مصر، وكان هناك موعد على العشاء الساعة الثامنة مساء أحد الأيام، وحضر كل من «ليزا» و«عمر» قبل الموعد بربع الساعة، وقال لها: إن المصريين من عادتهم أن يأتوا متأخرين، وإنه يشك في أننى سوف أحضر في الموعد المحدد، بعدها بدقائق كنت قد وصلت، وقبل الموعد بخمس دقائق، ومن تلك اللحظة توطدت علاقتنا وأصبحنا أصدقاء. وخلال العشاء قال «عمر» إنه سوف يعمل بالفيلم دون أجر لعشقه لمصر. وقد فوجئت بأن ليزا تراوت ترفض عرض عمر الشريف، وتصر على أن يتقاضى أجرًا ويوقع على عقد. وعندما سألتها بعد ذلك عن السبب قالت إن «عمر» إذا لم يتقاضَ أجرًا فبالتالى له الحق في أن يأتى للتصوير أو لا يأتى حسب مزاجه الشخصى، وبالتالى يتسبب ذلك في خسارة كبيرة قد تتعدى قيمة ما يتقاضاه، والعكس إذا ما تقاضى أجرًا فهو سيلتزم بالمواعيد وبما يُطلب منه. تم تصوير الفيلم، الذي أصبح أهم فيلم في العالم، وتخطى عدد مَن شاهدوا الفيلم عدد مَن شاهدوا حرب النجوم.

كشف مرض عمر الشريف عن معادن مَن كانوا حوله، وكثير منهم كان يجرى خلفه، وهؤلاء لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء السؤال عنه في مرضه. وكان هناك فنانون لازموه ودعموه في محنة المرض، ومنهم يحيى الفخرانى ويسرا ولبلبة وساندرا نشأت.

سافرت و«عمر» كثيرًا إلى أمريكا وجمهورية الدومينيكان وغيرهما، وعشنا أيامًا جميلة مليئة بالأحداث المثيرة. كان ابنه «طارق» هو السند والمعين لـ«عمر» في أواخر أيامه.. وعندما اشتد بـ«عمر» المرض لم يكن أمام «طارق» سوى إدخاله إلى أحد المستشفيات، وكانت أيامًا شديدة الصعوبة والألم على النفس، وفى آخر زيارة لى لـ«عمر» أخبرنى الطبيب أنه لم يأكل أو يشرب منذ أيام، ويرفض المساعدة، عندها علمت أن كلمة النهاية لحياة فنان عظيم قد اقتربت، وتحدثت إلى «طارق» بأن يستعد لذلك اليوم، وبعدها بأيام فارقنا عمر الشريف، بعد أن غمرنا بكاريزمته وابتسامته الساحرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمر الشريف عمر الشريف



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 09:26 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

"الجاكيت القطني" الخيار الأمثل لربيع وصيف 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib