جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي
وزارة الخارجية الأميركية تدين "الفظائع" في الفاشر وتحذر من خطر يهدد آلاف المدنيين جيش الإحتلال الإسرائيلي يعلن عن عمليات لتطهير رفح وتدمير بنى حركة حماس التحتية قلق في تل أبيب من إنتقال عدوى مرضى الحصبة إلى الأطباء مع تفشي المرض في مناطق عديدة في إسرائيل سلطات الطيران النيبالية تعلن سلامة ركاب طائرة إثر هبوطها إضطرارياً في مطار جاوتام بوذا الدولي غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد فشل تسليم جثث الرهائن وتل أبيب تؤكد أن الجثامين لا تعود للمحتجزين الجيش الأوكراني يعلن تنفيذه عملية معقدة لطرد جنود روس تسللوا إلى مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك بشرق البلاد خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين قوات الاحتلال تواصل القمع وتقتل فلسطينيين وتصيب آخرين بالضفة وغزة ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 68858 شهيداً بينهم أطفال ونساء مصرع ثلاثة عشر شخصا في انهيار أرضي غرب كينيا بسبب الأمطار الغزيرة
أخر الأخبار

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

المغرب اليوم -

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

يخشى السوريون من أن تضيِّع السجالات السياسية إنجاز إسقاط نظام الأسدين، بعد 54 عاماً من الحكم. يهرب معظمهم من الاستحقاقات السياسية الصعبة نحو التركيز على أولوية إعمار البلاد المهدمة نتيجة 14 عاماً من حرب النظام المتواصلة على الشعب. وتبدو الأولوية بالنسبة للكثيرين واضحة: إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، وضمان سبل العيش للملايين، والسماح لملايين النازحين بالعودة.

بيد أن الانكباب على إعادة الإعمار المادي وحده لن يبني دولة مستقرة، من دون الانخراط الصادق والعميق في ورشة الإصلاح السياسي التي تضمن إعادة تكوين شاملة لهياكل السلطة، وتثبيت قواعد متينة للحكم تعكس التنوع المجتمعي السوري. فآخر ما يحتاجه السوريون اليوم هو التأسيس لعودة الصراع الأهلي، أو إبقاء عدم الاستقرار شبحاً حاضراً، وإن مخفياً خلف ورش تشييد المباني أو تعبيد الطرق.

تحضر في هذا السياق دروس ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث أُسِّس لأنظمة حكم معتدلة وحديثة، عبر المزج بين إعادة الإعمار وقيادة التحول السياسي الشامل، والتي أفضت إلى سلام دائم وازدهار مستمر. ولعل الأمثلة المعاصرة والأكثر ملاءمة لجوانب محددة من الأزمة السورية، هي رواندا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية؛ حيث أضيفت أولوية المصالحة إلى الإصلاحات السياسية، وبناء المؤسسات، وجهود التعافي الاقتصادي.

خروج سوريا من جحيم الإبادة الأسدية يشبه مسار رواندا التي حطمتها الإبادة الجماعية عام 1994، والتي ما قامت لها قائمة إلا لأنها أعطت الأولوية لبناء تقنيات وآليات فعالة تتيح مصالحة مجتمعية حقيقية وعميقة ومستدامة، مثل محاكم «الغاكاكا» التي أعادت بناء النسيج الاجتماعي الرواندي، وخدمت تحقيق العدالة الانتقالية في الوقت نفسه.

فعبر الاعتراف بالجرائم والمصارحة بين الضحايا والجناة، ساهمت محاكم «الغاكاكا» التقليدية في رواندا في إعادة بناء الثقة والنسيج المجتمعي في البلاد، عبر العفو المشروط، وإعادة دمج الجناة الصغار، وتعزيز الحوار المجتمعي المفتوح. أما الشق الثاني الذي بدأه السوريون بالفعل نتيجة وفرة تطبيقات التواصل الاجتماعي، وكفاءة السوريين في استخدامها، فهو التركيز على توثيق جرائم النظام السابق، وبناء ذاكرة جماعية لمعاناة سورية مشتركة، ستشكل -كما في «الوصفة الرواندية»- أساساً متيناً لعدالة ذكية تعالج جذور الصراع وتمنع تكراره.

تواجه سوريا -بتنوعها الطائفي والعرقي- تحديات مشابهة، لا يمكن لها إلا أن تزداد حدة في ظل حكومة عقائدية إسلامية. صحيح أن خطاب أحمد الشرع شكَّل مفاجأة سياسية كبيرة، بالنظر إلى تاريخ «جبهة النصرة» التي قادها بصفته السابقة: «أبو محمد الجولاني»، إلا أنه كلما عجَّل في التخفف من نموذج حكم يقوم على هوية آيديولوجية واحدة، بدد الانقسامات التي مزقت البلاد، وضمن توسعة التمثيل السياسي المانع للإقصاء والإحباط. إن مثل هذه الهواجس والتوترات الكامنة ليس بوسع جهود إعادة الإعمار وحدها تجاوزها.

الجانب الآخر المفاجئ، هو إدراك الإدارة السورية الجديدة لحاجتها إلى دور المجتمع الدولي، القريب والبعيد، كشريك في المرحلة الانتقالية؛ لكن هذه الشراكة لا يمكن لها أن تقتصر على علاقةٍ عنوانها الدعم الاقتصادي، أو الدعم السياسي، لقرار رفع العقوبات، من دون ضمان بناء قدرات حكم محلي تحول دون تجدد أسباب الاقتتال الأهلي وانهيار الاستقرار.

فالانتقالات السريعة في العراق وأفغانستان، واستعجال استثمار الشرعيات الثورية، وتهميش الإصلاحات السياسية والمؤسسية، والبناء فقط على تحقيق الأهداف العسكرية وإنجاز إسقاط النظام القائم، تقدم دروساً قاسية حول ما لا يجب فعله.

فتفكيك مؤسسات النظام من دون بدائل واضحة ومناسبة -كما حدث في العراق- أو الاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية من دون تعزيز الشرعية والكفاءة المحلية -كما في أفغانستان- أدى إلى زعزعة الاستقرار بشكل أكبر في البلدين، وتعطيل نهوضهما إلى الآن.

سوريا لا يمكنها تحمل تكرار هذه الأخطاء. ما يعوز سوريا الآن هو وضع معايير واضحة لإعادة تكوين السلطة، لإنتاج مؤسسات يقودها سوريون يتمتعون بأوسع صفة تمثيلية ممكنة، وفي فترة أقل بكثير مما تقترحه الإدارة الجديدة لكتابة الدستور وإجراء الانتخابات.

من حق السوريين الذين قدموا في مجتمعات النزوح تجارب نجاح اقتصادي باهرة، أن ينعموا بالانتعاش الاقتصادي في بلدهم، بعد الخلاص من نظام الأسدين. لكن باب الاستدامة في هذا المجال، والذي يعد جزءاً حاسماً من معادلة استعادة سوريا، يظل مرتبطاً بطبيعته بالاستقرار السياسي، والقدرة على جذب المستثمرين والداعمين السوريين والأجانب. صحيح أن الإصلاح السياسي مشروع طويل الأمد، وأن الأولويات الفورية تتمحور حول توفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، بيد أن الإصلاح السياسي وإعادة الإعمار المادي ليسا متناقضين، إلا لمن يريد أن يجعل من تناقضهما الوهمي باباً لتعطيل الإصلاحات السياسية وتأجيل الانتخابات إلى لحظة أكثر ملاءمة، أو بناء حكومة احتكارية حزبية وفق قاعدة غالب ومغلوب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي



GMT 22:12 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عارك وحدك

GMT 22:05 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تجعلوا من النكره نجمًا

GMT 22:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن أنور السادات

GMT 21:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق التاريخ... مُنتعشة!

GMT 21:56 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الخليج... والنمو الاقتصادي المطلوب

GMT 21:53 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة عقود على إعلان «نوسترا أيتاتي»

GMT 21:51 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

استراحة فاروق جويدة!

GMT 21:48 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

من نحن.. فراعنة أم عرب أم ماذا؟!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 12:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب
المغرب اليوم - دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب

GMT 02:12 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أضرار ممارسة الضغط على الأبناء في الدراسة

GMT 20:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تؤكد أن 4 أنماط فقط للشخصيات في العالم

GMT 04:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

التكنولوجيا الحديثة تجلب ضررًا كبيرًا في المدارس

GMT 16:13 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستدعي سفراء الدول العظمى بسبب قرار دونالد ترامب

GMT 00:17 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ماذا عن الحمل بعد الأربعين؟

GMT 23:59 2022 الخميس ,10 شباط / فبراير

7 مباريات قوية وحاسمة للوداد في شهر

GMT 12:44 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيا تطرح نسخا شبابية قوية وسريعة من سيارة Ceed الاقتصادية

GMT 02:07 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

فساتين خطوبة باللون الأحمر لعروس 2020

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib