محمد حسنين هيكل نهاية أسطورة
وزارة الخارجية الأميركية تدين "الفظائع" في الفاشر وتحذر من خطر يهدد آلاف المدنيين جيش الإحتلال الإسرائيلي يعلن عن عمليات لتطهير رفح وتدمير بنى حركة حماس التحتية قلق في تل أبيب من إنتقال عدوى مرضى الحصبة إلى الأطباء مع تفشي المرض في مناطق عديدة في إسرائيل سلطات الطيران النيبالية تعلن سلامة ركاب طائرة إثر هبوطها إضطرارياً في مطار جاوتام بوذا الدولي غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد فشل تسليم جثث الرهائن وتل أبيب تؤكد أن الجثامين لا تعود للمحتجزين الجيش الأوكراني يعلن تنفيذه عملية معقدة لطرد جنود روس تسللوا إلى مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك بشرق البلاد خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين قوات الاحتلال تواصل القمع وتقتل فلسطينيين وتصيب آخرين بالضفة وغزة ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 68858 شهيداً بينهم أطفال ونساء مصرع ثلاثة عشر شخصا في انهيار أرضي غرب كينيا بسبب الأمطار الغزيرة
أخر الأخبار

محمد حسنين هيكل... نهاية أسطورة

المغرب اليوم -

محمد حسنين هيكل نهاية أسطورة

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

أعاد تسجيل صوتي للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، نُشر مؤخراً بواسطة ابنه، فتح النقاش حول شخصية الرجل وإرثه السياسي، متجاوزاً الصورة المثالية التي رسمها محمد حسنين هيكل على مدار عقود.

التسجيل الذي يعود لعام 1970 ويكشف بوضوح نقد عبد الناصر الشديد لقادة عرب وفصائل فلسطينية، سيشكلون لاحقاً «جبهة الرفض العربي»، كانوا يضغطون عليه للمضي في الحرب مع إسرائيل بدلاً من اعتماد الحلول السياسية، لا سيما بعد أن وافق على «مشروع روجرز»... أعاد طرح تساؤلات جادة عن الدور الذي لعبه هيكل في بناء أسطورة الزعيم القومي العربي وتعطيل الدروس المستفادة من تجاربه.

شكَّل هيكل، من خلال كتاباته ومقالاته وموقعه الإعلامي البارز، المرجعية الأساسية للرواية الرسمية والشعبية لحقبة عبد الناصر، مستثمراً إلى أبعد الحدود قربه الشخصي من الزعيم المصري، وشح مصادر المعلومات ووسائل الإعلام. عبد الناصر، الذي بنى هيكل صورته، هو بطل قومي لا يُقهر، رجل يتمتع بالرؤية والشجاعة والحكمة في مواجهة الاستعمار وتحديات الداخل والخارج. والأهم أن هيكل، لا سيما في كتابه «سنوات الغليان»، برر أخطاء عبد الناصر بأنها نتيجة لمؤامرات أكبر منه يمتد أبطالها من داخل فريقه الشخصي إلى أقاصي غرف المخابرات في العالم. حتى هزيمة 1967، التي اجترح لها هيكل تخفيفاً مصطلح «النكسة»، ثم طوَّره لاحقاً كإطار سياسي وإعلامي لفهم الحدث، قدّمها هيكل للرأي العام العربي بوصفها حصيلة «التآمر» على المشروع القومي العربي، جاعلاً من عبد الناصر مجرد ضحيةٍ، وليس مسؤولاً مباشراً عن الهزيمة، يستوجب أداؤه وفهمه وتخطيطه إعادةَ فحصٍ جذرية.

النكسة، كما طرحها هيكل، ليست نهاية المطاف، بل لحظة هي اختبار، وحافز لمواصلة النضال والمقاومة وفق شعار «ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة»، الذي أوصلنا إلى 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023!

غفر هيكل لناصر ما لم يغفره لمن بعده، لا سيما انتهاجه خيارات التسوية السياسية بعد الهزيمة. جعل من تفاوضه مع إسرائيل دليلاً جديداً على استثنائية زعامته نتيجة رفضه أي مفاوضات سرِّية، (اسم كتاب آخر لهيكل ينتقد فيه مسار التسوية)، وإصراره على أن يكون أي تواصل أو تفاوض علنياً وواضحاً، جاعلاً من شكل التفاوض أهم من مبدأ التفاوض نفسه! ونظَّر هيكل لفكرة أن عبد الناصر تعامل مع المبادرات الدولية، مثل «مبادرة روجرز» عام 1970، بمنطق براغماتي، وكخطوة تكتيكية مؤقتة اقتضتها ضرورات الواقع، من أجل إعادة بناء الجيش والتقاط الأنفاس، وهو عكس المنطق الذي ظهر في التسجيلات الحديثة، حيث تبدو استنتاجات عبد الناصر أكثر جذرية بخصوص الحرب والسلام والمصالح العليا وميزان القوى الدولي وموقع إسرائيل الثابت فيه.

سمعنا مراجعة بصوت عبد الناصر نفسه، تلغي آلاف الصفحات التي كتبها هيكل، وآلاف الساعات الإذاعية والتلفزيونية التي ملأ الدنيا بها، وصنع من خلالها وعياً مشوهاً للتاريخ العربي ولواحدة من أبرز محطاته التي لا تكف عن التأثير فينا.

لم تقترب أكثر صور عبد الناصر واقعية، والتي ظهرت في كتاب هيكل «الانفجار الكبير»، من أي شيء قاله عبد الناصر في التسجيلات المنشورة حديثاً، إذ ظل الزعيم العربي في نظر هيكل صاحب أخطاء تجلبها «نيّاته» الحسنة ونزاهة مقاصده على الرغم من النتائج الفادحة لخياراته.

عطَّلت نصوص هيكل، وسطوته الإعلامية والسياسية، وشراسة نقده للرئيس الراحل أنور السادات، استخلاص الدروس المستفادة من الهزيمة والأخطاء الاستراتيجية المؤدية إليها ونتائج الاعتماد المفرط على الاتحاد السوفياتي. كما رفد نص هيكل المناخات التي نتجت عن تفكك الناصرية بوصفها آيديولوجيا جامعة، وتمهيد ذلك لظهور أنظمة عربية جديدة، من رحم الناصرية، لكنها تبنت لاحقاً مواقف أكثر راديكالية أو عسكرية أو براغماتية سلطوية، مثل أحمد حسن البكر وصدام حسين في العراق عام 1968، ومعمر القذافي في ليبيا عام 1969، وجعفر النميري في السودان عام 1969، وحافظ الأسد في سوريا عام 1970.

والحال أن انتشار التسجيلات الأخيرة لجمال عبد الناصر عبر منصات التواصل الاجتماعي يتيح أن يشكل هذا الحدث المعلوماتي نقطة تحول ثقافية وسياسية في التعاطي مع التاريخ العربي المعاصر. فهذه التسجيلات، إذ تنتقل من هوامش النخب إلى مركز الاهتمام العام، تكسر احتكاراً طويل الأمد مارسه محمد حسنين هيكل على الرواية التاريخية والسياسية لحقبة عبد الناصر. فما بين أيدينا ليس مجرد تداولٍ عابرٍ لوثائق صوتية، بل هو انعكاس لتحولات ثقافية عميقة في بنية المعرفة والوعي التاريخي، في ضوء الأحداث الدموية التي نعيشها، لا سيما في غزة ولبنان وسوريا.

من حسن حظنا أن تأتي الرواية المضادة لهيكل بخصوص إرث عبد الناصر من عبد الناصر نفسه، وهو ما يعطي سرديات موازية سابقة الكثير من الراهنية الآن، ويحفز على إعادة إنتاجها.

تحضرني في هذا السياق رواية نجيب محفوظ «ثرثرة فوق النيل»، (1966)، التي تحولت إلى فيلم سينمائي بالعنوان نفسه من إخراج حسين كمال عام 1971. فبينما كان هيكل منشغلاً ببناء صورة الزعيم المثالية، يستشرف محفوظ ببصيرة أدبية دقيقة واقعاً من الاغتراب والسطحية، ومن انهيار الشعارات تحت وطأة الخواء الداخلي للمجتمع. صدرت الرواية قبل عام واحد فقط من هزيمة 1967، وكانت بمثابة نبوءة مريرة، لم تفضح فقط حدود نص هيكل الأسطوري، بل كشفت أيضاً عن عمق الهوَّة بين ما أرادت السلطة أن ترويه للجماهير، وما كان الواقع ينطق به في صمت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد حسنين هيكل نهاية أسطورة محمد حسنين هيكل نهاية أسطورة



GMT 22:12 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عارك وحدك

GMT 22:05 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تجعلوا من النكره نجمًا

GMT 22:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن أنور السادات

GMT 21:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق التاريخ... مُنتعشة!

GMT 21:56 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الخليج... والنمو الاقتصادي المطلوب

GMT 21:53 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة عقود على إعلان «نوسترا أيتاتي»

GMT 21:51 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

استراحة فاروق جويدة!

GMT 21:48 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

من نحن.. فراعنة أم عرب أم ماذا؟!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 12:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب
المغرب اليوم - دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب

GMT 02:12 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أضرار ممارسة الضغط على الأبناء في الدراسة

GMT 20:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تؤكد أن 4 أنماط فقط للشخصيات في العالم

GMT 04:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

التكنولوجيا الحديثة تجلب ضررًا كبيرًا في المدارس

GMT 16:13 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستدعي سفراء الدول العظمى بسبب قرار دونالد ترامب

GMT 00:17 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ماذا عن الحمل بعد الأربعين؟

GMT 23:59 2022 الخميس ,10 شباط / فبراير

7 مباريات قوية وحاسمة للوداد في شهر

GMT 12:44 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيا تطرح نسخا شبابية قوية وسريعة من سيارة Ceed الاقتصادية

GMT 02:07 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

فساتين خطوبة باللون الأحمر لعروس 2020

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib