علاقة الشباب العربى بالدين ما الذى تغير

علاقة الشباب العربى بالدين.. ما الذى تغير؟

المغرب اليوم -

علاقة الشباب العربى بالدين ما الذى تغير

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

ما هو العامل الأساسى الذى يجعل علاقة الشباب بالدين فى المنطقة العربية يزيد أو يقل.. هل هى الديمقراطية والحريات العامة، أم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، أم الاثنان معا، إضافة لعوامل أخرى؟!
السؤال الثانى: هل صار الشباب العربى أكثر أم أقل تدينا؟!
السؤالان السابقان كانا محور استطلاع مهما أجراه مؤخرا «البارومتر العربى» لصالح شبكة «بى. بى. سى»، شارك فيه ٢٣ ألف شخص تم اختيارهم عشوائيا، ليمثلوا مختلف الأطياف فى كل من تونس وليبيا والمغرب والسودان والأردن وفلسطين ومصر. الاستطلاع جرى عام ٢٠١٨ ثم تكرر فى نفس البلدان هذا العام مع نفس المبحوثين.. وكانت النتائج مفاجئة للكثيرين، وهى نتائج ينبغى أن تخضع لنقاش وتحليل وتفسير من كل الخبراء، خصوصا أن الاستطلاع فى المرتين شمل نفس المبحوثين ونفس الأسئلة لكن الإجابات والنتائج كانت مختلفة.
النتيجة الأساسية فى الاستطلاعين هى أن الشباب دون سن الثلاثين تراجع إقبالهم على الدين وممارسة شعائره عام ٢٠١٨، لكن العكس تماما حدث فى الاستطلاع الذى جرى هذا العام.
فى استطلاع ٢٠١٨، تبين أن ثلث التونسيين وربع الليبيين وصفوا أنفسهم بغير المتدينين، كما تضاعف عدد غير المتدينين فى مصر، وتضاعف حجمهم أربع مرات فى المغرب. الزيادة الكبرى فى النسبة كانت بين الأقل من ٣٠ سنة بنسبة ١٨٪.
فى الاستطلاع الأخير الذى جرى مؤخرا فإن عدد من وصفوا أنفسهم بغير المتدينين قد انخفض مقارنة بعام ٢٠١٨ بنسبة ٧٪ فى المغرب و٦٪ فى مصر و٤٪ فى كل من تونس وفلسطين والأردن والسودان. فى حين أن ثلثى الشباب الذين شاركوا فى استطلاع ٢٠٢٢ فى تونس وصفوا أنفسهم بالمتدينين، رغم أن نصف عدد المبحوثين قالوا العكس فى استطلاع ٢٠١٨.
أسئلة الاستطلاع دارت حول ممارسة الشعائر الدينية ومنها أداء الصلوات وقراءة القرآن بانتظام، وكذلك رأيهم فى تأثير رجال الدين على القرارات الحكومية، ومن أين يجب أن تستمد القوانين، ورأيهم فى تعليم الدين فى المدارس.
خبراء علم الاجتماع والسياسة الذين تحدثوا للـ «بى. بى. سى»، قالوا إن التدين الذى كان موجودا فى تونس عام ٢٠١٠ وحتى ٢٠١٨ هو التدين السلفى المتشدد، وبالتالى فإن كثيرين حاولوا أن ينفوا عن أنفسهم صفة التدين لأنه قد يصنفهم على تيار معين، لكن التغير الذى حدث الآن هو أن المتشددين ابتعدوا عن صدارة المشهد، وهو ما شجع الشباب على ممارسة التدين بانفتاح وحرية، والسبب الثانى هو جائحة كورونا والوفيات الناتجة عنها التى جعلت البعض يتساءل عن الوجود والموت وبالتالى التشبث أكثر بالدين.
الباحث المصرى المتميز نبيل عبدالفتاح قال إن السبب فى هذا التحول هو تفاقم الأزمات الاقتصادية وتدهور مستوى التعليم، وأن الشباب آمنوا بعد ثورات الربيع العربى بإمكانية تحقيق أحلامهم بسواعدهم عبر وسائل ديمقراطية، لكن بعد أن فقدوا الأمل فى الحراك الاجتماعى لأعلى، فلم يعد أمامهم سوى التمسك بالدين والغيبيات لعلها تحقق لهم المعجزة، إذا لا أمل فى الخلاص إلا بمعجزة.
التفسير فى تونس هو العامل الاقتصادى والديمقراطى وعدم الطمأنينة لما يمكن أن يحدث فى الحاضر والمستقبل وبالتالى التشبث بالدين. فى تونس أيضا فإن نسبة من الشباب تحولوا من الإسلام لديانات أخرى حسب محمد جويلى أستاذ علم الاجتماع فى جامعة تونس.
لكن لا يمكن إغفال تأثيرات الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعيشها تونس فى الفترة الأخيرة.
البلد الوحيد الذى يمثل استثناء من العودة للارتباط بالدين هو لبنان فثلاثة من كل عشرة من المبحوثين يصفون أنفسهم بغير المتدينين بزيادة قدرها ١٣٪ عن عام ٢٠١٨.
لكن المفارقة وخلافا للحالة المصرية والتونسية فإن الأزمة الاقتصادية فى لبنان، كانت بحسب الاستطلاع سببا فى زيادة عدد غير المتدينين وأحد أسباب ذلك هو النظام الطائفى.
ما سبق هو البيانات الخام للاستطلاع الذى تم إجراؤه لصالح «بى. بى. سى» ونتمنى أن تكون هناك دراسات ونقاشات وتحليلات جادة لما جاء فى هذه الدراسة، وهل يمكن أن تكون لنا دراسات واستطلاعات عربية خاصة بنا وكيف نحرم المتطرفين والمتشددين من استخدام هذه الدراسات للعودة مرة أخرى إلى المشهد العام. خصوصا أن غالبية المواطنين العرب أدركت بعد ثورات الربيع العربى أن التيارات المتشددة، استخدمت الثورات والهبات الجماهيرية والدين كمطية للوصول للسلطة وتشويه الدين والدنيا معا. والأهم كيف يمكن أن نستفيد من الجانب الإيجابى فى هذا التحول من أجل التمسك بالقيم الإيجابية خصوصا التسامح والتمسك بالأخلاق ومحاربة الظواهر الخطيرة التى باتت تعصف بالعالم فى مجالات الأخلاق والقيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علاقة الشباب العربى بالدين ما الذى تغير علاقة الشباب العربى بالدين ما الذى تغير



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 17:55 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي
المغرب اليوم - بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:46 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

القلق يسيطر علي إدارة اتحاد طنجة بسبب النتائج السلبية

GMT 09:54 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

ديكورات حدائق منزلية صغيرة خارجية مميزة

GMT 08:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تعرفي على كيفية صنع صبغات شعر طبيعية لتغيير لونه

GMT 07:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

"مرسيدس الفئة S" تمثل أفضل سيارة في العالم

GMT 09:53 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

AZZARO WANTED العطر المناسب للرجل الذي لا يعرف المستحيل

GMT 14:11 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أتلتيكو مدريد يلجأ إلى أسلوب ذكي ليحشد الجماهير في الملعب

GMT 07:50 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل المعاطف للشتاء بأسعار معقولة وألوان حيادية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib