فعل أحمق ورد فعل مُحق

فعل أحمق... ورد فعل مُحق

المغرب اليوم -

فعل أحمق ورد فعل مُحق

بقلم - بكر عويضة

معروف أن مقولة «لكل فعل رد فعل مساوٍ في القوة ومعاكس في الاتجاه»، انتشرت على نطاق عالمي منذ زمن بعيد. في القاموس العلمي، يرجع أصل العبارة إلى «قانون نيوتن الثالث»، أو «القانون الثالث للحركة»، كونها تشير إلى آخر قوانين الحركة التي اكتشفها إسحق نيوتن، العالم البريطاني الشهير، والتي تضمنها كتاب نُشر له منذ ما يفوق ثلاثة قرون وستة وثلاثين عاماً (5-7-1687)، وفيه وضع أسس «الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية». القياس على مضمون عبارة نيوتن اتخذ أشكالاً عدة، وطُبق في مجالات مختلفة. بعض الناس طفق يلجأ إليه حتى في فض إشكالات لها طابع شخصاني، إذ يُقال، عند الاضطرار إلى إسكات شخص، أو ردع آخر، إن الفعل الذي أقدم عليه كلٌّ منهما يبرر رد الفعل الذي لم يرق لكليهما. بيد أن المجال الأوسع في القياس على المقولة ذاتها، تبدى بشكل جلي ضمن الإطار السياسي أكثر من غيره.

انطلاقاً مما سبق، يجوز استحضار الحدث الذي جرى في السويد نهار عيد الأضحى الأخير، حيث أقدم متطرف ملحد، أعمى الحقد بصيرته، فألغى عقله، رغم ادعاء أنه عِلماني التفكير -مع ملاحظة أن العلمانيين غير المتعصبين لا يفعلون ما فعل- على فعلٍ تجاوز بارتكابه كل حدود احترام حق الآخرين في معتقدهم، من منطلق الزعم بممارسة حق حرية التعبير، فأشعل النار في إحدى نسخ القرآن الكريم، وبفعلته الحمقاء تلك أشعل نار غضب في قلوب مئات ملايين بسطاء المسلمين، وأوقد في نفوسهم حافز الانتقام لمكانة أقدس الكتب عندهم، بل يمكن القول إن الأدهى والأخطر، يتمثل في أن ذلك الفعل الأحمق أعاد للأذهان ما تسببت به أحداث مشابهة وثقتها سجلات التاريخ، إنما طواها النسيان، بفعل طبيعة الإنسان نفسه، المخلوق في كَبَد، كي يكابد متطلبات حياته اليومية، فينشغل بها عن الاهتمام بكل شيء عداها، إلا أنْ يَحدُث أمام ناظريه، وعلى مسمع منه، ما يُحدِث وقع زلزال يهز الواقع، ويعيد فتح مسام الذي نام من الذاكرة. حين يقع حدث بهذا الحجم، من الطبيعي أن تُقرع أجراسُ إنذار تنبه الناس أنهم يواجهون جحيم فتنة، قد تؤدي إلى أوخم العواقب.

الناس المعنيون، في إطار الحدث المُشار إليه، هم أهل القرار في السويد، المملكة التي لم يُعرف أن لها، دولةً وبشراً مجتمعاً وثقافةً، أي مشكل محدد مع الإسلام، ديناً وقرآناً وممارسة، بل إن التواصل التجاري بينها وبين دول العالم الإسلامي يرجع إلى القرن السابع الميلادي، فما الذي جد حتى تغدو ساحة لتصرف أخرق على هذا النحو؟ الجواب، باختصار، هو في الهجرة والمهاجرين. بالطبع المشكل ليس في الهجرة ذاتها، إذ يُسجل للسويد فتح أبوابها أمام مهاجرين أتوا من غير مجتمع مسلم، حتى فاق عددهم الثمانمائة ألف في عام 2017. إنما الإشكال هو في استغلال نفر قليل، كما مرتكب الفعل الأحمق، أجواء التسامح السويدية لارتكاب أفعال ترفضها أي نفس سوية التفكير، وأهل السويد ليسوا استثناء.

ضمن هذا السياق، كان طبيعياً أن تبادر العواصم والهيئات الإسلامية إلى تنبيه المسؤولين في استوكهولم لمدى خطورة سماح القضاء السويدي بممارسات مثل الذي حصل، بزعم أنها تندرج في إطار حرية تعبير، رغم وضوح أنها تعبر عن حقد ممنهج ضد الإسلام والمسلمين. التنبيه، كرد فعل مُحق على فعل أحمق، كان ضرورياً، إنما يبقى من الضروري أيضاً، أن تسعى الجهات المعنية في العالم الإسلامي إلى مزيد من الجهد التثقيفي بين جموع الجاليات الإسلامية في السويد وفي غيرها من المجتمعات الغربية، تصدياً لكل مناهج التطرف الوافدة إليها من العالم الإسلامي ذاته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فعل أحمق ورد فعل مُحق فعل أحمق ورد فعل مُحق



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib