مهمة سودانية مستحيلة
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عددًا من القرى والبلدات في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة برج كونتي التاريخي في العاصمة الإيطالية روما يتعرض لإنهيار جزئي ما أسفر عن إصابة عمال كانوا يعملون على ترميمه وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 26 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات فوق الأراضي الروسية مقتل سبعة متسلقين وفقدان أربعة في إنهيار جليدي غرب نيبال رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان أكثر من 3.2 مليون مسافر أميركي يتأثرون بتعطّل الرحلات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وسط تداعيات الإغلاق الحكومي منظمة الصحة العالمية تنشر فرق إنقاذ بعد وقوع بلغت قوته 6.3 درجة شمالي أفغانستان مقتل 7 بينهم أطفال وإصابة 5 آخرين جراء استهداف مسيرة لقوات الدعم السريع مستشفى كرنوي للأطفال الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل محمد علي حديد القيادي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله الهند تطلق أثقل قمر اصطناعي للاتصالات بنجاح إلى مداره الفضائي
أخر الأخبار

مهمة سودانية مستحيلة

المغرب اليوم -

مهمة سودانية مستحيلة

بكر عويضة
بكر عويضة

الذين شاهدوا آخر أفلام المسلسل الأميركي المعروف باسم «مهمة مستحيلة»، يتذكرون على الأرجح أن سيناريو «Mission: Impossible - Fallout»، الذي عرض عام 2018، شرح كيف انتهى الحال بفريق يعمل ضد عدو واحد مشترك إلى صراع داخل الفريق ذاته، نتيجة تناقض الرؤى، وتضارب المخططات، الأمر الذي أدى، بالتالي، إلى تعارض الوسائل، وتصادم الغايات. الواقع أن سيناريوهات الأفلام الأميركية الستة - حتى الآن - التي بدأ عرضها منذ العام 1996، تدور حول استحالة التوفيق، أحياناً، بين أناس تجمعهم أهداف موضع اتفاق بينهم، ويعتقد أعضاء كل جمع منهم أنها تشكل الطموحات ذاتها لدى غيره من الفرقاء، ما يعني أن الجميع ينبغي أن يجتهد لأجل تحقيقها، لأن فيها صمام أمان للمجتمع ككل، وللناس أجمعين. طبعاً، في كل فيلم أميركي، سوف ينتصر، دائماً، الطرف القوي، ويتحقق الهدف المأمول. كذلك أيضاً على أرض الواقع السياسي، يتكرر السيناريو ذاته، تقريباً، إنما الاختلاف هو حول من يقرر أنه صاحب القرار النهائي.

محاولات السودانيين التوفيق بين الساسة المدنيين والعسكريين تشبه، في جوانب منها، تلك المهمات المستحيلة. والحق أن الأمر ليس حكراً على السودان وحده. بيد أن للمجتمع السوداني خصوصيات تعدديته، التي تكاد تجعل منه مجتمعات لكل منها تمايزات تكويناتها الطبقية، وأدبياتها الثقافية، وتجلياتها الروحانية. ما سبق يعطي واقع السودان السياسي خصوصية تميزه عن أي مجتمع عربي آخر. يدرك هذا الأمر كل متابع للشأن السوداني، منذ كان يتبع دولة مصر، ثم بعدما أعلن إسماعيل الأزهري الاستقلال (1955)، وصولاً إلى انقلاب الفريق إبراهيم عبود (1958)، فثورة أكتوبر (تشرين الأول) 1964، ثم انقلاب العقيد جعفر نميري (1969)، فانقلاب الفريق عمر البشير (1989) المعزول عام 2019، وها هم السودانيون، بعد عامين وبضعة أشهر على إطاحة حكم البشير، يواجهون واقعهم الحالي. لم أشر إلى الفترات التي تولت فيها شخصيات مدنية الحكم، سواء إلى جانب رئيس عسكري، أو خلال سنوات انتقالية ما بين انقلاب وآخر. لماذا؟ لأن محصلة تلك الشراكات غالباً ما انتهت إلى ما هو جارٍ الآن. إنها المهمة المستحيلة، حقاً. مرة ثانية، ليس في السودان وحده، وإنما في كل التجارب المماثلة. أليس ثمة استثناءات؟ بلى. يمكن القول إن تعايش المدنيين مع العسكريين في الحكم كان ممكناً في مجتمعات عربية اتسمت بأمرين؛ أولهما وجود مؤسسات للدولة العميقة قائمة منذ مئات السنين، بعضها يعود إلى زمن الإمبراطورية العثمانية، قبل تفشي الفساد في كل مفاصلها، ثم مرضها، وصولاً إلى انهيارها. مصر وسوريا والعراق ثلاث دول تصلح مثالاً ضمن ذلك السياق. ثانيهما؛ إن التعايش كان ممكناً بين حكم الجيش والساسة المدنيين في مجتمعات اتسم واقعها الاجتماعي بنوع من التسليم بالأمر الواقع، وبالتالي التردد والخوف أمام المجهول، كأن لسان حال الناس كان يردد المثل ذا المضمون الشائع: «جن تعرف خير من آخر تجهل».

هل معنى هذا أن التفاهم مستحيل، حالياً، بين أهل السودان؟ هل يجب اليأس من أي اتفاق بين ذوي ربطات العنق، أو الجلباب الشعبي، من جهة، ومرتدي اللباس العسكري، في الجهة المقابلة؟ كلا، ليس بالضرورة. لم يزل الوقت يسمح لكل طرف أن يفسح المجال أمام التنازل عن التشدد إزاء أمر محدد، فتزول معوقات تحول دون عودة الهدوء، واستئناف الحياة. لكن هكذا تفاهم لن يعني أن الاستحالة انتفت عن المهمة في صيرورتها المستقبلية. لعل من الواجب أن أبدي شيئاً من الأسف، مسبقاً، إذا توقعت أن ينهار أي تحالف عسكري - مدني قائم على التشارك في حكم السودان، مستقبلاً، لأنه، في الأغلب الأعم، سوف يبقى مؤقتاً، فإذا انفجر دمل هنا، أو تورم هناك، كان الانقلاب هو الحل.

في مقال له بعدد «الشرق الأوسط» يوم 2021/10/20 قال فؤاد مطر إن «خير الأمور استدامة الشراكة». معروف لكل متابع أن الكاتب الصحافي الكبير هو أحد القلائل بين خير العارفين بالواقع السوداني، مجتمعاً وساسةً وناساً، وهو أصاب في إعطاء «استدامة الشراكة» وصف «خير الأمور» أملاً في تجنيب السودان ما وقع بعد خمسة أيام من نشر مقاله. لست أدري ما إذا كان الأستاذ مطر، يوافق الآن على أن تلك الشراكة السودانية، تحديداً، تستحق ذلك التوصيف السينمائي ذاته، بمعنى أنها «مهمة مستحيلة» الاستمرار، حتى لو تحققت ردحاً من الوقت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهمة سودانية مستحيلة مهمة سودانية مستحيلة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 15:23 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة
المغرب اليوم - لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة

GMT 09:44 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة
المغرب اليوم - ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib