إدمان مرحلة الاستعمار

إدمان مرحلة الاستعمار

المغرب اليوم -

إدمان مرحلة الاستعمار

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

سألَ الأستاذ ممدوح المهيني في مقالته الأخيرة بهذه الجريدة «الشرق الأوسط» أسئلة جديرة بالتأمل فيها، وفي تنوّع الإجابات عنها، وهو تنوّع يكشف عن انقسام العقل العربي، ورحم الله المفكّر المغربي الشهير محمد عابد الجابري، صاحب سلسلة «نقد العقل العربي» الشهيرة، وقد تندّر البعض على العنوان متعجّباً من الجابري الذي كتب مجلّدات عن نقد عقل غير موجود!    

لكن هذا كان تعليقاً خفيفاً، لا يعكس الجهد العظيم الذي بذله الجابري في كشوفاته النقدية العظمى في تلك السلسلة الرائعة، بداية بـ«تكوين العقل العربي» وبقية الأجزاء.

نعود لأسئلة ممدوح المهيني الكاشفة عن استفحال عقدة التفكير في قضية الاستعمار الغربي لدى طيف واسع من النخب العربية، وتلاميذ هذه النخب، خاصة في بلاد الشام، ومصر والمغرب، العربي.

يقول ممدوح: «ما نراه الآن وما يبقي هذه الأفكار تنتعش وتزدهر من جديد هو إعادة ترويجها من قِبل أسماء أكاديمية (بعضها يعيش في الغرب) لامعة في تخصصاتها، ولكنها مسكونة بهذه الأفكار التي اكتسبتها في شبابها وسكنت وجدانها، وأصبحت تروّج لها إعلامياً واكتسبت مصداقية من قيمتها العلمية».

وذكّرنا المهيني بمقالة سابقة له، أيضا بمقال له بجريدة «الشرق الأوسط»، عن جورج صليبا الذي قال في حوار له إن الاستعمار لا يزال يسكن النفوس، وسأل بدهشة: إلى متى؟ 50 عاماً أو 100 عام أو إلى ما لا نهاية!

ثم عطف جواد نقده ناحية حلبة جديدة، وهو الأستاذ وائل حلاق، الذي أعاد الترويج أيضاً لمثل هذه الأفكار المضرّة... في أحد برامج «البودكاست» على منصّة «ثمانية».

وصدق ممدوح المهيني حين قال لمن يجعل الاستعمار الغربي، القديم، مسؤولاً عن كل أخطائنا وخطيانا فـ: «ما علاقة الخلاف بين البرهان وحميدتي بالغزوات الاستعمارية؟ ورغم أن الحوثيين يرددون صرخة (اللعنة على أميركا واليهود) كل يوم، فإنَّ اليمنيين يواجهون مصيراً صعباً بسبب مشاكلهم السياسية والاقتصادية، وليبيا منقسمة بيد أبنائها وليس تطبيقاً للخطط الإمبريالية المتخيلة».

هذا النوع من الأفكار ذات الطبيعة المُطهِّرة للذات المُلقية بالقذى والأذى على الأغيار من الغرب الاستعماري القديم يلقى قبولاً عند شرائح كثيرة، أولها التيار الإسلامي الذي يريد تكريس القطيعة مع السياق الحضاري الغربي في وجهه الفكري الحضاري، وحصر التماسّ مع الغرب بوجهه العلمي التقني الأدواتي.

نعم ينتمي لهذا الخطاب القطعي النبذي، نخب من «العلمانيين» العرب، لسبب أو لآخر، لكن من يحتفي بهؤلاء مؤخراً هم الجناح المثقف من التيارات الإسلاموية، لتعزيز الاستفراد بصناعة الفكر الأصيل، وحصر التفاعل «النافع» بهم مع الغرب... زعموا.

نعم لدينا مشكلات سياسية من حين لآخر مع الغرب أو بعض الغرب، وأحياناً صدامات حادّة، لكنَّها لا تلغي لدى العقلاء الإفادة من منجزات الحضارة الغربية في الفنون والأفكار والعلوم الإنسانية (علم الاجتماع مثلاً) ولو فعلنا ذلك بإغراق وشمول، لآل بنا الحال إلى نموذج مثل طالبان، وأشباه طالبان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدمان مرحلة الاستعمار إدمان مرحلة الاستعمار



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib