احلم يا تركي الحمد

احلم يا تركي الحمد

المغرب اليوم -

احلم يا تركي الحمد

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

تركي الحمد من أهم العلامات الثقافية الحيوية في المشهد السعودي، بل العربي، منذ 3 عقود وربما أكثر.

أستاذ علوم سياسية في جامعة الملك سعود، بالرياض، صاحب مؤلفات وأطاريح في الفكر السياسي والإصلاح الديني والثقافي، روائي سعودي مبدع وشفاف، خصوصاً في ثلاثيته الشهيرة «أطياف الأزقة المهجورة»، و«شرق الوادي».

غير أنَّ سبب اشتهاره الأكبر هو شجاعته في مواجهة الجماعات الإخوانية وتفرعها «السروري» في عز هيمنة هذه التيارات على المشهد العام في السعودية.

تركي المولود في الأردن لأسرة سعودية من منطقة القصيم في قلب جزيرة العرب، نشأ بعثياً في مراهقته بالدمام شرق السعودية، وخاضَ العملَ الحزبيَّ السري، وسُجن بسبب ذلك في ميعة صباه، ثم بعد نضجِ التجربة والدراسة وعبر الحياة انسحب من أفكار «البعث» وأشباهه من التيارات، وتبلورت قطيعتُه مع القوميين واليسار بعد اصطفافهم مع صدام حسين في غزو الكويت 1990، وهي السنة التي انضمَّ فيها تركي كاتبَ رأي متميّزاً في صحيفة «الشرق الأوسط».

في حوار متأخر لتركي الحمد، أظنّ بعده لم يجرِ مفكرُنا حواراً مطولاً بعدها، أجرته صحيفة «عكاظ» معه بتاريخ 22 مايو (أيار) 2020 سألت المحررة بشاير الشريدة، الحمد، هذا السؤال:

لو أُتيحت لك فرصة العشاء وتبادل الحديث مع شخصية تاريخية من ستكون هذه الشخصية؟ ولماذا اخترتها؟

فكان جواب تركي الحمد:

.. بالنسبة لي، المهاتما غاندي لا شكَّ في ذلك. هذا الرجل الضئيل جسماً، العظيم روحاً، قدم للإنسانية دروساً ودروساً من خلال زعامته لحركة التحرر الهندي من ربقة الاستعمار البريطاني، وهي زعامة لم يسعَ إليها بقدر ما أنَّها سعت إليه.

لماذا المهاتما غاندي يا دكتور تركي؟

يخبرنا بالسبب وهو أنَّ أهمَّ درس يقدمُه لنا المهاتما هو أنَّ العنفَ وسيلةُ انتقامٍ تعبّر عن ظلام النفس البشرية حين يُترك له العنان لاحتلال تلك النفس، ولكنَّه ليس وسيلة تغيير أو إصلاح، الذي يمكن أن يتحقق دون حاجة لعنف أو حقدٍ يسمّم الروح ويقضي على الذات. حين تقرأ سيرةَ المهاتما وتتبّع خطواته، فإنّك ستدرك لماذا دعي بـ«المهاتما»، أو الروح السامية، وهو لقب استحقَّه عن جدارة. المهاتما كان تجسداً لكل القيم النبيلة.

ونحن نتذكر تركي الحمد اليوم. عافاه الله وشفاه، بعد أن أنهكَه التعب قليلاً، ونتذكر معارك «أبي طارق» الكثيرة و«النبيلة» بعفوية وتلقائية تميز بها تركي، ومزيج من رقّة الشعور وصلابة الموقف.

لم يداهن تركي التياراتِ الصحويةَ في عزّ قواها، لم يأبه بتصفيق «الرفاق» ولا بقصائد الهجاء.

رماه «الإخوان» وتلاميذهم من «السرورية» عن قوس واحدة، وسخَّروا كل منابرهم ومكائدهم «داخل الأروقة» لتشويه صورته وتحريفِ الكلم عن مواضعه وتجييش الغوغاء ضده، وما زالوا رغم غياب الرجل عن المشهد الإعلامي منذ حين، وما تعليقات القوم الرديئة أخلاقياً على شائعة وفاته إلا قطرة من مياههم الآسنة.

كتبَ تركي ذات حسرةٍ على توالي النكبات العربية وتعاقب الخيبات قائلاً:

«أرى كل ذلك فأصاب باليأس، وأكاد أضيع في دوامةِ المجهول، لولا أن تدركني في النهاية رحمة ربي، فأتذكر الخالدين (...) فأحلم بعيداً، وأعلم أنَّ للأمر نهاية، وأنَّه في تلك النهاية لا يصحّ إلا الصحيح، ولا صحيح إلا الإنسان وحرية الإنسان».

احلم يا تركي وتشبث بذلك، فقد تحقّق شطرٌ كبيرٌ من أحلامِك بمعانقة المستقبل مع إبحار سفينةِ الرؤية السعودية بقيادة ربانِها الماهر.. محمد بن سلمان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احلم يا تركي الحمد احلم يا تركي الحمد



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:34 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها
المغرب اليوم - إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 13:22 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

مانشستر يسعى للتعاقد مع فاران في أقرب فرصة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرفي على طرق ترتيب المنازل الصغيره

GMT 03:36 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

ديكورات شقق طابقية فخمة بأسلوب عصري في 5 خطوات

GMT 14:30 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حسن يوسف يشتري الورود لشمس البارودي في عيد ميلادها

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي منتجعات تضمن لك صيفا لا يُنسى

GMT 06:36 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

كاتي هولمز تتألق في فستان رقيق بلون البرقوق

GMT 22:37 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الهنود يستهلكون كميات أقل بكثير من الكالسيوم

GMT 20:28 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ماسبيرو زمان" تعيد عرض برنامج جولة الكاميرا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib