الإنسان «التريندي»

الإنسان «التريندي»

المغرب اليوم -

الإنسان «التريندي»

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

السؤال ليس «هل» أصبح انتباهنا والاستثمار في جذبه وتوجيهه، صناعة اقتصادية وسياسية حديثة على منصات السوشيال ميديا، لكن السؤال «كيف» صار ذلك؟
في مقالة ضافية بقلم جوي سليم نشرت على واجهة «بي بي سي» إشارة مفصلة لهذه النظرية الحديثة وجذورها ومظاهرها الراهنة.
حسب مطالعة المقال فإنه من نحو 3 عقود ظهر مجالٌ جديدٌ للبحث، وهو «اقتصاد الانتباه»، الذي يدين بالكثير لمساهمة الفيلسوف والمعماري الألماني جورج فرانك، حيث يؤكد العديد من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع أن انتباهَنا أصبح بشكل متزايد سلعة يتم تداولُها في «السوق المعرفية» لوسائط التكنولوجيا.
لأجل جذب وتوجيه هذا الانتباه، تنفق المليارات وتخترع الأساليب وتصمم» الخوارزميات» التي ليست فقط تقرأ رغباتنا وتفضيلاتنا - وهذا خطير بذاته - بل تصنع رغباتنا وتفضيلاتنا، وهذا هو الخطر الأكبر!
يلاحظ المقال حصول ما يشبه الخَدَر على مستوى الإحساس، من خلال التشبع العاطفي الذي تحدثه «تريندات» السوشيال ميديا، حيث يقصف الإنسان يومياً بـ«تريند» عن فضيحة فلان أو فلانة وبنفس الأقل أخبار المجازر والحروب والبشاعات، مثلها مثل أخبار طلاق الفنانة المصرية شيرين فكله «تريند»!
لماذا هذا الحرص «المريض» على الحضور والتفاعل والتتبع على مدار اليوم والساعة، لكل ما يظن أنه الأولى بتوجيه الانتباه له على منصات السوشيال ميديا؟
يقال حتى لا يشعر الإنسان أنه مهمل من الوعي العام، وحتى يحس بحرارة التفاعل مع البشر ولذعة الحياة، بدل ثلج الموت والنسيان.
في عام 2004 ظهر للمرة الأولى، حسب مطالعة لمقال جوي سليم، مصطلح «فومو» (FoMO) وهو اختصار لعبارة «الخوف من تفويت شيء ما». شاع استخدام المصطلح في البداية في مجال التسويق، لكنه عرف ذروة شعبيته مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
مرة أخرى ما هو الدافع العميق والغرائزي ربما على الولع بتتبع «التريند» والفعل فيه ما يجعل جهات تجارية وسياسية حكومية وغير حكومية تستثمر في صناعة «التريند»، ثقة منهم بعمق توجيه هذه الغرز للطرف «المستهلك»؟
ربما يكمن جزء من الجواب في أن نيلَ الاعتراف من الآخر هو سبب محوري في وجودنا على هذه المواقع والتعبير عن أنفسنا بواسطتها. كما أن اعتراف الآخر هو، بالنسبة لكثيرين، وحدة قياس تقدير الذات… حسبما تقترح مطالعة سليم الثرية.
هذا جعلنا نغرق في خوض ردة الفعل وليس إبداع الفعل، وذلك، يذكرنا المقال، هو الإنسان الذي حذر منه نيتشه في الشذرات المنشورة بعد وفاته بقوله: «ينسى الإنسان أن يفعل؛ لا يعود يقوم إلا برد الفعل».
وبعد، فالمعضلة هي أننا في خضم العاصفة التفاعلية التي تخلخل كل منازلنا، من دون أن نجدَ ثلة حكيمة صبورة واعية، تنتحي جانباً قصياً من المشهد المجنون، ترقبُه وتفحصُه وتفهمُه ثم تُخضعُه، فالكل يرقصُ تقريباً في هذه الحفلة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان «التريندي» الإنسان «التريندي»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib