في بستان هشام قتالٌ على كمَأة

في بستان هشام... قتالٌ على كمَأة!

المغرب اليوم -

في بستان هشام قتالٌ على كمَأة

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

الكمأة، ثمرة يجود بها أديم الصحراء حين يناغيها المطرُ، فتنبت الفلواتُ من كل زوج بهيج... لها تقدير عالٍ عند أبناء البادية العربية، وكلّ أبناء الجزيرة العربية حتى بادية الشام، أو «الشامية» كما يُطلق على البوادي الممتدة من غرب الفرات حتى غرب الشام وجنوباً حتى صحاري وآكام شمال الجزيرة العربية (السعودية حالياً).

ثمرة لا تحتاج لتدخّل بشري، فقط تحتاج من البشر إلى دقّة الملاحظة، وحسن التوقيت، لأنَّ لها مواسم بعينها، غير أنَّ الكمأ في البادية السورية هذه الأيام يحتاج على ما هو أبعد من ذلك، يحتاج لسلاح وقلوب لا يتسلّل لها الخوف!

حالياً، هناك في البوادي السورية المتوزعة بين سلطة النظام وسلطة الميليشيات الإيرانية وسلطة القوات الكردية وعصابات «داعش»، كمأ كثير، وبشر مساكين أكثر يبحثون عنه سعياً وراء المال الوفير الذي يدرّه «اقتصاد الكمأة» كما وصفه خبراء اقتصاد لشبكة «إرم نيوز».

يصل سعر الكيلو غرام الواحد لبعض الأنواع منها إلى 25 دولاراً (350 ألف ليرة سورية) في بلد يفتك به الفقر والحرب والميليشيات، وعمالقة الإقليم والعالم.

تتحدث وسائل إعلام سورية عن 18 مدنياً، بينهم طفلان، قتلوا في سوريا، فبراير(شباط) الماضي، خلال جني محصول الكمأة، فيما يقدر خبير عسكري سوري أعداد من سقطوا منذ الموسم الماضي حتى اليوم بأكثر من 170 قتيلاً.

أغلب القتلى بسبب الألغام التي لم تنفجر، والأنكى من ذلك بسبب ذئاب «داعش»، أو مافيات النظام أو مافيات الفوضى نفسها.

هناك تقديرات عن القتلى الذين سقطوا خلال رحلة البحث عن الثمرة منذ العام الماضي، تصل بعددهم، حتى الآن، لأكثر من 170 قتيلاً.

يحدث هذا في بلاد سوريا أرض العسل واللبن والخير الوفير، أرض الأنهار والثمار، أرض الأودية الخصبة والمراعي المُمرعة، أرض الليمون والبرتقال والنارنج والتفاح، أرض العمارة والحضارة، سوريا هشام وعبد الملك والوليد ومعاوية.

سوريا التي غازلها الجبلي اللبناني الشموس العنيد، ابن عقل.. سعيد، حين قال:

ظمئَ الشَّرقُ فيا شـامُ اسكُبي... واملئي الكأسَ لهُ حتّى الجمَامْ

أهـلكِ التّاريـخُ من فُضْلَتِهم... ذِكرُهم في عُروةِ الدَّهرِ وِسَـامْ

أمَـويُّونَ، فإنْ ضِقْتِ بهم... ألحقوا الدُنيا بِبُستانِ هِشَامْ!

كان البعض ينبز بلاد الخليج والجزيرة العربية بندرة مياهه، ووفرة رماله، وخشونه عيشه، وقلّة موارده، باختصار بأنهم: بدو غِلاظ.

قبل أن نكمل، لا بد من الإيماء للجهل الفادح حول معنى البداوة وأهلها، لدى من ينبزهم بذلك.

جهل ساطع بديمغرافيا الجزيرة العربية بين سكان الحضر والمدَر وأهل الصوف والوبَر، على أن ذاك النمط: البدوي - الحضري، تلاشى من الوجود أصلاً منذ قيام الاقتصاد الجديد ونشأة الحكومات المركزية.

بيد أننا سنجاري الهجّائين، ونقرّ لهم بقدحهم الأجوف، لكن أين اليوم هؤلاء البدو، وأين شاتموهم!؟

عِماد الأمر وجِماعه كلّه ينعقد على عروة واحدة:

الحكم الرشيد.. عندها تتحوّل الأرض ذهباً ولا يتقاتل الناس حتى الموت على كمأة برّية في أرض الخير والأنهار والثمار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في بستان هشام قتالٌ على كمَأة في بستان هشام قتالٌ على كمَأة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث

GMT 13:00 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أحدث صيحات فساتين الزفاف لعام 2020

GMT 12:10 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي حقيقة صورة محمد هنيدي مع إعلامي إسرائيلي

GMT 00:44 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

بولهرود يغير وجهته صوب "ملقا الإسباني"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib