ترمب ما أنتم بالحلماء ولقد اتَّبعتم السفهاء

ترمب: ما أنتم بالحلماء ولقد اتَّبعتم السفهاء

المغرب اليوم -

ترمب ما أنتم بالحلماء ولقد اتَّبعتم السفهاء

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

«الخطبة البتراء» هي من عيون النثر العربي الرفيع، بعد أن كانت في الأصل بياناً سياسياً تحذيرياً من الوالي الأموي الكبير زياد بن أبيه لأهل العراق والمشرق، حين خطب خطبته تلك بعد ولايته عليهم، من على منبر البصرة.

جاء في تلك الخطبة الشهيرة قول الأمير زياد مخاطباً نخبة العراق: «إِنَّ الجهالةَ الجهلاءَ، والضَّلالةَ العمياءَ، والغَيَّ المُوَفِّيَ بأهلِه على النارِ ما فيه سفهاؤُكم، ويشتملُ عليه حُلَماؤُكم مِن الأمورِ العظامِ يَنْبُتُ فيها الصغيرُ، ولا يتحاشى عنها الكبيرُ».

لم يكتفِ بذلك، بل صدمهم بالقول: «ما أنتم بالحلماءِ ولقد اتَّبعتم السفهاءَ».

ثم هدّدهم إن تقاعسوا عن تنفيذ أوامره، وأنّه لن يكفّ: «حتى يلقى الرجلُ منكم أخاه فيقول: انجُ سَعْدُ فقد هلك سُعَيدٌ، أو تستقيمَ لي قناتُكم».

قبل أيام خطب «والي» أميركا دونالد ترمب من على منبر الأمم المتحدة، متوعّداً العالم وهازئاً من هذه المؤسسة الفاشلة في نظره.

هل موقف ترمب موقفٌ شخصي خالص، أو تعبيرٌ عن تحوّل عميق في المقاربة الأميركية لدور المؤسسة الدولية، ومن خلفها النظام الدولي، ووجوب تغييره لصالح أميركا، أميركا كما يراها الترمبيون طبعاً؟!

في مجلة «بلومبيرغ» الأميركية كتب أندرياس كلوث أن خطاب ترمب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين كشف بوضوح عن حجم الفجوة بين الخطاب الأميركي ورؤية المنظمة الدولية، ففي حين رفعت الرئيسة الجديدة للجمعية العامة شعاراً متفائلاً هو «معاً أفضل»، جاء خطاب ترمب ليعكس مساراً معاكساً أقرب إلى «الانقسام أسوأ».

هذا الخطاب - كما أوضح الكاتب كلوث، طبقاً لمطالعة «بي بي سي» - ليس نزوة، بل تحّولٌ واسع في واشنطن من كونها الراعي الأول للنظام الدولي إلى لاعبٍ يُهدّد بتقويضه.

لأن هذه المؤسسة الدولية صارت «منصّة معادية لأميركا وإسرائيل» كما قال الكاتب، الذي أضاف أن جوهر الأزمة يكمن في الهجوم المالي والسياسي الأميركي على المنظمة، حيث لم تسدد واشنطن حصتها النظامية البالغة 22 في المائة من الميزانية.

يُذكّرنا الرجلُ بلحظة تأسيس الأمم المتحدة لبداية نظام دولي جديد عام 1945، حين قال الرئيس الأميركي حينها هاري ترومان إن المنظمة وُجدت لتكون «آلية معقولة» لحل النزاعات بعيداً عن «القنابل والبنادق»، ولتنقذ البشرية من «الجحيم» لا لتأخذها إلى «الجنة».

لكن بعد مرور 80 عاماً على ذلك، ها هي أميركا نفسها، ومن المنبر نفسه، تسخر من هذه المؤسسة وتسحب دعمها لها، فهل لدى واشنطن ومن معها، فكرة واضحة عن نظام عالميٍ جديد، وكيف سيكون، وماذا يعكس، وعلى ماذا سيُبقي ويلغي من القديم، وهل واشنطن قادرة، وحدها، على فرض هذا النظام على العالم كلّه؟!

أو أن النهج «الزيادي» والسياسات البتراء هي الفيصل في هذا المقام؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب ما أنتم بالحلماء ولقد اتَّبعتم السفهاء ترمب ما أنتم بالحلماء ولقد اتَّبعتم السفهاء



GMT 14:13 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

اعتذارات

GMT 14:08 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

لماذا يحتاج السودان إلى نظام رئاسي؟

GMT 14:04 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

إيران: الخوف من شح المياه

GMT 14:02 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

قاسم وبرّاك... والآتي أعظم

GMT 13:58 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

إلا عاصمة الضباب

GMT 13:57 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

عادل إمام ومحمد صبحي معركة «فشنك»!

GMT 13:55 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

تغييرات منتظرة.. وعقدة الشعب الأردني!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم

GMT 10:00 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الفنان المغربي نعمان بلعياشي يُصدر جديده الفني “حياتي”

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مسلسل عالمي يجمع بين "سوبرمان" ونجوم عرب

GMT 16:47 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أجمل عبايات بموديل المعطف موضة شتاء 2020

GMT 03:49 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

قائمة أسعار شيري chery من الوكيل بعد التخفيضات الأخيرة

GMT 18:31 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوداد البيضاوي المغربي يسعى للتفاوض مع يحيى عطية الله

GMT 19:56 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مالك ليفربول ينجو من حادث طائرة بعد العودة من سالزبورج

GMT 08:51 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على الصور التشويقية الأولى لـ"كيا أوبتيما 2021"

GMT 07:19 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سامسونج تحل مشكلة "بصمة الإصبع" في هواتف S10
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib