السلام هو الأنسب لأمم الأرض

السلام هو الأنسب لأمم الأرض

المغرب اليوم -

السلام هو الأنسب لأمم الأرض

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

ذات مرة في ستينات القرن الماضي، تحدث فيلسوف فرنسا الوجودي الأشهر جان بول سارتر، قائلاً إنه «عندما يشن الأغنياء الحرب، فإن الفقراء هم الذين يموتون».
تكاد الأزمة الروسية – الأوكرانية الأخيرة، أن تثبت صحة المقولة المتقدمة، لا سيما أن احتمالات أن تكون هي البجعة السوداء بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، وافرة جداً.
لا أحد في أميركا أو أوروبا يتحدث عن المواجهة العسكرية مع روسيا، ولهذا لم يعد مطروحاً على قائمة ردّات الأفعال سوى العقوبات الاقتصادية.
يمكن لهذا السلاح أن يضر بالروس بدرجة أو بأخرى، لكن المؤكد أنه في الوقت عينه سوف يُلحق أضراراً متفاوتة بهيكل الاقتصاد العالمي، ذاك الذي لم ينفكّ يتداوى من آثار عامين مؤلمين بعد جائحة غامضة، تركت بصماتها السلبية على الاقتصادات العالمية.
في الداخل الروسي سوف تؤدي المقاطعة والحظر إلى انهيار العملة الروسية، واستنفاد الاحتياطي من العملات الأجنبية، وحال مضت العقوبات إلى حد فصل بعض المؤسسات المالية الروسية من نظام «سويفت» المالي، الأمر الذي يفتح الباب لمحاولات انتقامية روسية، قد لا يعرف أحد حدها أو منتهاها.
ترتبط التهديدات الاقتصادية الموصولة بالعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بعلامة استفهام رئيسية وهي: إلى متى ستستمر هذه الحرب، وما هدفها المباشر، وهل هو تغيير الحكومة الأوكرانية الحالية وتنصيب نظام موالٍ لموسكو، أم أن الأمر أبعد من ذلك وله علاقة بفكرة إعادة رسم الحدود الدولية لأوروبا وما بعدها؟ وباختصار، هل نهاية الأزمة ستحين سريعاً أم ستمتد طويلاً؟
ضمن الأوراق الأساسية للأزمة الاقتصادية الموعودة إذا طال الصدام، أحوال سلاسل إمدادات الحبوب على المستوى العالمي، وبخاصة في ظل ما يُعرف عن أوكرانيا بأنها سلة حبوب أوروبا، ولا تقل روسيا عنها، والكثير من دول العالم تعتمد عليهما في وارداتها.
أزمة الحبوب العالمية تمثل حجر عثرة في طريق استقرار الدول مجتمعياً، إذ لا قِبَلَ لأحد بارتفاع أسعار الخبز، وبنوع خاص إذا كان العالم قائم في وقادم على موجات من التضخم وارتفاع الأسعار.
هذه الجزئية تحديداً لن تصيب مناطق دول الشرق الأوسط، بل تمتد شرقاً إلى الصين، أحد أكبر مستوردي الحبوب من روسيا وأوكرانيا، وكذلك تنسحب على المناطق الجنوبية من الولايات المتحدة الأميركية، والتي تنتظر موسماً من الجفاف هذا العام، ما يعني أزمة في أسواق الحبوب.
والثابت أن الاقتصاد المعولم يعني بالضرورة أن نظرية «أحجار الدومينو»، قابلة للتحقق، والمثال من عند أوكرانيا عينها، والتي قد تجد نفسها عمّا قريب عاجزة عن سداد ديونها لروسيا، ما يعني خللاً واضحاً للنظام المالي الروسي، لن يبرح أن يصيب الكثير من كبريات المصارف الأوروبية والعالمية بحالة من الركود، لتفشل في نهاية المطاف خطة مجموعة العشرين، والتي تتمثل في ضخ تريليوني دولار في شرايين الاقتصاد العالمي لتعزيز النمو، بعد وباء «كوفيد - 19».
هل يمكن لروسيا أن تنتقم من العالم طاقوياً، والبداية من عند أوروبا؟
الثابت أن الكثير من الحبر سُكب على الأوراق في الحديث عن إمكانية استخدام روسيا سلاح الغاز تجاه أوروبا، وهي خطوة لم تقدم عليها روسيا حتى الساعة، لكنها تظل قائمة وتمثل مخاوف عميقة للاقتصاد الأوروبي، حتى وإن كان الشتاء الأخير جاء معتدلاً، إلا أن الأوروبيين في حاجة لمزيد من تخزين الغاز والنفط خلال موسمي الربيع والصيف القادمين، لمواجهة شتاء العام 2023، وساعة تغلق روسيا أنابيب الغاز سترتفع الأسعار بشكل كبير، ومهما قيل عن بدائل، لا تبدو في الأفق حلول واضحة أو جاهزة، ما يعني المزيد من الخسائر الفادحة في موازنات الدول الأوروبية.
هل الولايات المتحدة الأميركية بعيدة عن دائرة الخسائر بسبب العقوبات على روسيا، والاختلالات المحتملة في أسواق الطاقة؟
في الداخل الأميركي، تمثل واردات النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية نحو 3% من الطلب الأميركي على النفط، وأميركا، لا تحتمل غياب الإمدادات طويلاً، ولا تراهن بالسحب من المخزون الاستراتيجي إلى ما هو أبعد من حد معين، أضف إلى ذلك أن العقوبات على النفط الخام الفنزويلي تعني المزيد من الحاجة إلى الاستيراد، وليس العكس.
يشعر الأميركيون بالخوف الشديد بعد أن وصل حجم التضخم في البلاد إلى أعلى مستوياته منذ 40 عاماً، فيما ارتفع سعر غالون البنزين إلى ما فوق أربعة دولارات، بينما قبل عام لم يكن متجاوزاً 3.4 دولار، كما تعني العقوبات على روسيا عدم مقدرة المستثمرين الأميركيين على شراء سندات الدين الروسية.
هل ستتوجه أوروبا إلى المزيد من الإنفاق على التسلح؟
ألمانيا خير مثال حيث ستنفق 100 مليار يورو على جيشها، والبقية تأتي.
صراع الأفيال سيؤدي إلى تحطم العشب... لكن السلام هو ما تريده شعوب الأرض كلها من دون استثناء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلام هو الأنسب لأمم الأرض السلام هو الأنسب لأمم الأرض



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 12:40 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 26-9-2020

GMT 15:46 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 21:39 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 02:05 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوكسهول ميريفا تلاءم الكثير من الناس في مساحة صغيرة نسبيًا

GMT 01:17 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

بوسي سكر تُبين أنّ التصاميم العربية تُزين مجموعة شتاء 2016

GMT 02:00 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة اعداد الكعكة الاسبانية بالمقادير

GMT 07:18 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي سفيان رحيمي يقود العين إلى تعزيز صدارة دوري الإمارات

GMT 09:50 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

17 فائدة غذائية تجعلك تتناول قمر الدين يوميًا

GMT 19:28 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

مفاجأة في قائمة روما لمواجهة إنتر ميلان

GMT 00:55 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بوحدوز ضمن تشكيلة الأسبوع في البوندسليغا

GMT 17:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

حسم مستقبل نيمار مع الهلال السعودى قبل نهاية عقده فى 2025
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib