بقلم : عبد المنعم سعيد
«المحتوى» هو أهم الموضوعات التي تستحق التفكير من جانب الساعين إلى تطوير الإعلام. النظرة إلي برامجنا التليفزيونية أو الإذاعية أو الصحفية أو الرقمية في أشكالها المختلفة لا تجد الكثير عن «العلوم والتكنولوجيا» أهم المحركات لنهضة وتغيير العالم، والتأثير في الحالة الإنسانية والمصرية. ما نعرفه كثيرا في هذا الشأن هو «الدهشة» والعجب والذهول والحديث عن العالم الذي يتغير بعيدا عنا بشكل على الأغلب سوف يخفي كارثة من نوع أو آخر.
الأمر هنا مجرد إشارة من مذيع أو مذيعة أو حتى المبشرين الذين يعطون دروسا للمشاهدين، وللدولة أيضا، وللعالم كذلك، وخاصة الولايات المتحدة. في الزمن لا يستغرق إلا دقائق وبعدها نعود إلى الحياة المزدحمة بأمور لا نفهمها.
جرعة التفسير ومعرفة الأسباب والتفكير المنطقي في جوهر الأمور والقياس والمقارنة من الأمور المستبعدة في النقاش العام. وباختصار، فإن واجب التعريف بالتفكير العلمي يغيب بينما التواكل والغيبيات هي التي تسود النقاش العام.
الأكثر غرابة أنه لا يوجد الاحتفاء بالعلم والسبق فيه، وعندما تقوم الدولة بمنح جوائزها في العلوم الطبيعية والاجتماعية فإنه بعد ذكر الأسماء فإن أحدا لا يهتم بما فعله هؤلاء المكرمون، وهل قدموا لوطنهم وللعالم وللإنسانية أمرا جديدا أم أن الأمر في الأول والآخر هو شكل آخر من أشكال الترقية الأكاديمية؟
العجيب هو أن العلوم والتكنولوجيا باتت ذات درجات عالية من الإثارة الفكرية والنفسية والثقافية، والمعرفة بها تؤدي إلى أشكال مختلفة من التدريب الذهني، والترقية في إجادة العمل. الترجمة الدرامية للأمر شائعة في كل العالم المتقدم وكثيرا ما نستهلكها من خلال الشبكات المرئية والمقروءة، ولكنها لا تأتي بالتراكم المعرفي الذي يدفع في اتجاه التقدم ويشكل محركا للتغيير والانتقال من مرتبة متأخرة إلى مراتب أكثر علوا.
تطوير الإعلام هكذا على جوانبه المتعددة من التشريعات والقوانين إلى الجوانب الفنية والاقتصادية يقوم أساسا على محتوى يرقي من الخريطة الذهنية للمواطنين، ويخرج بها إلى آفاق جديدة.