تدريب منتخب الفراعنة

تدريب منتخب الفراعنة!

المغرب اليوم -

تدريب منتخب الفراعنة

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

حاولت لعب كرة القدم فى مرحلة الصبا، ولكننى فشلت فشلًا ذريعًا، فما كان من الرفاق إلا أن سمحوا لى بإدارة الفريق والتحكيم فى المباريات بينهم والقرى المجاورة للباجور منوفية. هكذا اعتزلت مبكرًا، وقبل أن أصل إلى مرحلة النجومية، ولكن صلتى باللعبة استمرت، خاصة بعد أن اقتسمت مع أخى، ل. د. م محمد قدرى سعيد، تشجيع الأهلى والزمالك، فبات منزلنا مُعدًّا لحالة من الحماس الدائم. وعندما قرأنا عن مباراة البرازيل وريال مدريد فى مصر، ذهبنا إلى مدينة «منوف» القريبة، حيث توجد الكهرباء وأجهزة التلفزيون التى تذيع المباريات.

كرة القدم كانت دومًا مثيرة، وجدت فيها كل ما يهم المهتمين بالسياسة والعلاقات الدولية من هجوم ودفاع، ومناورات والتفاف وسرعة، وتعبيرات مختلفة عن الثقافة فى التشجيع والتمجيد للفريق القومى فى ألوانه ومواقعه. باتت الكرة تعبيرًا عن الدولة وقدراتها، والوقوف وراء فريقها كنوع من المسؤولية الوطنية؛ وعندما وصلنا إلى كأس العالم للمرة الثانية فى يناير 1990، بعد أن كانت المرة الأولى فى 1934، خرجت مع الجماهير المصرية إلى الشارع احتفالًا بالنصر المبين.

هالنى بعد هذه الحالة الحماسية أن أجد كُتاب مصر يبتهلون للمولى عز وجل أن يكون تمثيلنا فى كأس العالم «مشرفًا»!. لم يكن ذلك كافيًا لمشجع متحمس، فكتبت مقالًا لصحيفة الأهرام بعنوان: «لماذا لا نفوز بكأس العالم؟!».

المقال كان سببًا فى وضع بداية لتعريف القراء بالكاتب، ولأول مرة وآخرها اتصل أعداد من القراء بالصحيفة الغراء لكى يحصلوا على رقم تليفونى للاتصال والمدح فيما اعتبرته حقًّا وطنيًّا لدولة عريقة.

لم يَخْلُ الأمر من سعادة شخصية، والولوج فى فهم الكرة التى جاء بعضها من بداية الاتصال مع «الكابتن» الجوهرى مدرب فريقنا الوطنى. كان الرجل فى تقديمه للنصر قد ربطه بأن يكون مقدمة لنهضة مصرية فى كافة المجالات؛ وقتها بات الوصول إلى كأس العالم تعبيرًا عن حلم كبير لمصر. وعندما تعادلنا مع هولندا، التى كانت وقتها واحدة من القوى العظمى فى كرة القدم، كتبت مرة أخرى وثالثة كما لو كنت ناقدًا رياضيًّا محترفًا، خاصة بعد أن ظهر أن أداءنا لم يزد عن تمثيل «مشرف».

ولكن ذلك أثار غضب الزملاء فى القسم الرياضى، فنشروا كاريكاتير للفنان «عليش»، سمانى «عبده الاستراتيجى» مرتديًا ثياب كرة القدم. الأستاذ نجيب المستكاوى، شيخ النقاد الرياضيين أكثرهم علمًا وثقافة، اتصل بى، وفى جمل قصيرة شرح لى أن الرياضة ما هى إلا أيضًا عملية علمية لا يحكمها الحماس، وإنما الموهبة والتدريب الشاق والاستعداد طويل المدى. بعد المكالمة، أصبحت صديقًا للقسم، وبات الأستاذ إبراهيم حجازى، رحمه الله، صديقًا وزميلًا فى مجلس الشيوخ، وظفرت بمودة خاصة مع الأستاذ حسن المستكاوى؛ أما الفنان «عليش» فقد أعطانى «بورتريه» لشخصى لا يزال معلقًا فى مكتبى.

مرت مياه كثيرة تحت الجسور كما يقال من المعرفة عن كرة القدم وفريقنا القومى، وكانت فيها الهزائم أكثر من الانتصارات، كما كان الجدل الوطنى حول المدربين وطنيين أو أجانب شائعًا، بقدر ما هو شائع عن ضرورة اللعب بطريقة متوازنة بين الدفاع والهجوم، وضرورة تسجيل هدف فى أول المباراة لإرباك الخصم، مع إبقاء قدر هائل من الحماس.

باتت هناك حلقة تبدأ بالحماس مع كل مدرب جديد، يخفت بعد ذلك مع أول تعادل أو هزيمة، ما بات جديدًا هو ظاهرة «الاستديوهات التحليلية»، التى ثبت أنها باتت المنقذ الإعلانى للقنوات التلفزيونية؛ ومعها جاءت أدوات التواصل الاجتماعى لكى تقيم الاستديو فى كل بيت. الكابتن حسام حسن أتى الآن لكى يقود مسيرة الفريق القومى، وهناك الكثير من الحماس بتولى المصرى المهمة الوطنية.

الرجل له تاريخ فى جيلنا، وهو مصرى كامل الأوصاف فى الحماسة والوطنية، ذاق طعم الفوز بكأس إفريقيا منذ عام 1986 وأكثر من مرة بعدها. لديه فرصة أن يكون «الجوهرى» الجديد، وطبعة أخرى من «حسن شحاتة»، ولكنه سوف يكون مختبرًا طوال الوقت، ولن يكون هناك معه صبر بعد المباراة الأولى، وربما مع المحنكين سوف تكون لديه فرصة أخرى.

المثل المصرى «ما عدوك إلا ابن كارك» فيه الكثير من الصحة فى مهنة كرة القدم. الجمهور والاستديوهات التحليلية سوف يكون فى يدهم الانتصار المصرى إذا كان لديهم من الصبر ما يكفى لبناء فريق ومدرسة تدريبية ناضجة كما هو مطلوب فى كل مناحى الحياة فى مصر. لا يمكن الوصول إلى كأس العالم العالمى ما لم نتعلم من بناة الأهرامات والمنتصرين فى حرب أكتوبر أن الصبر والعمل هما بداية الانتصار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تدريب منتخب الفراعنة تدريب منتخب الفراعنة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib