سباق الجمارك

سباق الجمارك

المغرب اليوم -

سباق الجمارك

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

عرفنا الكثير عن «سباق التسلح» بين الدول الكبرى؛ وقبلها عرفنا السباق على مناطق النفوذ؛ وحتى سباق الجمارك عرفناه خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين، حيث دخلت دول العالم إلى مرحلة من الكساد الاقتصادى التى فرضت على الدول أن تحمى صناعتها ومواردها الزراعية من خلال حوائط جمركية.

ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يكن هناك من هدف فى السياسات الاقتصادية إلا التقليل من الحواجز فى تبادل السلع والبضائع والخدمات من خلال سلسلة من الحوارات الاقتصادية الدولية التى تعاملت مع الموضوع من زاوية الفائدة العالمية. قمة المسألة جاءت مع «العولمة» وقيام منظمة التجارة العالمية التى دخلت فيها الصين وروسيا؛ ومن أراد المزيد فقد فعل ذلك من خلال تنظيمات إقليمية مثل الاتحاد الأوروبى.

الغريب أنه مع حلول العقد الثالث من القرن الحالى أصبح هناك نوعان من الشكوى يدعوان إلى مراجعة النظام التجارى الدولى الذى واصل نموه فى جميع الاتجاهات كما لم يحدث فى تاريخ الإنسانية. الأولى جاءت من روسيا والصين عندما طالبتا بالمراجعة للنظام لأنه يستند إلى الدولار الأمريكى باعتباره العملة الأساسية فى التبادل الدولى مثلما اللغة الإنجليزية فى التواصل. الفارق بين العملة واللغة أن الولايات المتحدة كانت قادرة على الاقتراض من نفسها بطباعة العملة وتسجيلها عجزا تراكم عبر العقود. بات الحديث عن عملة أو مجمع من العملات لحرمان واشنطن من الميزة الورقية.

الشكوى الثانية جاءت من الولايات المتحدة نفسها التى وقفت على قمة النظام الاقتصادى العالمى بناتج محلى قدره أكثر من 29 تريليون دولار بفارق كبير عن القوة الثانية- الصين- وبفارق أكبر فى التقدم التكنولوجى يتصدر الثورتين الثالثة والرابعة فى تكنولوجيات الفضاء والملاحة الجوية والهندسة الوراثية. هذا القدر من الناتج الأمريكى بات يشكل سوقا لكل القوى الاقتصادية الدولية ومنتجاتها الخاصة بصناعات الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية مضافا لها البحوث والتطوير.

«كوفيد 19» أفصح كيف أن الصين، ومثيلاتها من القوى الاقتصادية الصناعية باتت تحتكر سلاسل التوريد الضرورية بعد أن فرضت جمارك مرتفعة على مثيلاتها من الولايات المتحدة فانتهى الأمر إلى خروج الولايات المتحدة من السوق فى سلع، أو انتقال مصانع السلع إلى الصين والمكسيك. النتيجة أن هذه الدول حققت فائضا كبيرا من الاحتياطيات الدولارية.

«ترامب» الآن يريد التصحيح من خلال الرجوع إلى الوراء بفرض جمارك عالية إما أنها تعيد الصناعات التقليدية مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، وإجبار الشركات الأمريكية إلى العودة من ملاذاتها الصينية؛ أو أن يبدأ مفاوضات جديدة تعيد التوازن مرة أخرى. معضلة ترامب ليست خارجية فقط وإنما أيضا داخلية لأن الاقتصاد الأمريكى رغم كل الشكوى يعيش فى حالة من التشغيل الكامل الذى جعل البطالة لا تزيد بحال على 4٪. العودة سوف تعنى الحاجة إلى عمالة خارجية جديدة بينما هو فى مرحلة طردها!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سباق الجمارك سباق الجمارك



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 16:07 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

أنباء عن استبعاد فينيسيوس من قائمة البرازيل

GMT 15:43 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا

GMT 15:45 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا

GMT 15:33 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

مدرب دورتموند يهاجم لاعباً بسبب "وحشيته"

GMT 05:38 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل تصاميم وفساتين كاثرين هيغل في عيد ميلادها

GMT 08:46 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف علي أفضل الأماكن الرومانسية لقضاء شهر العسل

GMT 09:34 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib