تقرير من أمريكا
أخر الأخبار

تقرير من أمريكا

المغرب اليوم -

تقرير من أمريكا

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

قبل أسبوع بدأت رحلتى إلى الولايات المتحدة لحضور إشهار كتاب شاركت فيه «العرب والإسرائيليون من 7 أكتوبر إلى صنع السلام» وصادر عن مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط فى جامعة برانديز. وكما جرت العادة من قبل فى كتاب «العرب والإسرائيليون: الصراع وصنع السلام» قبل أكثر من عقد حينما تضمن «الإشهار» جولة فى الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات المعنية؛ ووقتها شملت بوسطن وشيكاغو ونيويورك فى الولايات المتحدة ولندن فى المملكة المتحدة.

هذه المرة فإن الجولة حتى الآن تضمنت بوسطن وفينيكس وعرضًا فى برنامج فريد زكريا فى قناة «سى.إن.إن» فى نيويورك ومقابلات مع مؤسسات بحثية، ثم الختام فى واشنطن العاصمة حيث العرض والمناقشة الرئيسية سوف تكون فى مركز ويلسون للدراسات والبحوث. ونظرًا لأننى أكتب هذا المقال فى «فينيكس» بولاية «تينيسي» وهى بالمناسبة مدينة «الفيس بريسلى» مغنى «الروك» الشهير خلال الخمسينيات فإن الظاهرة المسيطرة على الحوارات حتى الآن سيطر عليها «الفيل فى الحجرة» كما يقال، دونالد ترامب.

الكتاب المعروض نبع مباشرة من حدث «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر 2023، وما ترتب عليه من إعادة إسرائيل احتلال قطاع غزة وتدميره بعد ممارسة عمليات القتل الجماعى لم تعرفها الحروب السابقة بهذا القدر من العنف والقسوة حيث 70٪ منهم أطفال ونساء. الكتاب جرى البحث فيه وكتابته وهو تحت الضغط النفسى والعصبى لعملية تحول تاريخى لا تزال جارية، وعندما حضرنا بعد النشر كان كل ما يجرى البحث عنه هو وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين. وكأن كل ذلك ليس كافيًا فقبل إشهار الكتاب كان دونالد ترامب طرح مشروعه نحو تفريغ غزة من أهلها ودفعهم فى اتجاه مصر والأردن مع إشارات تهدد بأن الرفض مرفوض؛ وبعد أن جرى الرفض بالفعل فإن بلدانًا أخرى وضعت على طاولة الكلام.

ما يجب أن نعلمه هو أننى لم أشهد فى الولايات المتحدة ذلك القدر من الضجيج حول الرئيس كما يحدث الآن. الرجل هو الأكثر سرعة بين الرؤساء الأمريكيين، وفى اليوم الأول من ولايته أصدر 78 قرارًا رئاسيًا تنفيذيًا يتجنب الكونجرس كثيرًا منها، راديكالى فى تغيير الجهاز الإدارى للدولة، بعدها فى الأسابيع الأولى بدأت عملية تصفية مؤسسات بأكملها تحت الإشراف القاسى لأغنى أغنياء العالم «إيلون ماسك»؛ ومعها تحديد الهدف بإنقاص الجهاز الإدارى حتى يبلغ الثلث، وتخفيض الموازنة العامة بمقدار 2 تريليون دولار.

ببساطة فإن الضجيج لا يتوقف حول سياسات كثيرة بدأت بالصدمة الشاملة لكندا لكى تكون الولاية 51، والمكسيك لكى تضع قواتها على الحدود، والاتصال برئيسة وزراء الدنمارك لكى يعطيها العلم بالرغبة فى شراء جرينلاند. ساعة كتابة المقال كان ترامب يعلن عن رغبته فى الإسراع بتصفية وزارة التعليم؛ وفتح باب المفاوضات لوقف الحرب الأوكرانية مع علم أوكرانيا أنها سوف تقدم تنازلات إقليمية؛ وتسدد للولايات المتحدة 300 مليار دولار عن طريق المعادن النادرة التى تحتاجها أمريكا وتمتلكها أوكرانيا.

الحلفاء فى أوروبا وحلف الأطلنطى حصلوا على المطالبات الأمريكية بدفع تكلفة الدفاع عنهم؛ مع سد العجز التجارى الأمريكى باستيراد النفط والغاز الأمريكى. وسط هذا القدر من الضجيج الإمبريالى داخليًا وخارجيًا فإن قضية غزة والسلام فى الشرق الأوسط تأخذ حجمًا أقل مما نتخيله؛ ولكنها فى نفس الوقت تعكس نوعًا من الصدام الذى يقال عنه «بلطجة» فى الكتابات الأمريكية، ويتم على جبهات واسعة لن ننتظر كثيرا حتى نجد نتائجها من تمرد داخلى وخارجى.

ولكن القصة لا تزال فى أولها، وكما يقال فإن الليلة لا تزال خضراء؛ واستراتيجية الردع والفزع تحتاج رؤوسًا باردة وعقولًا حكيمة. ما حدث حتى الآن من جانبنا، وهو ما كان مطروحًا فى مناقشات جامعتى «برانديز» و«هارفارد» يقوم على الاعتماد على أنفسنا لأنه من الممكن الاستمرار فى مسيرة وقف إطلاق النار، بينما نعرض خططنا ليس فقط لتعمير غزة وإنما أكثر من ذلك أن يكون لدينا مشروع للسلام يعطى دولة للفلسطينيين، ولكنه يعطى الأمن والاندماج فى المنطقة للدولة الإسرائيلية.

القمم العربية الخماسية والعامة لجميع الدول إشارة إلى نوع من العروبة الجديدة التى لا تقوم على الشجب والتنديد، ولعنة المجتمع الدولى الذى لا يحل مشاكلنا، وإنما يقدم على ما تستحقه المنطقة من استقرار وتنمية وسلام. تعمير غزة عربيًا جزء من هذه الاستراتيجية، والذى يسمح للولايات المتحدة بدور هام، ولكنه ليس دورًا مهيمنًا ولا آمرًا، ويعطى الفرصة لكى تكون حرب غزة الخامسة آخر الحروب وإذا لم تكن كذلك فإنها لن تكون آخرها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقرير من أمريكا تقرير من أمريكا



GMT 15:50 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

إيران تستعيد وعيها سعودياً

GMT 10:20 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

فلسفة الوشكية

GMT 10:18 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

السلاح زينة الرجال... ولكن؟

GMT 10:16 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

«أرضنا» التي تبحث عن أصحاب...

GMT 10:12 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

غزة إذ تنهض وترقص

GMT 10:07 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

متى نطفئ حريق مها الصغير؟!

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 16:12 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

اجتماع لروساء الرجاء البيضاوي للخروج من أزمة النادي

GMT 11:07 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المدرب طاليب يكسب ثقة مسؤولي وجمهور الجيش

GMT 15:55 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تعرف على أفضل العطور النسائية لعام 2019

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل المعالم السياحية في "كوتا كينابالو"

GMT 04:58 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"البرغموت" المكون الثابت لجميع العطور

GMT 09:27 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سيد عبد الحفيظ يكشف موعد تجديد تعاقد أحمد فتحي

GMT 01:55 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

حسنية أغادير يفرض التعادل على سريع وادي زم من دون أهداف

GMT 04:58 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

هيلاري كلينتون قوضت الأمن الأميركي وسيطرت على زوجها

GMT 09:13 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

عطر "nat fresh" الأكثر شهرة في مجموعة زهور الريف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib