السياسة لها رأى آخر

السياسة لها رأى آخر

المغرب اليوم -

السياسة لها رأى آخر

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

كلما عادت الحكومة إلى رفع أسعار البنزين والمحروقات عمومًا، سمعنا كلامًا من أهل الاقتصاد يقولون فيه إن قرار الحكومة خطوة فى الاتجاه الصحيح، وإن خطوات أخرى مماثلة لا بديل عن أن تأتى على طول الطريق، وإن هذا ما يقول به الاقتصاد المنضبط، أو الاقتصاد الذى يسعى إلى أن يكون كذلك على الأقل.

ولو أن أحدًا رجع إلى المقال الذى كتبه المهندس الجيولوجى صلاح حافظ فى هذه الجريدة، صباح الأربعاء، فسوف يجد أنه فى مقدمة الداعين إلى ذلك، وأنه يحمل لواء الدعوة إلى تحرير أسعار الطاقة كاملةً، ثم إلى أن يكون تحرير أسعارها وفق برنامج زمنى محدد، ومتدرج، وقريب.. ومبرره فيما يدعو إليه أن الوصول بأسعار الطاقة عندنا إلى الأسعار العالمية سوف يتيح استخدام هذا المورد الطبيعى بالعدل لصالح كل الشعب بدلًا من استفادة شرائح بعينها. وما يقوله الرجل صحيح، إذا تكلمنا اقتصادًا صرفًا.. وهو يذكر أن العجز فى قطاع الطاقة يصل إلى ما يقرب من ٢٢ مليار دولار سنويًّا، وأن هذا الرقم هو قيمة فاتورة الواردات السنوية من البنزين، والسولار، والبوتاجاز، والغاز الطبيعى، والغاز المسال، والمازوت. والقصد أن هناك شرائح مقتدرة فى المجتمع تستفيد من هذه الفاتورة بغير وجه حق، وهناك شرائح أخرى فى المقابل لا تستفيد رغم أنها الأحق.

وأنا لا أنكر أن ما يُقال بهذا المنطق الاقتصادى الخالص صحيح وفى مكانه.. ولكنى ألفت الانتباه إلى أن الحكومة إذا كانت قد عزمت على المضى فى هذا الطريق إلى آخره، فإن للسياسة كلامًا آخر تقوله فى مقابل ما يقوله الاقتصاد، الذى لا يعرف بطبيعته العواطف ولا المشاعر.. ولا بد بالتالى أن تنصت الحكومة بإحدى أُذنيها إلى ما ينصح به أهل الاقتصاد، وأن تنصت بالأخرى إلى ما تقتضيه السياسة بمعناها العام فى حكم الشعوب. ما تقوله السياسة إن رفع أسعار الطاقة إذا كان يذهب إلى التخفف من عبء فاتورة استيرادها فى كل مرة، وصولًا إلى التحلل النهائى من هذا العبء، فإن الذهاب إلى ذلك يرتب أعباءً متراكمة على بسطاء الناس ممن يمثلون غالبية المصريين.. ويظل السؤال عما إذا كان فى مقدور هذه الغالبية أن تتحمل وإلى متى!.

هذا هو التوازن الدقيق الذى على الحكومة.. أى حكومة.. أن تراعيه وأن تمارسه، فلا تتجاهل ما تدعوها إليه حسابات الاقتصاد الجافة بالورقة والقلم، ولا تتغافل فى الوقت نفسه عن أن هؤلاء الناس هُم رعاياها، ومن واجبها ألا تضع على كاهلهم ما يفوق طاقتهم على التحمل، كما أن من حقهم أن يعيشوا حياةً على مستوى فيه الحد المعقول من الآدمية.

مقتضيات السياسة تدعو الحكومة إلى ألا ترفع أسعار الطاقة، ويدعوها منطق الاقتصاد إلى أن ترفعها، ولكن تظل براعة الحكومة سياسيًّا فى قدرتها على أن تجمع بين الحُسنيين دون مخاطر مكلفة، وأن تحرص على مد «شعرة معاوية» بينها وبين الناس، فلا تنقطع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة لها رأى آخر السياسة لها رأى آخر



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:34 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها
المغرب اليوم - إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها

GMT 00:51 2025 الأربعاء ,10 أيلول / سبتمبر

مصر تتوجه إلى مجلس الأمن بسبب تطورات ملف حوض النيل
المغرب اليوم - مصر تتوجه إلى مجلس الأمن بسبب تطورات ملف حوض النيل

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 13:22 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

مانشستر يسعى للتعاقد مع فاران في أقرب فرصة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرفي على طرق ترتيب المنازل الصغيره

GMT 03:36 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

ديكورات شقق طابقية فخمة بأسلوب عصري في 5 خطوات

GMT 14:30 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حسن يوسف يشتري الورود لشمس البارودي في عيد ميلادها

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي منتجعات تضمن لك صيفا لا يُنسى

GMT 06:36 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

كاتي هولمز تتألق في فستان رقيق بلون البرقوق

GMT 22:37 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الهنود يستهلكون كميات أقل بكثير من الكالسيوم

GMT 20:28 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ماسبيرو زمان" تعيد عرض برنامج جولة الكاميرا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib