حال العالم بين صلعة ولحية
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عددًا من القرى والبلدات في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة برج كونتي التاريخي في العاصمة الإيطالية روما يتعرض لإنهيار جزئي ما أسفر عن إصابة عمال كانوا يعملون على ترميمه وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 26 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات فوق الأراضي الروسية مقتل سبعة متسلقين وفقدان أربعة في إنهيار جليدي غرب نيبال رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان أكثر من 3.2 مليون مسافر أميركي يتأثرون بتعطّل الرحلات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وسط تداعيات الإغلاق الحكومي منظمة الصحة العالمية تنشر فرق إنقاذ بعد وقوع بلغت قوته 6.3 درجة شمالي أفغانستان مقتل 7 بينهم أطفال وإصابة 5 آخرين جراء استهداف مسيرة لقوات الدعم السريع مستشفى كرنوي للأطفال الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل محمد علي حديد القيادي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله الهند تطلق أثقل قمر اصطناعي للاتصالات بنجاح إلى مداره الفضائي
أخر الأخبار

حال العالم بين صلعة ولحية

المغرب اليوم -

حال العالم بين صلعة ولحية

سليمان جودة
بقلم: سليمان جودة

حدث في 11 فبراير (شباط) من السنة الماضية، أن استقبل مستشفى سمالوط العام في محافظة المنيا جنوب القاهرة مولودة جديدة، وكان اسم المولودة ياسمين رمضان محفوظ.
وقد اشتهرت هذه المولودة وقتها كما لم تشتهر مولودة قبلها، وكان السبب أن سكان مصر وصلوا بولادتها إلى 100 مليون إنسان، وكان مجيئها إلى الدنيا كأنه جرس إنذار، وكان سبب الإنذار أن الحكومة ترى مواردها أقل من أن تستطيع مواجهة حاجات المائة مليون.
وفي هذه السنة تكررت حكاية ياسمين، ولكن على نطاق أوسع بكثير، هو نطاق العالم كله على امتداده، وكان ذلك عندما جاءت مولودة فلبينية إلى الدنيا اسمها فينيس.
كانت أم فينيس تحمل اسم مارجريت، ولم تكن تعرف أن العالم سيكون على موعد مع ابنتها، بالضبط كما كان المصريون على موعد مع ياسمين، فلقد اكتمل سكان العالم بوصول فينيس 8 مليارات إنسان، وفي عام 2011 كان سكان العالم سبعة مليارات.
ومع وصول سكان الكوكب إلى هذا الرقم تجدد الكلام عن العدد المتزايد، وعمّا إذا كانت موارد الأرض كافية لمواجهة حاجات هذا العدد، أم أن نظرية توماس مالتوس لا تزال صحيحة؟!
كان مالتوس من أساتذة الاقتصاد الإنجليز، وكان تقديره أن معدل زيادة السكان أسرع بكثير من معدل الزيادة في الغذاء عالمياً، وكان يقول إن المعدل الأول اسمه المتوالية الهندسية، وإن الثاني متوالية عددية، وإن سرعة الأول أضعاف أضعاف الثاني، وإن هذا يؤدي في النهاية إلى أن يواجه العالم مشكلة في توفير غذاء الكثيرين من سكانه، وإن الطبيعة هي التي تتدخل لحل هذا الإشكال.
والمشكلة أنَّ تدخُّل الطبيعة الذي رآه يأتي عنيفاً في العادة، لأنه يتم من خلال الأمراض والحروب والأوبئة، التي تضرب العالم كلما زاد عدد سكانه بوتيرة أسرع مما تزيد بها موارده في الغذاء بالذات. ولم تكن نظرية مالتوس قرآناً مقدساً، ومع ذلك آمن بها كثيرون بقوة، ولا يزال هؤلاء الكثيرون يرددون نظريته ويعودون إليها، كلما كان العالم على موعد مع تعداد سكاني جديد.
وفي أيام فيروس «كورونا»، خصوصاً في عز ذروته، كانت هذه النظرية الإنجليزية حاضرة بقوة، وكان الذين يعتقدون في صحة نظرية مالتوس يلوذون بها في تفسير ما كان يحدث، وكان الوباء كلما دخل مرحلة جديدة من مراحل تطوره، انتعش الحديث عن النظرية، وعن أن صاحبها كان على حق، وعن أن ما يتواتر من أنباء عن تصنيع الفيروس في مختبر إنما يدل على أن مالتوس كان بعيد النظر.
وكان اختفاء «كورونا» فجأة، بمثل ما ظهر فجأة، مما يقوي حديث نظرية المتواليتين ويدعمها، وكان هذا الحديث يجد الكثيرين الذين يصدقونه، ولا يزال.
كان رأي الأستاذ الإنجليزي الشهير هو رأي العلم بشكل أو بآخر، وإذا شئنا الدقة قلنا إنه كان رأي علم الاقتصاد على وجه الخصوص، لأن صاحب النظرية هو واحد من أبناء هذا العلم في التقييم الأخير، ولكنَّ هذا لا يعني أنه الرأي الذي يحتكر الحقيقة.
ولا يزال رأيه اجتهاداً يقدّسه بعض الناس ويلعنه البعض الآخر ويراه افتئاتاً على ما تقول به الكتب المقدسة، التي ترى مجيء كل إنسان إلى هذا العالم مقترناً بمجيء رزقه معه، وبالتالي فلا مجال للكلام عن متوالية هندسية تميّز السكان، ولا عن متوالية عددية يختص بها الغذاء.
وإذا كان مالتوس قد عاش ومات في القرن التاسع عشر، فإن العالم كان على موعد في القرن العشرين مع إنجليزي آخر كان رأيه على النقيض من الرأي الذي أسست له النظرية الشهيرة.
وكان هذا الإنجليزي الآخر هو الآيرلندي الشهير برنارد شو، الذي اشتهر بسخريته، كما اشتهر بأدبه المسرحي الذي كانت السخرية إحدى صفاته، وكانت هي طابعه الذي يميزه عن كل مسرح آخر، وكانت سخريته أداة من أدوات التعبير عمّا يرى من أمور عالمنا الذي عاشه ونعيشه.
كان برنارد شو يسخر من نفسه في بعض الأحيان، وكانت سخريته من نفسه سلاحاً آخر من أسلحته الأدبية في مواجهة مشكلات كان يراها من صنع العالم، وبالتحديد من صنع غير العادلين بين قادته، وليس من صنع متواليات هندسية أو عددية تبدو صعبة ومعقدة.
كان شو يتطلع طول الوقت إلى أحوال العالم من حوله، ولكن الزاوية التي كان يتطلع منها تختلف عن الزاوية التي كان مالتوس ينظر منها، وبمعنى آخر كان الأول يتطلع بقلبه، وكان الثاني ينظر برأسه، مع ما بين القلب والعقل من اختلاف في زوايا النظر.
وكان شو يخلط ما يراه بسخرية لاذعة وذكية لم تكن تفارقه، وكان هذا مما يمنح ما يقوله في هذه القضية وفي غيرها مذاقاً خاصاً لن تجده طبعاً عند مالتوس، وبكل ما يميز علم الاقتصاد من جفاف في الشكل، ومن جمود في المضمون، ومن صعوبة في الهضم، ومن افتقار إلى الروح التي بغيرها يفقد الشيء حيويته لدى الشخص الذي يتلقاه.
كان الأديب الساخر لا يشغله أن سكان العالم أكثر من موارد الأرض، ولكن كان يشغله أن الموارد ليست فقط موجودة، ولكنها كافية أيضاً، ولكن المشكلة كانت على الدوام في القدرة على توزيعها، وقبل القدرة على توزيعها، الرغبة في ذلك بصدق مع النفس وأمانة مع الغير.
ولم يجد طريقة يعبّر بها عن هذا المعنى سوى أن يتحسس صلعته التي اشتهر بها، ومعها لحيته التي كانت تتدلى على صدره وتغطيه، ثم يقول في ألم وسخرية: إن حال العالم كحال صلعتي ولحيتي... غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع!
هكذا عبّر الرجل عن معضلة العالم، وهكذا فعل في كلمات لا تكاد تتجاوز أصابع اليدين، وهكذا جمع المعنى من أطرافه وركزه في أقل الكلمات.
ولأنه كان يرى القضية بقلبه، فإنه كان يتعاطف مع الإنسان فيها، وكان تعاطفه مع الإنسان الأضعف لا الأقوى، وكان يرى الحل في عدالة التوزيع التي تواجه الإشكال، وكان يقصد العدالة التي لا ترى في الذين لا يجدون غذاءهم عبئاً على العالم يجب التخلص منه بأي طريقة، والتي لا تراهم حمولة زائدة يجب إلقاؤها من الطائرة حتى تواصل الرحلة إلى محطة الوصول.
ولكن نظرة مالتوس الجامدة لم يكن يستوقفها هذا كله، وكانت القضية تشغله على الورق أمامه، لا على الأرض أو في الواقع من حوله، وكان يحسبها بمتوالياته ويجمع ويطرح، ثم ينتهي إلى أن الطبيعة سوف تتدخل بحروبها، وأوبئتها، وأمراضها، وأنه لا حل آخر.
ولكن عدالة التوزيع التي عاش شو يحلم بها، لم تكن بالسهولة التي كان يتصورها بها، ولا هي بالسهولة التي قد نتخيلها في حياتنا، فكل القمم التي انعقدت بين دول الشمال والجنوب، أو بين الدول الغنية والفقيرة، كانت ترفع شعار شو، ولكنّ الشعار سرعان ما كان ينتكس بعد كل قمة، وسرعان ما كان العالم يعود للحديث عن صيغة بعد صيغة من صيغ العون والمساعدة.
وربما كان تولستوي هو الوحيد الذي استطاع أن يحوّل ما كان يتمناه شو من حلم إلى علم، فكان يأخذ من إقطاعياته ويوزّع على فقراء الناس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حال العالم بين صلعة ولحية حال العالم بين صلعة ولحية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 15:23 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة
المغرب اليوم - لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib