تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

المغرب اليوم -

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

في 11 سبتمبر 2025، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة في نيويورك لمناقشة الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، وأصدر بياناً يدين الاعتداء على سيادة قطر دون الإشارة إلى الجاني مباشرة.

يطرح هذا العدوان أسئلة كبيرة حول طبيعة العلاقات الدولية اليوم، وأبرزها: هل يكفي بيانٌ صادر عن نيويورك لردع صواريخ مقبلة من تل أبيب؟ هذا السؤال يعكس جوهر الأزمة الدبلوماسية الحالية بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مكتب قطر الذي يعد قناة خلفية أساسية للتواصل بين الأطراف، بما في ذلك واشنطن وتل أبيب، ويلعب دوراً حيوياً في ملفات حساسة مثل وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء المجاعة، وقضية الأسرى.

خطورة العدوان لا تكمن فقط في استهداف أشخاص أو مبانٍ؛ بل في استهداف البنية التحتية للوساطة كآلية للتعامل مع النزاعات الدولية. في بيانه الصادر في 12 سبتمبر، أدان مجلس الأمن الهجوم وأكَّد دعم سيادة قطر وحذر من مخاطر التصعيد. يمثل هذا البيان اعترافاً دولياً بانتهاك سيادة دولة عضو، ويشكل ضغطاً سياسياً، لكنَّه يوضح أيضاً محدودية قدرة البيانات التقليدية على ردع دولة قوية تحظى بدعم أميركي كامل. الرَّدع الفعلي يتطلَّب أدوات ملموسة مثل العقوبات الاقتصادية، والتَّدخل السياسي المباشر، وترتيبات المراقبة الدولية، وليس مجرد بيانات صحافية.

اليوم تنعقد قمة الدوحة العربية الإسلامية (15 إلى 17 سبتمبر 2025). وتأتي هذه القمة خطوةً عملية لدعم قطر وتعزيز قدرة الدول الوسيطة على حماية القنوات الخلفية للدبلوماسية للارتقاء بما جرى في مجلس للأمن لمستوى الحدث.

الجمع بين موقف مجلس الأمن والقمة الإقليمية يوفر أدوات ردع مزدوجة: الشرعية الدولية من جهة، والدعم الإقليمي العملي من جهة أخرى، مما يجعل أي اعتداء مستقبلي محفوفاً بالمخاطر السياسية والدبلوماسية، ويجعل إسرائيل تفكر مرتين قبل الإقدام على خطوة مارقة شبيهة.

التاريخ يوفر دروساً مهمة لتعزيز الردع وحماية الوساطة. في كولومبيا خلال التسعينيات، ساعدت ترتيبات مراقبة دولية للقوات المسلحة والميليشيات المحلية في حماية مفاوضات السلام بين الحكومة و«فارك»، إذ كانت أي محاولة استهداف قنوات التفاوض تعرّض المخالف لعقوبات مالية وسياسية مباشرة، مما أجبر الأطراف على إعادة حساباتها قبل ارتكاب أي تجاوز. في أوروبا، أثناء مفاوضات البوسنة في أواخر التسعينيات، ساعد وجود قوات مراقبة دولية ودور فعال للأمم المتحدة في حماية الاجتماعات السرية، في استمرار الحوار رغم التهديدات العسكرية المستمرة. أما في الشرق الأوسط، فقد أظهرت تجربة أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين، أن دعم القنوات الخلفية بعقوبات سريعة أو تهديد بعواقب دبلوماسية يزيد من فرص الالتزام، ويقلل من احتمال العودة للصراع المسلح.

تطبيق هذه الدروس على حالة قطر يتطلب صياغة آليات متعددة المستويات. أولاً، ترتيبات مراقبة دولية وإقليمية تضمن رصد أي محاولة استهداف للمكاتب الوسيطة فوراً. ثانياً، ضمانات أمنية للأشخاص والبنية التحتية، تشمل مشاركة مراقبين دوليين أو قوات محايدة أثناء الاجتماعات الحساسة. ثالثاً، تفعيل شبكة عقوبات سريعة وفعالة تشمل إجراءات مالية ودبلوماسية ضد أي طرف يخرق هذه الحماية، بما يجعل الاعتداء مكلفاً للغاية على المستويين الدولي والإقليمي.

بهذه الآليات، يمكن حماية الوساطة القطرية وجعل أي هجوم مستقبلي على الدوحة محفوفاً بالعواقب، مع تحقيق توازن بين الشرعية الدولية والدعم الإقليمي العملي. كما يظهر هذا النهج أن الردع لا يقتصر على البيانات الإعلامية؛ بل يعتمد على أدوات ملموسة وعقوبات سريعة وآليات مراقبة فعالة، وهو ما يعزز قدرة الدول الوسيطة على الحفاظ على القنوات الدبلوماسية المفتوحة في مناطق النزاع. نحن أمام سلوك دولة إقليمية مارقة ومن دون ردع جاد ستستمر الإبادة، ومعها تستمر العربدة الإسرائيلية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

GMT 17:49 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

دراويش الذكاء الاصطناعي

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019

GMT 17:07 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

رجل يصوّر زوجته عارية داخل فندق ويُهددها بنشر الفيديو

GMT 08:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

GMT 10:14 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

5 ميزات جديدة في تطبيق "واتساب" لمُستخدمي الأندرويد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib