المطربون وتسجيل القرآن

المطربون وتسجيل القرآن

المغرب اليوم -

المطربون وتسجيل القرآن

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

أعظم من قرأ القرآن فى التاريخ هو الشيخ محمد رفعت، صوته نفحة من الجنة، أعرف العديد من أصدقائى الأقباط يطيب لهم أن يبدأوا يومهم بالاستماع إليه، كانت وصية يوسف شاهين أن يشيع جسده على صوت الشيخ رفعت من جامع عمر مكرم، وليس معنى ذلك كما يحاول البعض ترويج هذه الشائعة أنه أشهر إسلامه، وهو ما حدث أيضًا مع نجيب الريحانى الذى كان عاشقًا لصوت الشيخ رفعت، ويحتفظ دائمًا فى مكتبه بالإنجيل والمصحف.

ما نسمعه فى الإذاعة بصوت الشيخ رفعت هو آخر ما تم إنقاذه من تسجيلاته، بمجهود فردى، بمساهمة عدد من الأصدقاء خلال مطلع الأربعينيات، قبل أن يفقد الشيخ رفعت صوته نهائيًا بعدها بخمس سنوات عندما أصيب بزغطة مزمنة اتضح بعد ذلك أنها سرطان فى الحنجرة.

الشيخ رفعت كان ضحية مفهوم ضيق وقاصر للدين، عاصر زمن الأسطوانة والتسجيلات الإذاعية، وكان بالفعل فى طريقه لتسجيل القرآن كاملاً بصوته لولا أن هناك من قال له: (يا مولانا كيف تأمن على تلك الأسطوانة ألا تُسمع فى مكان لا يُوقر فيه القرآن؟)، فتراجع شيخنا الجليل.. قيل أيضًا إن هناك خلافًا فى الأجر حال بين الشيخ وتسجيل القرآن فى الإذاعة المصرية الوليدة عام ١٩٣٤، بينما وافق فى نفس الفترة الزمنية على تسجيل سورة «مريم» لإذاعة الـ«بى بى سى» اللندنية، وكان يعتقد أن هذا محرم لأنهم غير مسلمين، إلا أنه سأل شيخ الأزهر الظواهرى فأباح له التسجيل.. ورغم ذلك فأنا لا أستبعد التفسير الأول لأنه من المعروف أن الشيخ رفعت كان من الممكن أن يحيى ليلة بتلاوة القرآن مجانًا لعائلة فقيرة، لمجرد أن هذه كانت هى وصية المرحوم، ولهذا أجدنى أميل إلى تصديق أن العقول التى تكره دائمًا المستحدثات العلمية وتناصبها العداء هى التى فرضت قانونها، مستندة لهذا الحديث: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار)، نعم كل ضلالة فى النار، ولكن هل كل بدعة بالضرورة ضلالة؟.

أتصور أن الشيخ خضع إلى مبدأ لا تقربوا الشبهات، وهكذا فإن ما تبقى من تسجيلات على ندرتها فى الإذاعة تمت معالجتها هندسيًا، كما أن الشيخ الراحل أبوالعينين شعيشع شارك فى استكمال بعض الآيات التى من الممكن أن تضيع فيها بعض الحروف، لأن هذه التسجيلات التى أعدها الهواة كانت تجرى فى الهواء الطلق، وتمت فى مرحلة لم تكن التسجيلات الصوتية بهذه الكفاءة، كم فقد الإسلام بل والبشرية صوت الشيخ رفعت بسبب تلك النظرة التى تخاصم العقل والمنطق.

ولم نفقد فقط صوت الشيخ رفعت بل إن أم كلثوم كانت تتمنى تسجيل القرآن كاملاً بصوتها، وهى بالطبع استندت إلى ثقافتها وتدرب صوتها على الأداء القرآنى وحفظه، كما أن لها تسجيلاً لسورة (إبراهيم) من الذكر الحكيم فى فيلم «سلامة»، ولم يعترض وقتها أحد فى منتصف الأربعينيات، متعللاً بأن صوت المرأة عورة، وللعلم الشيخ زكريا أحمد هو الذى تولى تدريبها على الأداء.

إلا أن الأزهر الشريف اعترض على رغبة أم كلثوم فى تسجيل القرآن كاملًا، فلم تكرر المحاولة، الموسيقار محمد عبدالوهاب، وثقافته أيضًا دينية، وكان يحفظ القرآن الكريم على يد شقيقه الكبير الشيخ حسن إلا أنه لم يجد ترحيبًا من الأزهر، كان قد تردد أن نجاة تريد تسجيل القرآن وأنها تقدمت للأزهر بهذا الطلب، وعندما استفسرت مباشرة منها قبل بضع سنوات قالت لى وقتها إن الخبر لا أساس له من الصحة، وإنها على حد قولها لم تشأ تكذيبه لأن الخبر الكاذب يُكذب نفسه بنفسه، فى السنوات الأخيرة لدينا أكثر من مطرب فكر جديًا فى تسجيل القرآن بصوته.

كل المحاولات السابقة باءت جميعها بالرفض، بالطبع لو ثبت أن هناك خطأ ما فى الأداء لا يجوز طرح الشريط للجمهور، ولكن هل المطرب ليس من حقه، لكونه مطربًا، أن يسجل القرآن، هل الصورة الذهنية للمطرب وما قدمه من أغنيات عاطفية تجعله غير لائق لتسجيل القرآن؟.

أتصور أن الأزهر الشريف ينبغى أن يعيد النظر فى العديد من تلك الممنوعات، ويكفى أن نذكر أن أغلب المطربين والملحنين حتى النصف الأول من القرن العشرين كانوا يحملون لقب شيخ، مثل سلامة حجازى وسيد درويش وزكريا أحمد، وصولًا إلى سيد مكاوى.

أفضل من قرأ القرآن هو (صوت الجنة) الشيخ محمد رفعت درس وتمرس على أداء المقامات الموسيقية، بل كان يدندن بالغناء بين الأصدقاء!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المطربون وتسجيل القرآن المطربون وتسجيل القرآن



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib