عصر ما بعد «الكمامة»

عصر ما بعد «الكمامة»

المغرب اليوم -

عصر ما بعد «الكمامة»

بقلم - طارق الشناوي

سيظل هذا العام مختلفاً واستثنائياً في تاريخ البشرية، مهما توالت عقود من الزمان، ستتم الإشارة إلى 2020 بتفاصيل متعددة، سنجد أكثرها دلالة هو الكمامة، التي تفننوا في صناعتها، كل دولة أضافت لها بصمة، وكل مجتمع منحها نكهة، في الشوارع المصرية مثلاً، وبعد التشدد في تطبيق القانون الصارم بدفع الغرامة، صار من النادر أن تعثر على من لا يرتدي الكمامة حتى وهو مترجل.
في العديد من دول العالم لم تعد وظيفتها فقط الحماية من انتشار الفيروس، صار البعض يضيف إليها قيماً جمالية، طالما صارت مفروضة علينا، فلا بأس من إضافة شيء ما يمنحها قدراً من القبول، لن يختفي الاحتراز بسهولة من الحياة، حتى في الدول التي بدأت تعلن التعافي، سنحتاج جميعاً إلى فترة تأهيل أو نقاهة، من يضع يده أو قدمه في الجبس بضعة أشهر، لا يستخدمها بمجرد إزالته، يظل الأمر بحاجة إلى تدريبات مبدئية حتى تعود الحركة إلى طبيعتها، وأيضاً التواصل الاجتماعي بمفرداته المتعارف عليها سيحتاج إلى مرحلة زمنية حتى نألفه مجدداً.
دأبت العديد من الأفلام الكوميدية في الماضي على تقديم ملمح ساخر لتلك الشخصيات التي تتوجس من الجراثيم، ومن السلام على الآخرين، الكوميديان الكبير عبد السلام النابلسي ينتشر له على الإنترنت أكثر من مشهد احترازي، كانت تثير في الماضي ضحكاتنا، الآن نعتبره سابقاً لزمنه. من أكثر الاحترازيين الذين التقيت بهم واقعياً الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، والكاتب الكبير أنيس منصور، كان الأستاذ أنيس لديه في مكتبه زجاجة «كولونيا»، وبين الحين والآخر يضع منها قطرات على يديه، بينما عبد الوهاب، قبل أن يلتقي ضيوفه كان يطلب منهم أن يقولوا «ممنون»، وعندما يتأكد أن الميم ميم والنون نون، يسمح باللقاء، هذا يعني بالنسبة له، أنه لا توجد إصابة بالبرد، كان يخشى دائماً من العدوى، كما أنه عندما يأتيه الطبيب في المنزل بسبب أي عارض صحي طارئ، يطلب منه أن يُقسم على المصحف أنه ليس لديه أي مرض خطير.
الاحتراز حتى قبل «كورونا» كان ولا يزال درجات، كما أن الدول في تعاملها مع التعافي من الجائحة تخضع لدرجات متفاوتة، السينما بدأت تتحسس خطوات العودة، والتصوير سيراعي تقليل العدد، والتعامل مع مشاهد المجاميع بقدر كبير من توفر شروط الأمان. وتبقى المهرجانات، المتفائلون يقولون إن مهرجان «فينيسيا» في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) سيشهد العودة، بينما الواقعيون، ولا أقول المتشائمون، يؤكدون أن الأمل في مهرجان برلين، الذي يقام في شهر فبراير (شباط) المقبل، فهو آخر مهرجان عالمي شاركت فيه عشرات من دول العالم وشهده آلاف من الجماهير، وهو بالصدفة سيصبح أيضاً أول مهرجان سيشهد العودة لإقامة المهرجانات الواقعية وليست الافتراضية.
إجراءات العزل، حتى لو بالمنزل، لا يمكن أن تتوافق مع أي مهرجان، لأن هذا يعني أن على الضيف خسارة شهر من عمره، أسبوعين قبل بداية المهرجان، في البلد المضيف، وأسبوعين بعد عودته إلى بلده، فمن يتحمل هذه الأعباء مادياً ونفسياً، الكل ينتظر أن يأتي الحل السحري المتمثل في العثور على مصل ينهي الخوف من هذا الفيروس، إلا أنه سيظل يعيش في الذاكرة، ولا أتصور أن أفلامنا القادمة ستخلو من الإشارة إلى الكمامة، وسنطلق على زماننا الحالي «عصر ما بعد الكمامة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصر ما بعد «الكمامة» عصر ما بعد «الكمامة»



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

ليلى أحمد زاهر تلهم الفتيات بإطلالاتها الراقية ولمساتها الأنثوية

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:23 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

تفاصيل دفن الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي

GMT 10:57 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

النادي الأهلي ينظم بطولتي أفريقيا للكرة الطائرة رسميًا

GMT 03:36 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رياض يكشف عن أهم مشاهده في"الأب الروحي2"

GMT 18:56 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

محسن متولي أفضل لاعب في الدوري القطري لشهر تشرين الأول

GMT 10:54 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

"شانغريلا دبى Shangri-La Hotel Dubai "صرح من الأناقة فى حرم الصحراء

GMT 07:12 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

أحذية "البلاتفورم" صيحة جديدة في عالم الموضة

GMT 07:22 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أزياء "موسكينو ريزورت 2019" بوحي من عالم السيرك

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

سعر الدرهم المغربي مقابل الدرهم الإماراتي الأربعاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib