أستاذنا رؤوف توفيق

أستاذنا رؤوف توفيق

المغرب اليوم -

أستاذنا رؤوف توفيق

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

جاء رحيل الأستاذ والكاتب والناقد الكبير رؤوف توفيق حتى يوقظنا من غفلتنا، ونتذكر كم نملك من أيقونات إبداعية فى حياتنا بينما نحن آخر من يعلم أو يهتم.

آخر لقاء جمعنى بالناقد الكبير فى إحدى لجان مؤسسة ساويرس الثقافية لاختيار أفضل سيناريو وذلك قبل نحو أربع سنوات، كنت سعيدًا بأننى سأحظى بلقاء الأستاذ أكثر من مرة خلال اجتماعات اللجنة، ووجدت الأستاذ كما عهدته دائمًا ينحاز للفكر الحر الذى يقفز فوق سور التقليدى والمتعارف عليه، يمارس الديمقراطية كما ينبغى، لا يسارع بإبداء رأيه قبل الاستماع للآخرين.

أنا بين دائرة محدودة لحقت الأستاذ رؤوف فى مهرجان (كان) السينمائى فى مرحلة التسعينيات وبدايات الألفية الثالثة، وكانت تصاحبه زوجته الأستاذة الفاضلة منى ثابت الكاتبة والناقدة فى (آخر ساعة)، متعة أن تتابع المناقشات التى كان أطرافها الأستاذ رؤوف مع صديقه الأقرب الإعلامى الكبير يوسف شريف رزق الله والناقد والكاتب الكبير د. رفيق الصبان.

دروس لا تُقدر بثمن فى تحليل الشريط السينمائى من مختلف الزوايا، الأستاذ رؤوف ظل يتعامل مع الكتابة الصحفية بروح الفنان وليس الصحفى الذى يعنيه اقتناص الخبر حتى لو فاته جمال الإبداع، الزمن هو العدو الأول للكاتب الصحفى، بينما الأستاذ رؤوف تمكن من قهر صوت الصحفى حتى ينتصر الكاتب، ممتلكًا الوقت الكافى لكى يرسل مقاله الأسبوعى متأخرًا قليلًا عن الآخرين، ثم نكتشف جميعًا أن تلك المقالات التى فاتها تحقيق (السبق) الصحفى، إلا أنها حققت ما هو أغلى وأقيم وأكثر بقاء مع الزمن وهو (الصدق)، فهى قادرة على أن تبهرك مهما مضت السنوات، بما امتلكته من السحر الخاص فى التعبير الذى لا تنال منه الأيام.

اقتربت من الأستاذ رؤوف عندما عملت تحت قيادته المباشرة على مدى ثلاث سنوات فى مجلة (صباح الخير)، كانت قد حدثت مشكلة مع إدارة تحرير (روزاليوسف) وتوقفت عن النشر، تدخل الأستاذ لويس جريس وكان وقتها رئيسًا لتحرير (صباح الخير) واقترح أن أكتب فى (صباح الخير) وكان الأستاذ رؤوف هو رئيس قسم الفن بالمجلة.

القسم به أسماء صحفيين أثبتوا جدارتهم مثل الأساتذة محمود سعد ومنى فوزى والراحلتين إيناس إبراهيم وعفاف على، كما أن الراحل الأستاذ محمد الرفاعى كان ينفرد بكتابة صفحة فنية ساخرة، وبين الحين والآخر، كان الأستاذ أكرم السعدنى يساهم فى الكتابة على طريقته المحببة.

ورغم أن القسم كان مكتظًّا بكل هؤلاء الموهوبين، إلا الأستاذ رؤوف فتح لى مساحة، كانت هى الأجمل طوال المشوار، لأنها كانت تدفعنى فى البحث عن فكرة مختلفة، وكان الأستاذ رؤوف كثيرًا ما يدعم تلك الأفكار، بإضافاته الخاصة.

كتب الأستاذ رؤوف للسينما والتليفزيون، وأقف تعظيم سلام أمام فيلمه الأهم (زوجة رجل مهم) للمخرج محمد خان، الذى كان هو الأقرب بين كل المخرجين لروح الأستاذ رؤوف، السيناريو يتحرك على حد السيف، يحلل شخصية ضابط كبير يُحال للتقاعد فى أمن الدولة، وهذا وحده كافٍ حتى تعامله الأجهزة بقدر غير محدود من الحساسية.

وحتى يتم تمرير السيناريو رقابيًّا شاهدنا معركة ساخنة، خاضها باقتدار ونعومة الأستاذ رؤوف بتمرير الفكرة وعدم إثارة حفيظة الدولة التى تعتبر تلك المنطقة محظورة، كاتبنا الكبير قال كل شىء بدون أن تشهر الدولة فى وجهه سلاح المصادرة.

كان لدى الأستاذ رؤوف أكثر من عمل مكتوب لم ير النور، بينها سيناريو- لا أتذكر اسمه- رشح له محمد خان يتناول السيرة الذاتية لقبطى ولد فى 23 يوليو52، ويبدأ فى سرد شريط حياته حتى 30 يونيو 3013، تحمس خان لتلك الإطلالة، غير التقليدية لسرد تاريخ مصر ولكن القدر لم يمهله لتقديم المشروع.

وداعًا أستاذنا الجليل رؤوف توفيق العائد لصديقيه الأقرب إلى وجدانه يوسف شريف رزق الله ومحمد خان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أستاذنا رؤوف توفيق أستاذنا رؤوف توفيق



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 07:55 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة
المغرب اليوم - إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib